السبت 23 نوفمبر 2024

الكاتب الصحفى الكبير كرم جبر: محاولات هدم الدولة «ليست فزاعة».. والخطط الشريرة ما زالت فى الأدراج

  • 5-8-2017 | 14:07

طباعة

حوارأجراه: سليمان عبد العظيم -أحمد جمعة

عدسة : علاء القصاص

يؤمن الكاتب الصحفى الكبير كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن وجود محاولات مستمرة لهدم الدولة المصرية ليس “فزاعة” للتخويف الدائم. فى يقيّنه أن تلك المحاولات الشريرة بدأت بالفعل منذ ٢٠١١ بخلق حالة من الفوضى، واستهداف مقدرات الدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها القوات المسلحة والشرطة.

“الخطط الشيطانية ما زالت فى الأدراج”.. يقولها “جبر”، وفى اعتقاده أن الصحافة القومية ما زالت قادرة على القيام بواجبها فى التعريف بأركان تلك المؤامرات والكشف عنها، و قراءة الأحداث المقبلة والتحذير منها، وتحصين الرأى العام ضد الشائعات والأفكار المغلوطة.. وإلى نص الحوار:

الرئيس السيسى وجه الدعوة لوسائل الإعلام لتعريف الرأى العام بمحاولات هدم الدولة.. فى رأيك ما حجم المؤامرة التى تتعرض لها مصر حاليًا؟

محاولات هدم الدولة خلطة شيطانية من مؤامرات حدثت لتفكيك دول أخرى، سواءً فى أوربا أو منطقة الشرق الأوسط، وهذه الخلطة مزيج من إثارة الفتن والحروب الدينية وهذا ما زال موجودًا حتى الآن بإثارة الفتن بين المسلمين والأقباط، وفتنة الأشرار التى تتعرض لها مصر بتمزيق النسيج الوطنى، وهذه خطة أمريكية، تستهدف إيقاظ الصحوات الإسلامية فى الشرق الأوسط.

والأمر الثانى هو استدعاء تجارب الحروب الدينية فى أوربا التى كانت فى القرن الـ ١٧ بإذكاء الحرب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت وهذه أفنت “ثلث” الشعب الألمانى، كما حاولوا تطبيق عنف الجماعات الدينية فى ارتكاب الجريمة، سواء بالرمى من النوافذ العالية أو الاغتصاب والانتهاك الجنسى، وكذلك استدعاء تجربة تفكيك الاتحاد السوفيتى إلى دول صغيرة، وهم يتخيلون أن مصر لن تستعصى عليهم، ولكن من الواضح أن مصر استعصت بالفعل عليهم ولم ينجحوا فى مؤامراتهم.

ثم استدعوا بعد ذلك تجربة أوربا الشرقية، التى كانت فى ٢٠٠٤، والتى سميت بالثورة البرتقالية أو ثورة “الألوان”، ونلاحظ ظهور تلك الألوان واسترجاع نفس التجربة بـ”كوفية أيمن نور” بميدان التحرير.

وما ملامح هذه المؤامرة؟

المؤامرة تتضح من محاولة ضرب الروح المعنوية للشعب وهدم أركان الدولة المصرية، وهم يعتمدون على هدم أركان الجيش باعتباره أساس قيام الدولة، وبدأت تلك المحاولات بعد ٢٠١١ بضرب الثقة بين الجيش والشعب بخلق قصص وهمية عن التعذيب، وإطلاق شعارات مسيئة للمؤسسة العسكرية، وكل تجارب الدول التى تفككت وانهارت بدأت بإسقاط الجيوش، وهى القوة الحاكمة التى تستطيع ضبط الأمور، هذا هو شكل المؤامرة التى طُبقت أجزاء منها فى مصر لضرب الدولة المصرية، وأضافت أمريكا غلافا فاسدًا للوجبة الفاسدة عن طريق استغلال شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

متى بدأ التخطيط لهذه المؤامرة ضد مصر؟

المؤامرة كانت قادمة قادمة، ولكن بالنسبة لمصر تأخرت بعض الشىء، فهذه الخطة الشيطانية بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفييتى مطلع التسعينيات، بعدها انتهى المعسكر الشرقى، وهناك توجه بتقسيم العالم من جديد مثلما حدث بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وانتهت الحرب الباردة وكان من الضرورى تصفية جيوب الخارجين عن المعسكر الغربى، وكان هذا التوجه تحديدًا للدول التى لها ميول اشتراكية، خاصة مصر وسوريا والعراق واليمن، وكلها دول لها أنظمة ثورية.

