الجمعة 3 مايو 2024

وسط ترقب الجميع .. عجلة الإنتاج السينمائى فى طريقها للتوقف!!

6-8-2017 | 13:57

كتب : محمد جمال كساب

ربما يبدو السؤال مباشرا وربما أثار قضية لا طالما كانت موضع تساؤل ولكن طرح السؤال دون جواب أو فتح باب للحل يجعل من الأزمة كارثة في معظم الأحيان.. وهو ما وصل إليه حال السينما في مصرنا العزيزة حسبما نعتقد من خلال متابعتنا لهذا الشأن الهام .. الموضوع بالأرقام وبالورقة والقلم.. فقد تراجع حجم الإنتاج السينمائي المصري بشكل كبير في الفترة الأخيرة كماً وربما كيفاً.. ليصل إلي حوالي 25 فيلماً في المتوسط وذلك فى الأعوام الأخيرة قياسا بكوننا كنا ننتج في الماضي حوالي 90 فيلما في العام .. حول أسباب هذه الأزمة وإمكانيات حلها تدور مناقشاتنا مع السينمائيين والنقاد والمسئولين.

يقول المخرج عمر عبدالعزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية:

الأزمات الكثيرة التي تمر بها مصر بكل المجالات في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني انعكست علي الفنون وخاصة السينما، فلا أستطيع أن أطلب من شخص الذهاب لمشاهدة فيلم وهو لا يجد قوت يومه فنحن في مرحلة انتقالية صعبة.

كذلك للدولة دور فى أزمة صناعة السينما لأنها تخلت عن موقعها في حل مشاكلها المتراكمة منذ سنوات، ومنها زيادة الضرائب- القرصنة علي الإنترنت والقنوات الفضائية المشبوهة التي تبث من خارج مصر حيث تتسبب في تكبد المنتجين خسائر فادحة وعدم تفعيل للقوانين فمثلا هناك القانون الوزاري الصادر من د. ثروت عكاشة ينص علي عدم عرض أفلام أجنبية في مواسم الأعياد لكنه للأسف لم يطبق والنتيجة أننا وجدنا السوق الفنية تسيطر عليها الأفلام الأجنبية.

كما أن المبالغ التي خصصتها وزارة الثقافة من خلال المركز القومي للسينما - الذي أنا عضو في مجلسه - مبالغ قليلة لأفلام تسجيلية روائية قصيرة لا يهتم بها أحد.

ويؤكد أن اتحاد النقابات الفنية يسعي لكي يكون له دور في خدمة الفن والسينما.

ويكمن إلى الحل في ضرورة عودة الدولة لدعم الفنون والنظر بجدية للسينما لأن عوائدها (100%) لتأكيد الدور القوي للقوي الناعمة في نشر الفكر المستنير ومقاومة التطرف والعنف.

ويري المخرج مجدي أحمد علي أن السينما تعاني من مشاكل كثيرة منها معاملتها مثل الملاهي وفرض الضرائب الباهظة عليها وعدم بناء دور عرض جديدة، فلا يوجد في المحافظات سوي عدد قليل جداً من السينمات بالإضافة للقبضة القمعية للرقابة علي الأفلام وغياب الدعم المادي الحكومى فمبلغ (50) مليون جنيه الذي أعلنه حلمي النمنم وزير الثقافة لدعمها لم ينفذ علي أرض الواقع وكأن القرار حبر علي ورق ولا نعرف عنه شيئاً حتي الآن. فأثناء رئاستي للمركز القومي للسينما كان لدينا (20) مليون جنيه انتجنا حوالي (36) فيلماً جيداً تسجيلياً وروائياً قصيراً وتحريكاً.

ذلك بالإضافة إلي أزمة القرصنة وعدم تطبيق القانون علي اللصوص الذين يعرضون الأفلام علي الإنترنت والقنوات الفضائية دون وجود رادع.

وارتفاع تكاليف التصوير في الأماكن الأثرية والمطارات، ويوجد أماكن يمنع التصوير فيها نهائياً، والمنتجون يدفعون مبالغ كبيرة فيه، كل هذا دليل علي أن الدولة تحارب السينما والفنون ولا تدعمها وأعتقد أنه لو تم حل هذه الأزمات تستطيع السينما أن تحقق نهضة كبيرة وتشجع الفنانين علي تقديم أعمال هادفة تقاوم الإرهاب وقوي الظلام الرجعية.

