بقلم – عبد اللطيف حامد
لا يوم يمر على مصر منذ ثورة ٣٠ يونيه دون شائعة جديدة بل عدة شائعات تسعى لضرب استقرارها، تنظيم المرجفون فى المدينة، يسعى لنشر البلبلة، وتثبيط الهمم، يتلاعبون بأعصاب الناس، يكذبون ليل نهار، لتعطيل مسيرة الوطن، وتكدير الأمن الاجتماعى، ويحولون كل نصر إلى هزيمة، وكل إنجاز إلى مأزق، وكل بناء إلى هدم، فجروا فى خصومتهم السياسية، فلا يسعون إلا للخراب والدمار والرقص على جثة الوطن، قاتلهم الله، وحمى مصر من شرورهم، وأحقادهم.
مخطط قذر يستهدف الروح المعنوية للمصريين، ويسعى بكل الحيل والألاعيب لإفشال الدولة فى مختلف المجالات، فلا تتصدى الحكومة بكل وزاراتها وجهاتها لشائعة حتى تظهر أخرى أكثر شراسة، وخبثا، ولؤما، يريد صنّاعها إرباك المؤسسات، وتشكيك المواطنين عمال على بطال.
جماعة الإخوان الإرهابية وحلفاؤها، ومن سار على دربهم من الكارهين لبيان ٣ يوليو ٢٠١٣، الذى أفلت مصر المحروسة من قبضتهم، لا يكلون ولا يملون من نشر الشائعات، لدرجة أن مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء يكاد يكون متفرغا للرد على الأراجيف الإخوانية لدرجة تدشين تقرير للرصد الدوري بصفة أسبوعية للشائعات المثيرة للجدل في وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي بل حتى المواقع الإخبارية، ومتابعة ردود الأفعال وتحليلها من أجل توضيح الحقائق كاملة، بعد تواصله مع الوزارات والجهات المعنية.
تخيلوا أن عدد تقارير توضيح الحقائق من مركز المعلومات منذ أكتوبر ٢٠١٤ إلى منتصف يوليو الماضى وصل إلى نحو ٨٣ تقريرا، بمعدل يفوق ٤٤٦ شائعة مثيرة للجدل، مما يؤكد أن ماكينة الشائعات الهدامة لا تتوقف عن الدوران، تنفث سمومها الزعاف، بلدغات أفعى شراقى، عطشا إلى الدماء لا تروى أبدا حتى تقطع رأسها.
مسلسل الشائعات المغرضة متعدد الحلقات لا ينتهى كالدراما التركية رتيبة الأحداث، متكررة المشاهد، ولما لا وكثير منها صنيعة تركيا وقطر بتوجيهات التنظيم الدولى للإخوان، لكن أكثرها تداولاً، حتى بعد نفيها عدة مرات ٧ شائعات ـ وفقا للقائمين على تقارير توضيح الحقائق بالمركزـ فى مقدمتها نقص وزيادة أسعار السلع التموينية، طبعا هم يعلمون أن هذا الوتر حساس لدى الناس، وسيدفعهم فرادى وجماعات إلى التكالب على السوبر ماركت، والسلاسل التجارية رغبة فى تأمين «خزين البيوت» خوفا من ندرتها أو غلائها، وهنا يقوم هؤلاء المخربون ومروجو الأكاذيب بتصوير التدافع بالموبايلات، ونشرها على «السوشيال ميديا» ومواقعهم المسبحة بحمدهم لتقليب الرأى العام فى الداخل والخارج ضد الحكومة.
أما الشائعة الثانية فهى إلغاء منظومة سلع نقاط الخبز بحجة تخفيض المبلغ المرصود للدعم، فهم يعرفون أن عدد المستفيدين من البطاقات التموينية يفوق ٧٠ مليون مواطن مقيدين على نحو ٢١ مليون بطاقة، ولو نجح المخطط الملعون سيتحرك عشرات الآلاف أو مئات الآلاف ليعيدوا للمشهد المليونيات التى أوقفت حال البلد عدة سنوات بشكل أسبوعى أو شهرى منذ ثورة ٢٥ يناير، وما تبعها من مظاهرات فئوية أرهقت الموازنة العامة، وضربت دولة القانون والمؤسسات فى مقتل لم نسلم منه إلا بعد ثورة ٣٠ يونيو، وما الأمر ببعيد لو تذكرون.
وثالث الشائعات، رفع سعر رغيف الخبز المدعم، ومن المؤكد أن هذه الأكذوبة قادرة على تحريك الملايين، ومروجوها الملاعين يضعون نصب أعينهم انتفاضة الخبز التى حدثت في يومى ١٨ و ١٩ يناير ١٩٧٧ فى بعض المدن، كله إلا رغيف العيش، والمثل الشعبى يقول «عض قلبى ولا تعض رغيفى»، وهذا يفسر تكرارها بشكل متقارب، فهم لا يتحركون عبثا بل بشكل منظم، وشغل شياطين، أعاذ الله الوطن منهم، ومن وسوستهم فى صدور الناس.
ورابعها شائعة ارتفاع أسعار الأدوية ونقص المستلزمات الطبية، وهنا يتلاعبون بآلام المواطنين، لمصالح شخصية، وسياسية، فى حين أن أبسط القواعد الابتعاد عن أوجاع المرضى، يكفيهم ما هم فيه من متاعب، جسدية ونفسية، لكن المتآمرين على البلد لا يتركون واديا للإضرار به إلا سلكوه من أوسع أبوابه.
وتأتى شائعة رفع أسعار المواد البترولية فى المرتبة الخامسة، وهنا يخططون للتزاحم على محطات الوقود، حتى يغلق أصحاب السيارات الشوارع والميادين، ويقطعوا الطرق كبداية لإشعال فتيل الخناقات، والتقاتل فيما بينهم خاصة أن زبانية الشر يتواجدون لتقليبهم على بعض، ويليها شائعة زيادة أسعار فواتير الكهرباء ورفع الدعم عن الطاقة، وتلك الشائعة الهدف منها التغطية على نجاح الدولة فى علاج أزمة انقطاع الكهرباء المتكرر على مدى العديد من السنوات الماضية لنسف النجاح من جذوره، وأخيرا شائعة ارتفاع أسعار تذاكر السكك الحديدية ومترو الأنفاق، لخلق الأجواء لتعطيل هذين المرفقين الهامين خاصة أن مستخدميهما بالملايين يوميا.
خابت مؤامراتهم مهما كانت قائمة شائعاتهم لا تنضب لأن مصر شعبا ونظاما وحكومة تدرك تفاصيلها، وتتصدى لها بقلب من حديد، وعزيمة لا تقهر.