مصر كانت فى فوهة المخطط، لأنه بسقوطها سينهار الشرق الأوسط كاملًا. ودعنا نؤكد أن الخطط ما زالت فى الأدراج، ولكن تم تأجيل تنفيذها ولم تنته.

المتغيّر الثانى، أن أحداث ١١ سبتمبر هى التى فتحت الجحيم على المنطقة، والبرنامج الانتخابى للمرشح الرئاسى حينها “بوش الابن” لم يتضمن سطرًا واحدًا عن الشرق الأوسط أو القضية الفلسطينية، وكان يتجه إلى العدو الجديد بالنسبة لهم فى الصين وكوريا الشمالية إلى أن وقعت أحداث ١١ سبتمبر.

وقبل ١١ سبتمبر، كانت أمريكا تهيئ نفسها لـ”حرب النجوم”، واستدعوا المخرج جورج لوكاس لإنتاج مجموعة من الأفلام عن حرب النجوم وأنفقوا عليها ٢٠ مليار دولار، وبدأت أمريكا فى تهيئة المجتمع كعادتها عن طريق السينما، لأن الخطر الذى كان يهدد أمريكا فى هذا الوقت هو الصواريخ الباليستية التى تمتلكها الصين وكوريا الشمالية، وكان الأمريكان بحاجة إلى وسيلة مواجهة عن طريق برنامج غامض للأقمار الصناعية.

١١ سبتمبر كانت بداية الانقلاب لأنهم اكتشفوا أن الخطر ليس الصين ولكن الإسلام، وطوروا الاستراتيجية من حرب النجوم إلى هدم الكهوف، لكنهم اكتشفوا أن الطائرة من الممكن أن تتحول إلى صاروخ، وأن البندقية الآلية أقوى تأثيرًا من الصواريخ الباليستية، فغيروا الاستراتيجية وبدأت أمريكا تنزل بثقلها إلى منطقة الشرق الأوسط وساعد على ذلك الخلفية الدينية المسيحية العنصرية المتطرفة لبوش الابن، وبدأ يضفى على الحرب صفة الحرب الدينية، وكان يصف الحملات بأنها “النسر النبيل”، وكان ذلك عنوانا لأكبر حروب الحملات الصليبية، وبعد أن تم استكمال الخطة بعد تدمير البوابة الشرقية للوطن العربى متمثلة فى العراق، جاء الدور على دول الربيع العربى وفى القلب منها مصرـ

هل اقتصرت المؤامرة على استهداف المؤسسة العسكرية فقط؟

مصر جربت ضدها أدوات كثيرة جدا، سواء بهدم الجيش، أو الحرب الاقتصادية وإثارة نوع من الفوضى لإضعاف الاقتصاد الوطنى، وتغذية الشارع بحالات من الاعتصام وتهييج مشاعرهم لأنهم يريدون مصر دولة فاشلة لا تستطيع أن توفر الأمن أو لقمة العيش لمواطنيها، وإذا حققوا هذا الهدف سقطت مصر دون حرب، وهذا ما ذكره نيكسون فى كتابه الذى أصدره عام ١٩٩٩ بمقولة “نصر بلا حرب”، كيف تستطيع أن تحقق انتصارًا على الدولة المستهدفة دون أن تطلق رصاصة أو يسقط قتيل أمريكى أو تتحمل نفقات.

وما الوسائل التى اعتمدت عليها هذه المؤامرة لإسقاط الدولة؟

اعتمدوا على وسائل هدم الدول لنيكسون: أن نشن حملة إعلامية مكثفة لتشويه الدولة المستهدفة عن طريق الطابور الخامس من النشطاء والسياسيين، الذين تتولى الولايات المتحدة الإنفاق عليهم، والأمر الثانى حشد القوى الأمريكية لنقنع الدولة المستهدفة أنها ستسقط دون محالة دون حرب، واستخدام تلك العقلية فى مصر، بحرب دعائية قوية جدا وتولت الجانب الأكبر منها المواقع الإلكترونية للإخوان بنشر مكثف للشائعات، والتأثير على الرأى العام المصرى بفكرة أن الدولة ليست فى استطاعتها حمايته، وفى الحقيقة الأمريكان كانوا يختارون سفراء لهم من خلفية عسكرية للعمل على تحقيق هذا المخطط مثل السفيرة جلاسبي.