يقول المخرج محمد فاضل: منذ سنوات طويلة جداً ونحن نتحدث عن أزمة السينما ولكن لا توجد حلول. المشكلة أصلاً في الإرادة السياسية التي يجب أن تقتنع بأهمية الفنون كقوي ناعمة تساهم في التنمية المجتمعية ونشر الوعي فمثلما فعل الرئيس عبدالفتاح السيسي في جمع 64 مليار جنيه لحفر قناة السويس الجديدة عليه أن يهتم بالسينما.

أزمة الاحتكار

ويجب القضاء علي احتكار دور العرض من خلال 3 شركات فقط أصبحت تسيطر وتتحكم في نوعية الأفلام التي تقدم وتوقيتها ومدة عرضها وأبطالها.

والنتيجة هى سيطرة الأعمال التافهة والسطحية التجارية وتأثيرها السلبي علي الذوق العام. ومحاربة الأفلام الجيدة من خلال عرضها في قاعات قليلة ووقت قصير وأصبح صاحب دار العرض هو المتحكم في صناعة السينما وليس المنتج وبالتالى فرض شروطه.

كذلك القرصنة التي يجب أن تتدخل الحكومة لمحاربتها لأنها تبث عبر قنوات من خارج مصر وتعرض علي اليوتيوب وذلك لحماية المنتجين من الخسائر الكبيرة.

كما أن مبلغ (50) مليون جنيه الذي أعلنته وزارة الثقافة لدعم السينما تافه جداً ولا ينتج سوي فيلمين فقط ومع هذا لم يحصل عليه السينمائيون أصلاً!!

ورغم استرداد أصول السينما في التوزيع ودور العرض والإنتاج التابعة للشركة القابضة الصوت والضوء إلا أنه لم يتم استغلالها بشكل صحيح في نشر الفن الهادف.

ويطالب فاضل بضرورة اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بالسينما والفنون وتشكيل مجلس «المفكرين» علي غرار مجالس الاقتصاديين ، العلماء، السياسيين. يتكون من المثقفين والفنانين والمبدعين لوضع الخطوط العامة أمام المسئولين والحكومة للنهوض بالفنون كافة.

وتحدث المنتج أحمد السبكي ليس لدينا مشاكل والحمد الله ولا نخاف من أي عقبات مهما واجهتنا وصادفتنا نتخطاها بعزيمتنا ورغبتنا في الاستمرار أيا كانت الأزمات والمشاكل لأننا نحب هذه الصناعة، ربما الأزمة الأكبر التي تواجهنا هي الفضائيات التي تعرض الأفلام فور عرضها في السينما وهذه نسميها بالمحطات «الشمال» ولكن لن ندعها أبداً تؤثر في صناعتنا وإنتاجنا.

غرفة صناعة السينما

يقول السيد فتحي مدير غرفة صناعة السينما: مشاكل عديدة تتفاقم يوما بعد يوم أمام هذه الصناعة الهامة في مجتمعنا وكلما حاولنا تخطي عقبة بكل أسف نجد أخري في الطريق.. فلدينا مثلا أزمة كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف التصوير في الأماكن السياحية والأثرية مع أنه بالتأكيد لو تم استغلال وجود هذه الأماكن في بلدنا وصورنا فيها أفلامنا مثل الاهرامات وأبوالهول وشرم الشيخ ستكون بما لها من جاذبية طريقة هامة للجذب السياسي، فالدعاية من خلال الصورة والدراما أفضل بكثير وأقوي من الأفلام التسجيلية عن هذه المناطق لكن تحصيل أموال طائلة للتصوير في هذه الأماكن يقف حجر عثرة أمام هذا التصوير.

تواجهنا مشكلة ارتفاع أجور النجوم.. كما أن كتاب السيناريوهات لم يعودوا يكتبون عشقا في الكتابة والفن والدراما وإنما يكتبون الآن بمنطق المكسب المادى ثم تأتي مشكلة الفضائيات والتي تصورنا منذ سنوات مع ظهورها وانتشارها أنها ستروج للأفلام الجيدة وبالتالي تفتح شهية الجمهور والمنتجين علي صناعة أفلام جيدة حتي تظل التجارة والصناعة رائجتين ولكن للأسف وجدنا العكس يحدث حيث تقوم بحرق الأفلام في دور العرض بمجرد نزولها إلي السينمات مباشرة؟! فالمنتج معذور عندما يواجه كل هذه التحديات.

