السبت 27 يوليو 2024

«خلوة» مع الوطن

مقالات16-10-2022 | 11:31

ما أحوجنا اليوم إلى العمل بإنكار ذات ليكون مجموع سعينا رصيدا مضافا إلى الوطن ودائما ما يدعو الرئيس السيسي إلى المثابرة والدأب والانخراط في خلوة وطنية قوامها إنكار الذات وبذل ما في الوسع بإخلاص دون انتظار إلى نتائج .

ما أحوجنا اليوم إلى أن يغادر مسامعنا وعيوننا وجوه تقفز إلينا عبر الكاميرات لتتحدث وتتحدث وتتحدث عما ينبغي وما يجب أن يكون دون أن تسأل نفسها ماذا قدمت هي أولا وهنا تذكرت بطلا من أبطال جيشنا الباسل الذي كان في خلوة مع وطنه متلبسا بحالة عشق له تصاغرت معها الدنيا في عينيه حتى كان فراقه إياها خلودا يسجل ما قدم من فضل ويبرز ما صنعه من مكرمة .. إنه العميد إبراهيم الرفاعي قائد سلاح العمليات الخاصة في حرب أكتوبر 1973 وقائد المجموعة 39 الشهيرة التي نفذت 72 عملية استشهادية خلف خطوط العدو في الفترة من 67 وحتى 1973 .. إنه ابن حي العباسية ذو الأصول من القليوبية والذي نشأ على البطولة وورثها في جيناته من أبيه البطل أيضا عبد الوهاب لبيب .

كانت معارك بورسعيد محطة مهمة في حياته الرفاعي إذ كشفت عن جينات بطولته وأصقلت خبرته في العمل خلف خطوط العدو فلم يعرف اليأس يوما  ولم يستسلم إلى دعايات إحباط أو انهزام ولم تخر عزيمته لحظة أمام أي إحباط وكانت أولى عملياته نسف قطار للعدو عند (الشيخ زويد) ونسف مخازن ذخيرة تركتها قواتنا عند انسحابها من معارك 1967 وكانت نيران مجموعته القتالية هي أول نيران مصرية تطلق في سيناء بعد نكسة 1967 .

علمنا إبراهيم الرفاعي أنه كلما اشتد عليك عدوك ليهزم إرادتك فازدد شراسة في مقاومته فقد قاد مجموعته صبيحة اليوم التالي لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض فعبر بهم القناة واحتل موقع المعدية رقم 6 التي أطلقت منه ليجهز على 44 عنصرا إسرائيليا بداخله كما كانت فرقته الوحيدة التي سمح لها الرئيس السابق جمال عبد الناصر بكسر اتفاقية "روجرز" لوقف إطلاق النار حتى أطلق عليهم الجيش الإسرائيلي في ما بعد مجموعة الأشباح.

ما أحوجنا اليوم أن نستلهم تلك الروح فالعدو لم يغير تكتيكاته وإن اختلفت أساليب التنفيذ ففي الماضي استخدم القوة العسكرية وأيقن أنها لن تحقق له أهدافه ويستخدم اليوم الشائعات وبث روح الانهزام وتبني جماعات الإسلام السياسي لتنفيذ هذا الهدف لكنه ما زال لا يفهم أن مصر بها ملايين من إبراهيم الرفاعي لا يبصرهم.

 لقي إبراهيم الرفاعي ربه شهيدا راضيا مستبشرا بما عند الله فبعد 13 يوما من اندلاع حرب أكتوبر لقي ربه في 19 أكتوبر عندما صعد أربعة من الفرقة فوق قواعد الصواريخ وكان الرفاعي من ضمنها وبدأوا في ضرب دبابات العدو وبدأوا يبحثون عن قائد المجموعة حتى لاحظوا أن الرفاعي يعلق برقبته ثلاثة أجهزة اتصال فعرفوا أنه القائد فأخرجوا مجموعة كاملة من المدفعية ورآها الأربعة مقاتلين فقفز أحدهم من فوق قاعدة الصواريخ وقفز زملاؤه في عملية كر وفر لكن الرفاعي لم يقفز  وبقي ليمطر المحتلين الإسرائيليين حتى أصابته شظية مباشرة من دانة أطلقتها ليرتقي إلى جنات العلا تاركا لنا دروسا وعبرا يجب أن نضعها نصب أعيينا ونحن نستمع ونرى هؤلاء الذين يحرضون على وطنهم ويتبنون دعايات مضللة ويبثون بيننا الهزيمة واليأس من غد أفضل سيأتي لا محالة شريطة أن نحيا كما عاش إبراهيم الرفاعي يعمل ويعمل ويعمل بإخلاص يصل إلى حد بذل الروح برضا من أجل أن تبقى راية هذا الوطن عالية خفاقة أبية عصية يهابها أعداؤها ويحسبون لها ألف حساب.. سلام إلى روحك الطاهرة وسلام إلى أرواح شهدائنا الذين أخلصوا فتقبلهم الله مع النبيين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.