تحدثت عن استخدام أمريكا للوبى لهم داخل مصر.. فمن هم؟

هم مجموعة من النشطاء، وفى أحد التسجيلات ذكرت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، أن واشنطن تمنح ٥٠٪ من المعونات التى كانت تُقدم للحكومة المصرية لنشطاء لا تعرف عنهم الحكومة شيئا!.

مصر مرّت بعثرات منذ عام ٢٠١١.. كيف استطاعت الدولة استعادة مكانتها ومقدراتها؟

بدأنا منذ ٢٠١٣، خطوات جادة لاستعادة الدولة المصرية، وبدأنا بالحفاظ على مؤسسات الدولة، بالحفاظ على الجيش كوحدة واحدة، وتنويع مصادر السلاح وأصبح من الجيوش التى لها ترتيب متقدم بالعالم، وكسر احتكار السلاح ولم تعد الولايات المتحدة الأمريكية المورد الرئيسى للسلاح إلى مصر، بل عقدنا صفقات سلاح مع الاتحاد السوفييتى ومع فرنسا.

هذه كانت رسالة.. أن مصر رغم الظروف الصعبة والحصار الدولى، لم تفقد القرار السياسى أو سيادتها على قرارها، وهذه كانت رسالة مهمة فى توقيت قاتل وأثبتت أن هناك جيشا يستطيع أن يحمى البلاد.

الأمر الثانى، بدأ إحياء جهاز الأمن وبدأ يتواجد فى الشوارع بشكل مكثف، بطاقات تدريبية أكبر، وهذا ما شاهدناه فى حفل تخرج كلية الشرطة. كما أن استعادة دور الشرطة بدأ بضرب تكتل الضباط الملتحين وأمناء الشرطة الخارجين عن القانون، وللأسف الشديد فهذا الشكل خلق نوعا من الاستياء لدى جموع المصريين، لأن ضابط الشرطة له شكل ومواصفات معينة ولا يخضع لأى تنظيم أو تيار دينى، فهو رجل وطنى يحافظ على الهيئة الشرطية.

وبدأ جهاز الأمن المعلوماتى فى العودة بالتدريج، بعد اقتحام مبنى أمن الدولة وفقد الخيط المعلوماتى، وعودة جهاز الأمن الوطنى بنظام جديد يحافظ على حقوق الإنسان ويستوعب التجربة كان أمرًا مهما للغاية للحفاظ على مؤسسة الشرطة.

المؤسسة الثالثة التى تم الحفاظ عليها، هى مؤسسة القضاء، والقضاة لم يسمحوا باختراقهم وأوقفوا كل تيارات الأخونة، وخاضوا معارك جديدة ضد النائب العام الإخوانى طلعت عبدالله وتصدوا له، وظهر منهم رؤساء نيابة على مستوى رفيع مثل المستشار مصطفى خاطر الذى دافع عن المتظاهرين فى أحداث الاتحادية، واتخذت قرارات ضد توجهات النائب العام الإخوانى، الذى أراد أن يلقى بهم فى السجون، لكن “خاطر” أعمل القانون وأفرج عنهم، وكانت رسالة من القضاء للجماعة الإرهابية أن القضاء غير قابل للأخونة.

وما دور الشعب المصرى فى إفشال هذا المخطط؟

الشعب تصدى لمحاولات تهييج الفتن بين المسلمين والأقباط، ولاحظنا أن أكبر عدد من حرق الكنائس وتهجير المسيحيين من القرى حدث فى عهد الإخوان، والمكسب من ذلك أن المسلمين هم من تولى حماية الكنائس وقدموا للأقباط الدعم المادى والمعنوى.

ولم نسمع خلال الفترة الماضية عن أقباط المهجر وتظاهراتهم فى أمريكا، كما أن البابا تواضروس فهم المغزى من وراء تلك الدعوات الطائفية، لأنه رأى أن ما حدث مع مسيحيى العراق، حدث بينما الغرب لا يحرك ساكنًا، كما أدرك الأقباط فى مصر أن الاعتداءات عليهم لسيت سوى ورقة للضغط على الدولة لتحقيق مكاسب سياسية، وتأكدوا أن الالتحام مع الوطن هو الضامن لأمنهم واستقرارهم باعتبارهم جزءا من النسيج الوطنى وليسوا أقلية.