أما نحن فمن جانبنا توجهنا مراراً وتكراراً إلي الدولة ووزير الثقافة ورئيس الوزراء الحالي والسابقين وحتي رئيس الجمهورية نطالبهم بالتدخل وإصدار أوامر سيادية لتوفير نفقات التصوير ورسومه العالية؟.

أيضاً مشكلة سوق التوزيع الخارجي خاصة للدول العربية أصبح فقط في الدول الخليجية بسبب الظروف القاسية التي تمر بها سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن.

ثم إننا نعامل في حسابات فواتير المياه والكهرباء في دور العرض معاملة «الملاهي».. رغم أننا نقدم فناً وإبداعاً وثقافة وبعض الأفلام مثل «هيبتا» هي روايات تدرس في المدارس الثانوية.

ومع هذا كله لا طالما خرجت علينا الندوات والمؤتمرات بتوصيات.. ولكن لا حياة لمن تنادي، والنتائج علي أرض الواقع صفر.. فنحن نحارب في الفراغ وأملنا الوحيد في وجود أفلام جيدة وأعتقد أن هذا الموسم السينمائي متميز بوجود أفلام مثل هبوط اضطراري - الأصليين - جواب اعتقال .. وغيرها.

ولما ذهبت معظم الآراء إلي أن واحداً من أهم أسباب الأزمة هو الفضائيات التي تعرض الأفلام فور نزولها إلي دار العرض.. فتوجهنا لمسئولي النايل سات.

النايل سات

فأكد محمد سميح المتحدث الإعلامي لشركة النايل سات: لدينا (700) قناة مصرية وعربية تبث من علي النايل سات تخضع للوائح وقواعد المنطقة الإعلامية الحرة. وللقانون المصري من خلال تعاقداتنا معها ومن خلال القانون واللوائح تمنع أي أعمال قرصنة أو بث أعمال تحرض علي العنف والتفرقة العنصرية ومخالفة حقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك يتم قطع الإرسال عليه واتخاذ الاجراءات القانونية ضده رغم أننا جهة بث وليس مراقبة .

مشيراً إلي أن المشكلة تكمن في القنوات العربية والأجنبية التي تبث علي القمر الصناعي الفرنسي الذي يتعاون مع النايل سات المصري في نفس المدار وهذا ما لا تستطيع الدولة المصرية السيطرة عليه فتنشر أعمالاً فنية وإعلامية مخالفة للقانون، ويمكن للمتضرر التقدم بشكوي إلي الجهاز السمعي والبصري الفرنسي للتحقيق فيها كما فعلت أخيراً غرفة صناعة السينما التي حاولت حماية الأفلام المصرية من قرصنة هذه القنوات لكنهم في النهاية لم يصلوا إلي نتيجة، الأمر إذاً يحتاج التدخل القوي من الدولة لمخاطبة دولة فرنسا لبحث أسباب هذه الأزمة والوصول إلي حلول لها، حتي يمكن حماية الفن من السرقة والتأثير السلبي علي الإنتاج وصناعة السينما والفن والإعلام.

ويعلق على القضية الناقد السينمائى نادر عدلي: الإنتاج السينمائي في مصر يتزايد ليصل إلي حوالي 25 فيلماً في السنة لكنه للأسف الشديد يوصف بأنه تجاري سطحي تافه خال من المضمون الهادف، والمشروعات المهمة متوقفة لأن المنتج الخاص يخشي الخسارة في ظل المشاكل التي تواجهها الصناعة ومنها الموقف المرتبك السلبي للدولة التي تدعي طوال الوقت انها تدعم السينما، لكن في نفس الوقت تخشاها وترفض مساعدتها والدليل علي ذلك ما أعلنه حلمي النمنم وزير الثقافة بتخصيص (50) مليون جنيه دعماً لها، حيث يتم إنشاء هيئة في وزارة المالية لتقوم بتوزيع هذا المبلغ من خلال آلية معينة ومنذ عامين ولم نر أي نتائج ولم تدفع وزارة المالية المبلغ.

