السبت 1 فبراير 2025

أسطى السيناريو الكبير

  • 6-8-2017 | 11:49

طباعة

بقلم : عاطف بشاي

الكاتب الصحفي الساخر "مؤمن المحمدي" له كتاب طريف اسمه "ألف مشهد ومشهد" يحكي فيه مجموعة كبيرة من الحكايات السينمائية عن أهل الفن وكواليس الأفلام .. وهي حكايات شيقة وغريبة والأهم من وجهة نظري أنها لا تتوقف عند حدود الفكاهة والتسلية ولكنها تتجاوزها إلى سعيها الجاد لاستخلاص العبر والحكم والدروس المستفادة في الحياة .. كما أنها تكشف عن بواطن الأمور وتنتقد بعنف بعض الظواهر السلبية في مجتمع الفن وتعري أصحابه .. بأسلوب رشيق وعبارات ذكية فيها الكثير من الغمز واللمز والتورية والكلمة اللاذعة التي تعبر عن عشرات المعاني .. وهو يكتب بالعامية الجميلة بسلاسة ودون تحذلق..

استوقفني مقال له عن بدايات وقصة كفاح الكاتب الكبير "وحيد حامد" والتي تبدأ بعام (1974) حينما التقى شاب ريفي جاء إلى القاهرة محملاً بآمال عريضة وطموحات كبيرة لأن يصبح قصاصاً مميزاً .. التقى "بلويس جريس" الذي كان يرأس مجلس إدارة روز اليوسف .. فقال له : تعال اشتغل محرر في صباح الخير .. يقول المحمدي في ذلك : "أول موضوع أتكلف به كان القاهرة الساعة 2 بالليل .. وكان آخر موضوع لأنه معملوش واستقال قبل ما يخلص إجراءات التعيين وقال لو ماعرفتش أجيب تسعين جنيها من الكتابة مش حاكتب حاجة" وبالمناسبة فقد استضافه للإقامة معه صديقنا وبلدياته السيناريست كرم النجار الذي كان قد سبقه إلى القاهرة واستأجر شقة.. بل إنه كان يمده بالنقود دون أن يطلب "وحيد" منه ذلك .. وهو يتذكر دائماً ذلك بامتنان بالغ ويدلل به على الوحدة الوطنية الراسخة التي تجمع المسلمين بالأقباط في مصر ..

يبدأ وحيد في كتابة مسلسلات درامية في الإذاعة .. ثم أذيع له مسلسل .. "طائر الليل الحزين" الذي لفت إليه الأنظار وبدأت العروض تأتيه لتحويل المسلسل إلى فيلم سينمائي استغلالاً للنجاح الذي حققه .. لكن العروض كانت تنحصر في شراء القصة فقط .. دون أن يعرض عليه كتابة السيناريو والحوار .. أصر "وحيد" ألا يتنازل عن القصة بمفردها للمنتج "مخلص شافعي" وقال له مش حا نمضي غير أما تقرأوا السيناريو .. عجب .. كان بها .. ما عجبش حا أمضي معاك القصة وهات اللي انت عايزه يكتبها .. وافق المنتج بشرط أن ينتهي "وحيد" من كتابة السيناريو في مدة شهر فقط بقول "المحمدي" للأسف مرض "وحيد" طوال هذا الشهر وماعرفش يكتب ولا حرف لحد ماجه اليوم اللي المفروض يسلم فيه السيناريو وكان ناوي يتصل ويقول لهم :خلاص هاتوا أي حد يكتب السيناريو .. فراح يقعد في كازينو في مصر الجديدة .. لقى نفسه بيكتب السيناريو .. ورقة تجيب ورقة .. ومشهد يجيب مشهد .. لقى نفسه مخلص تلات أرباع الفيلم .. فركب أتوبيس (500)وطلع على المنتج باللي كتبه وقال له: بكره يكون عندك بقية السيناريو .. وفعلاً تاني يوم سلمه كاملاً ..

ذهب السيناريو للمخرج الراحل الكبير "يحيي العلمي" الذي أشاد به إشادة بالغة ورشح له "عادل أدهم" و "محمود مرسي" الذي تدخل من تلقاء نفسه وطلب من المنتج أن يزيد من أجر "وحيد" ألف جنيه تقديراً لجودة السيناريو ..

نزل الفيلم ونجح زي ما نجح المسلسل الإذاعي ومن ساعتها بقى عندنا أسطى في الكتابه اسمه "وحيد حامد" صاحب التراث الفخيم من الأعمال سينما وتليفزيون ومسرح وإذاعة .

    الاكثر قراءة