البعض ينتقد غياب القوة الناعمة المصرية فى ردع محاولات إفشال الدولة.. كيف يمكن إيقاظها؟

الحقيقة أننا لم ننجح فى إيقاظ القوة الناعمة المصرية، وحاول الإخوان فى فترتهم ضرب القوة الناعمة المصرية المتمثلة فى جيوش الأدباء والمثقفين والصحفيين، وكانوا يستهينون بالهوية الوطنية مقابل الهوية الدينية، مع العلم أن الهويتين لا تتناقضان.. القوة الناعمة واستنهاضها من جديد تشكل صمود الناس، وتحمى الدولة بكل ممتلكاتها.

الحفاظ على حدود مصر وممتلكاتها لم يسلم من المؤامرة.. فما رؤيتك للحديث الذى تداول عن التفريط فى أجزاء من سيناء إبان حكم الإخوان؟

فكرة قطعة الأرض كان لها شاهدان، الأمر الأول أن الدستور الإخوانى ألغى المادة الموجودة فى دستور ٧١ والتى تمنع التنازل عن الأراضى، وأصبح التنازل عن الأراضى مباحًا، كما أن مجلس الوزراء فى فترة الإخوان برئاسة د. هشام قنديل أصدر قانونًا بحق رئيس الجمهورية فى تغيير الحدود، فأصبحت فكرة التنازل عن الأراضى بمقتضى القوانين الإلهية تسمح بالتنازل عن الأراضى، ولكن أوقف ذلك المشير عبدالفتاح السيسى عندما أصدر قرارًا حمل رقم ٢٠٣ بمنع التملك أو التصرف فى أراضى سيناء، واعترض رئيس الوزراء الإخوانى هشام قنديل باعتبار أن ذلك من اختصاص مجلس الوزراء، ولكن المشير السيسى أصدر قرارا باعتبارها مناطق عسكرية تخضع لولاية وزير الدفاع.

لقد سبق هذا القرار عمليات شراء للأراضى من العريش حتى الإسماعيلية تشبه تمامًا ما حدث فى فلسطين عام ٤٨، مع ما تردد عن منح الجنسية لعدد كبير من أعضاء حماس، وما تردد عن سرقة ماكينة تحقيق الشخصية، ونشرت مواقع حماس برنامجًا لتعمير منطقة حرة بين غزة وسيناء، بحيث تحصل على ١٠٠ كيلو متر من سيناء ويتم إنشاء ميناء ومطار لضمان الخدمات، ووقعت مذكرات تفاهم كان أطرافها ٣ “حماس وتركيا وقطر”، وكل ذلك مثبت فى الوثائق وأطالب الآن بالإفراج عنها، وخصصت قطر قرابة ٢٠٠ مليار دولار لتلك العملية، كما أن إسرائيل باركت هذا المشروع!

ما سر شراسة الإرهابيين ومواجهتهم للجيش بضراوة فى سيناء؟

سر تلك الشراسة هو الحلم الذى خطط له الإخوان بمباركة إسرائيلية ودعم أمريكى، وجهات تمويل عربية وليست قطر وحدها، أن تُقام دولة تجمع الشتات فى العالم وبدأوا جمعهم من كل البقاع وتم حشدهم فى سيناء وتزويدهم بالمال والسلاح، فأى عملية من هذا القبيل تتكلف عشرات ومئات الملايين من الجنيهات، فمن أين لهم هذا الإنفاق الكبير.

الإخوان يعتقدون أن الحلم الكبير من الممكن أن يعود، وتمخضت المؤامرة الكبرى فى عملية كمين الرفاعى مطلع يوليو ٢٠١٥، وكان المستهدف أن تدخل حماس مدعومة بالإرهابيين واحتلال المدينة ورفع أعلامهم عليها، كما قطعوا طرق الإمداد والتموين، ولولا نجاح قوات الجيش ببطولات أفراد الكمين هذا التى تخلد فى التاريخ لأصبحوا يسيطرون على تلك الأجزاء.

والمعلومات المتاحة تؤكد أنه كان هناك قرابة ٣٠ ألف إرهابى ينتظرون ساعة الصفر للدخول وإعلان قيام ولاية سيناء، وتتحول أرض الفيروز لمنطقة نزاع دولى، واستغرقت العملية ٦ ساعات حتى تمت تصفيتهم، فى حين استغرقت عملية استهداف الكمين الأخير ٣٠ دقيقة فقط، وهذا التطور يعود لأن القدرات القتالية للجيش فى التعامل مع هذه المواقف أصبحت أعلى، وإن حدثت عمليات أخرى شبيهة لن تستغرق دقائق معدودة لأنه تم استيعاب الدرس والأسلحة الموجودة حاليًا تمكن من مواجهتهم.

ماذا تقصد بأن قطر ليست وحدها من يدعم الإرهابيين؟

حجم المؤامرة فى سيناء يستحيل أن تقوم بها جماعة إرهابية وحدها، لأنه يتضح من سير العمليات ومن حجم المواجهة أن هناك أجهزة مخابرات تدعمهم دعما ماديًا ومعنويًا. فكاميرات قناة الجزيرة دخلت مع الإرهابيين فى حادث اقتحام كمين الرفاعى، بخلاف أن أنواع الأسلحة التى تم ضبطها جرى تهريبها بمعرفة جهات خارجية. وهناك جمعيات عربية كانت تقدم الدعم للإسلاميين وتوقفت عن ذلك مؤخرًا.

ولكى تدرك حجم المؤامرة، فحجم المتفجرات التى تم ضبطها مؤخرًا تبلغ نحو ١٠٥ آلاف طن متفجرات، وهذا حجم ضخم من المتفجرات، وفى عملية حق الشهيد تمت تصفية ٥٠٠ قيادة إرهابية، وفى نفس الوقت بدأت الأجهزة الأمنية حملة على ورش تصنيع الأسلحة والمتفجرات، وأغلقت بعض مكاتب الصرافة وبيع الذهب التى تقدم دعما لهم وبدأنا نتحكم فى مصادر التمويل.

المؤكد أنه كلما استعادت الدولة المصرية قوتها، كلمت سحبت من تحت أقدامهم عوامل البقاء والحياة، وهذه حرب مصير ووجود، وعلى المجتمع أن يهيئ نفسه لهذه المعركة.

مصر مستقرة حاليًا، وشاهدت ذلك بنفسى خلال مشاركتى بمؤتمر الشباب عند قلعة قايتباى بالإسكندرية رأيت الأطفال يلهون على البحر فى مشهد لم نره قبل سنوات.

هل أصبح الشعب مهيئا الآن لإدراك حجم المؤامرة؟.. البعض يتصورها فزاعة!

هذا ليس فزاعة لتخويف الناس، فالمؤامرة حقيقية وقائمة حتى الآن. ودورنا كإعلام أن نصحح الوضع للناس داخليًا وخارجيًا.

هناك حكمة مصرية قديمة تقول إن المصريين فى لحظات الخطر يصبحون روحًا واحدة فى جسد واحد، وبالتالى لابد أن يشعروا بالخطر، والإحساس بأن البلد ما زال مهددا، وأن هذه الجماعة الإرهابية تحاول العودة للمشهد السياسى مرة ثانية بنفس الوسائل القديمة، وبالتالى لابد من وجود توعية للناس، بأن حالة الاسترخاء يجب التخلص منها.

نحن بحاجة إلى خطاب دينى أكثر وعيًا واستنارة، والأزهر ووزارة الأوقاف مطالبان باسترداد المساجد الصغيرة المنتشرة فى الأحياء لأن هذه المساجد والزوايا تبث خطابًا دينيا شديد التطرف.

أين دور الأحزاب والمجتمع المدنى فى مواجهة مخططات إسقاط الدولة؟

لن تستقيم الأمور فى مصر إلا إذا تمخضت التجربة السياسية عن حزبين كبيرين، أحدهما يحكم والآخر يعارض، ويبقى الضابط بينهما القضايا الوطنية بالدفاع عن الثوابت الوطنية.

لا أعرف عدد الأحزاب أو أسماءهم أو أسماء رؤسائهم، وقبل ٢٥ يناير كنا نقول عليها أحزاب كرتونية، لكن الآن لم تعد حتى يجوز إطلاق لفظ “كرتونية” عليها، وأغلبها ينحصر دوره ونشاطه فى برامج التوك شو فقط، ولا توجد قواعد أو بناء حزبى يفرز جيلا جديدا، أو يهيئ الظروف لانتخابات برلمانية مقبلة، فماذا أعدت الأحزاب للانتخابات المقبلة؟!

هل البرلمان قدم من التشريعات ما يساهم فى التصدى لتلك المؤامرات؟

دائما ما يتعرض الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب لهجوم حاد، لكننى أعتبره مقاتلًا فى ظروف صعبة، ففى المجالس السابقة كان هناك حزب اتفقنا أو اختلفنا معه، وكان هناك زعيم من الأغلبية يضبط أداء باقى الأعضاء، وبالتالى فدور رئيس المجلس كان أسهل.

أما الآن فلا توجد هيئات برلمانية حقيقية، وتنشئ المواقف المباغتة، ومن المفترض من رئيس المجلس أن يتعامل مع هذه المواقف. ولا توجد مطابخ تعمل لتزويد النواب بالتثقيف السياسى، ولا يوجد موقف حزبى من قانون أو قرار، وتقديرى أن المجلس فى ضوء كل هذه الأحداث، أصدر عدة تشريعات حاسمة وجيدة.

هل تعتقد أن مؤتمرات الشباب التى تنظمها الرئاسة قد تتمخض أن يصبح الشباب هم حزب الرئيس؟

أنا ضد فكرة الأحزاب الطائفية سواء عمرًا أو دينًا، ويجب أن يضم الحزب جميع الأعمار بما يخلق التواصل بين باقى الفئات، ويكون الحزب فاعلا وقويا. هذه فكرة ممكن أن يصادفها الفشل، والشباب بحاجة إلى خبرات تساعده وتتحكم فى خطواته.

هل تقوم الصحافة –خاصة القومية منها- بدورها فى مواجهة مخططات إفشال الدولة؟

اجتماعنا مع رؤساء مجالس الإدارات وتحرير الصحف القومية –السبت الماضي- كان تشاوريًا، لأن الإعلام لن يكتب ما يُملى عليه، ونهدف لاستكشاف حركة الإعلام فى الفترة المقبلة بعد توجيه انتقادات متعلقة بمواجهة الإرهاب، وطلبنا تعظيم بطولات الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لمصر، ولابد أن تصل رسالتهم إلى الناس.

الأمر الثانى أن الصحافة تكون قرون استشعار، تقرأ الأحداث المقبلة وتحذر منها، وتحصن الرأى العام منها.. ودعنى أقول إنه بعد التغييرات الأخيرة بالصحافة القومية، أصبحت هناك هناك حركة ملموسة فى العديد من الإصدارات وهناك تطوير مهنى واقعى.

والصحافة فى الفترة المقبلة سوف تسير فى اتجاهين، الإصلاح المالى والإدارى، والثانى التطوير المهنى واسترداد المساحات المفقودة، وبعض الصحف بالفعل نفذت التطوير سريعًا.

الصحافة القومية تستحوذ حتى الآن على ٨٠٪ من إجمالى توزيع الصحف فى مصر بكل أنواعها، ولا تزال الصحف القومية رمانة الميزان والقوة الضاربة للصحافة المصرية.

لماذا لم توجهوا الدعوة للصحف الخاصة “المستقلة والحزبية” لحضور الاجتماع التشاورى الخاص بتثبيت دعائم الدولة –رغم يقيننا أن الهيئة تختص بالصحف القومية وحدها؟

الهيئة لها قانون يحدد صلاحيتها ولا نريد الخروج عن النص، ونحترم القانون الذى يختصنا بالصحافة القومية، وهناك المجلس الأعلى للإعلام ونقابة الصحفيين ولا نريد الافتئات على حقها، وأتمنى فى الفترة المقبلة أن يكون هناك مزيد من الاتصال بين كافة الجهات حتى نعمل كفريق واحد يواجه القضايا المطروحة علينا.

كيف ترى دور المجلس القومى لمكافحة الإرهاب خلال الفترة المقبلة؟

اختيارات أعضاء المجلس كانت موزونة ودقيقة، بحيث إن كل العناصر لها باع فى قضايا الإرهاب سواء أمنيين أو سياسيين. المجلس عليه مهام عظيمة، سواء فى إعداد تشريعات لسد الثغرات الموجودة فى القوانين، انتهاءً بوجود فريق من المتحدثين المهرة فى قضية الإرهاب، نتمنى أن ينتشروا فى وسائل الإعلام خلال الفترة المقبلة، وأصبح متاحا لهم قدر من المعلومات، يساعدهم فى التصدى لقضايا الإرهاب بشكل علمى منظم.

 

    الاكثر قراءة