كما أن هناك 8 ملايين جنيه في خزينة المركز القومي للسينما منذ 4 سنوات ولم يتم استغلالها وإنتاج أعمال جديدة. وتوقفت الدولة عن الإنتاج السينمائي بعد آخر أفلامها «المسافر» الذي حقق خسائر كبيرة جعلتها لا تكرر التجربة.

إضافة إلى احتكار شركتي إنتاج للسوق السينمائي العربى، تجمع الثلاثي حسام عبدالخالق، وائل عبدالله، ورثة محمد حسن رمزي ولا يوجد من يحاسبهم في ترويجهم لانتشار الفيلم الأجنبي علي حساب المصري، الذي كان أكثر ما كان يمكن أن يحققه من ايرادات تصل (10%)، لكن تزايدت هذه النسخ لتصل (40%) بعد قرار وزير الثقافة الأخير بزيادة عدد النسخ من 5 إلي 13 وهذا انعكس سلباً علي ايرادات الأفلام المصرية التي تراجعت في عددها لتصل إلي 25 فيلماً في السنة بعدما وصلت إلي أكبر عدد 89 في النصف الثاني من الثمانينيات كما أن موقف نقابة السينمائيين سلبي تجاه هذه القضايا ولم تتدخل لإيجاد حل لها.

الوضع يحتاج لتضافر جهود الدولة والقائمين علي الصناعة السينمائية من أجل حل هذه الأزمات المتراكمة المتزايدة. التي تؤثر سلباً علي الحركة الفنية المصرية صاحبة التاريخ العريق علي المستويين العربي والدولي.

ولما كانت أصابع الاتهام في العديد من المواضع قد أشارت «للدولة» لذا توقفنا في المحطة الأخيرة لنستمع إلي الرد الذي جاء علي لسان المخرج والمنتج شريف مندور نائب رئيس المجلس القومي للسينما وغرفة صناعة السينما والذى قال:

بالنسبة للقرصنة التي تمنع الجمهور من دخول السينما ومن ثم تضر بالإيرادات وتؤذى الصناعة وذلك عبر الفضائيات غير الشرعية التي تبث عبر القمر الصناعي الفرنسي.. هذه القنوات تجد الآن استنفاراً شديداً لوقفها عبر مفاوضات قانونية تم من خلالها الاتفاق علي غلق ما بين 4-5 قنوات يومياً كما استطاعت الغرفة إقناع وزارة العدل بإصدار منشور يحظر التعامل مع أي مصنف سينمائي أو فيديو مصور إلا بالحصول علي شهادة ملكية منها وهذا من شأنه حماية حقوق الملكية الفكرية والمادية والتجارية لصناع الأعمال الفنية ومنع سرقتها.

وحول قرار وزارة المالية بعدم جواز إصدار صناديق خاصة فى ظل وجود صندوق التنمية الثقافية فأكد مندور أن هناك إجراءات تنفيذية تجري الآن لتخطي هذه العقبة، فيما نهدف لإرساء مبدأ «الدعم الدوار» الذي يسعي لوضع إيرادات الأفلام المدعمة داخله ولا تعود لوزارة المالية حتي يتزايد سنويا ليتم إنتاج عدد جديد من الأفلام.

كما أن مبلغ 50 مليون جنيه لم يصل لوزارة الثقافة حتي الآن وتوجد مشكلة فى فرض ضرائب جديدة 25% علي الأفلام المدعمة بمبلغ 20 مليون جنيه من المركز القومى للسينما ومجلس إدارته برئاسة د. خالد عبدالجليل واتفقنا علي وقف دعم الأفلام وأرسلنا مذكرة إلي مجلس الدولة لمعرفة هذه الأزمة الجديدة وننتظر الرد لعودة الإنتاج السينمائي من جديد.

وفى إطار العراقيل التي تخطو الغرفة لحلها مثل معاملة دور السينما بأعلي فئة استهلاكية بالنسبة للكهرباء والمياه مثل الملاهي الليلية، وتحصيلها للضريبة يوميا وليس سنويا مثل باقي الشركات والمصانع الكبري.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa