كتبت- أماني محمد وخلود الشعار
لم تكن قضية الدكتور ياسين لاشين، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، هي الأولى من نوعها ولكن سبقها عدد من الواقع والقضايا المتشابه كان أبطالها أستاذة جامعيون، الغريب في الأمر أن أغلب تلك القضايا المثارة لم تقدم دلائل كافية تثبت صحتها، وربما تكون شكاوى كيدية أو أقدمت عليها الفتاة من أجل غرض أو هدف ما، ولم تكن الإدانة تلتصق بعضو هيئة التدريس وغالبًا ما يوجد ضلع ناقص لاستكمال الحقيقة، لكن كل ذلك لم ولن يبرأ ذمة الجاني الذي لم يراعٍ حرمة الجامعة ولا قدستها سواء كان من الأساتذة أو الطالبات.
تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، مقطع صوتي لرجل قالوا إنه لأستاذ في إحدى الكليات الشهيرة بجامعة القاهرة، أثناء تهديده إحدى الطالبات، بعد أن طلب منها التصوير عارية.
وطلب الصوت المنسوب للدكتور في الفيديو، من السيدة أن يلتقط لها صورا عارية حتى يتمكن من ابتزازها بعد ذلك، ووفقا للتسجيل الصوتي قال الأستاذ للفتاة: "لما أطلبك تجيلي هنا، بأمانة وشرف لأني هابقى محرص منك، أنا كلي نار، كلي شر، إنت ما تعرفيش مين أنا".
فيما نفى الدكتور ياسين لاشين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، صحة المقطع الصوتي المنسوب له بابتزاز فتاة جنسيًا، قائلا: "ده كلام مفبرك، ومش حقيقي، وليس له أساس من الصحة".
الجرائم بين الرشوة والابتزاز
جميع وقائع التحرش والابتزاز والاغتصاب داخل الجامعات المصرية أثارت الرأي العام وفجرت حالة من الغضب والانزعاج في الشارع المصري، وكان رد الفعل من قبل الجامعات سريع وحزمت الأمور، وجاء ذلك وسط تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي التي دشنت حملات لمنع تلك الأحداث المخلة.
بحسب خبراء، فإن تلك الظواهر الغريبة التي تحدث داخل الحرم الجامعي ترجع إلى عوامل نفسيه لدى الطرفين أو أحدهما، وتعد خللًا نفسيًا واجتماعيا، لافتين إلى أن هناك أساليب قد تستخدمها الفتاة لإثارة الأستاذ الجامعي للإيقاع به أو ربما يعاني هو من كبت جنسي ومشاكل أسرية يحاول الهروب منها، مؤكدين ضرورة إخضاع الجميع للقانون لا يتم الإخلال بقواعد وأعراف المجتمع.
الدكتور علاء الغندور، استشاري الإرشاد النفسي والسلوكي، قال إن هناك أسباب خاصة الأستاذ الجامعي وأخرى متعلقة بالفتيات، حيث إن بعضهن "بتتدلع زيادة عن اللزوم"، وتعمل على إثارة الدكتور والمعيد والطلبة أيضًا جنسيًا، فقد يكون الأستاذ يعاني من مشاكل أسرية أو حرمان عاطفي مع زوجته أو منفصل فينجذب لهذا الأمر بسهولة.
وأضاف الغندور لـ«الهلال اليوم» أن هذه الأمور تكون في بدايتها رشوة جنسية ثم تتحول بعد ذلك لإدمان، ولكن هذا أمر مرفوض وحرام شرعًا، ومجرم قانونًا، فيجب أن يكون هناك ضوابط، لافتًا إلي أن هذه الضوابط تكمن في ألا يكون للدكتور السلطة الناهية، وعدم التعالي أو احتقار الطلاب، حيث هناك بعض الأساتذة يسبون الطلبة بالأب والأم داخل المحاضرة"، ولم يستطع أحد الحديث معهم في ظل غياب الضوابط المطلوبة.
وتابع:" لا بد من وضع ضوابط وقواعد صارمة لتنظم طبيعة العلاقة بين الطلبة والأساتذة الجامعيين، وإتباع السلوك الحضاري المهذب، لأنه يجب حماية الدكتور والطالبة من أنفسهم والسلوكيات السيئة"، مشيرًا إلى أن بعض أعضاء هيئة التدريس يضعون الأمر كمراهنة في التعامل جنسيًا مع الطالبات، ويقومون بتصويرهن وابتزازهن، مطالبًا بضرورة إقرار عقوبات مغلظة وواضحة من إدارات الجامعات، فضلا عن مراقبة مكاتبهم بالكاميرات.
ضعاف النفوس
أما الدكتور حمدي الحناوي، أستاذ علم الاجتماع، قال إن الحديث عن هذا الأمر ليس سهلًا، لأنه يتعلق باتهام شخصيات بعينها، فهذا الأمر يحتاج إلى التحقيق للوصول إلى الحقيقة، مشيرًا إلى أن الموضوع صعب للغاية خاصة إذا كان هذا السلوك صادر من أستاذ جامعي مربٍ لأجيال.
وأضاف لـ«الهلال اليوم» أن الشخصيات التي تقوم بمثل هذا السلوك ما هي إلا شخصيات "متخلفة" على حد وصفه، لافتًا إلى أن الفتيات ضحايا لهم وضعاف الشخصية وأكثر عرضه للابتزاز، وليس الأساتذة فقط يعاملوهن هكذا، ولكن المجتمع ويعاملهن معاملة سيئة، لأن طبيعة المرأة ضعيفة بصفة عامة.
عقوبة قانونية
ومن الناحية القانونية، قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، قال لـ«الهلال اليوم» إن عضو هيئة التدريس في الجامعة ما هو إلا موظفًا عامًا عليه تجنب ارتكاب أخطاء تتعلق بالعمل، ومن بين هذه الأخطاء ابتزاز الطالبات سواء جنسيًا أو غيره.
وأكد رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه في حالة وجود أدلة بينة على هذا الفعل الفاحش يجب محاكمة الأستاذ الجامعي فورًا، مشيرًا إلى أن الجامعة عليها أن تقرر مصيرها وأن يتم إقصاؤه من خلال مجلس تأديب لمعاقبته على ما وقع منه في حق الطالبات.
وأضاف "حامد"، أنه من الجائز اعتبار هذه الجريمة جنائية، ولا بد من إبلاغ النيابة العامة بها، ليتم محاكمته أمام القضاء الجنائي عن هذه الجريمة، لافتًا إلى أن ضرورة وجود أدلة واقعية على اتهامه بجانب التسجيلات مثل الشهود أو شكاوى من الطالبات اللاتي اعتدى عليهن بالتحرش وغيرها من الأدلة، وبالتالي تتم محاكمته بشكل عادل.
«الهلال اليوم» يرصد أبرز واقع الاعتداء والتحرش الذي اتهم بها أعضاء هيئة التدريس في مختلف الجامعات المصرية، والتي أعادتها للأذهان واقعة الابتزاز الأخيرة التي مارسها دكتور جامعي كما بينها الفيديو المتداول.
4 وقائع مخلة بجامعة القاهرة
اتخذت جامعة القاهرة، في يونيو 2015، قرارا بعزل الدكتور أسامة أباهور، عضو هيئة التدريس بكلية التربية النوعية بالجامعة من منصبه بعد ثبوت استدراجه إحدى الطالبات بمرحلة الدراسات العليا بالكلية خارج أسوار الجامعة والاعتداء جنسيا عليها، كما أحالت هيئة التأديب بالجامعة الأمر إلى النيابة العامة لاتخاذ قرارها تجاهه.
وفي نوفمبر 2015، شهدت كلية صيدلة القاهرة حادث مشابه بعد أن فجرت عدد من الطالبات القضية متهمين أحد أساتذة الكلية بالتحرش بهن وتوجيه ألفاظ خارجة لهن من خلال مقطع مسجل تداولوه على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى إثر ذلك، قرر الدكتور جابر نصار، رئيس الجامعة آنذاك، إحالة جلال المحروقي الأستاذ المتفرغ بكلية الصيدلة إلى التحقيق وإيقافه عن العمل، لحين الانتهاء من التحقيقات والتأكد من صحة الاتهامات المنسوبة إليه.
وفي مطلع العام الجاري، قرر الدكتور جابر نصار، إحالة الدكتور محمد شفيق كمال الأستاذ المتفرغ بقسم الاجتماع الريفي بكلية الزراعة، إلى التحقيق بعد اتهامه بالتحرش بطالبة بالكلية أثناء الامتحان الشفوي بالكلية محاولا مسك يدها خلال امتحانها ما جعلها تتقدم بشكوى إلى رئاسة الجامعة.
أما كلية اقتصاد وعلوم سياسية، شهدت واقعة أخرى في ديسمبر عام 2014 وبدأ الطالبات في تداول حالات تعرضن لها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقدمن بشكوى جماعية بتوقيع أكثر من 150 طالب وطالبة ضد الأستاذ المساعد المتفرغ بقسم العلوم السياسية بالكلية مطالبين بالتحقيق معه على خلفية تحرشه بعدد من الطالبات فقرر رئيس الجامعة إحالته إلى التحقيق ومنعه من وضع الامتحانات أو تصحيحها.
متحرش فنون جميلة بحلوان
دشن طالبات كلية فنون جميلة بجامعة حلوان، في مارس لعام 2016، حملة بعنوان "متحرش فنون جميلة" متهمين أستاذ قسم الجرافيك بالكلية، وهو الدكتور جلال محمد علي بالتحرش بهن لفظيا وجسديا والتحدث بأسلوب غير لائق وباستخدام إيحاءات جنسية خلال حديثه معهن.
وطالبوا بالتحقيق معه وقد لاقت الحملة رد فعل كبير وتضامن واسع ما مجلس القسم التابع له الدكتور يتدخل لحلها وأوقفه عن العمل وفتح تحقيق معه إسناد مادته إلى أستاذ آخر.
واقعتي تحرش بجامعة الإسكندرية
جامعة الإسكندرية كانت مسرحا لحادث مشابه، في مايو من العام الماضي، بعد اتهام طالبة فى الفرقة الثالثة بكلية العلوم أستاذًا جامعيًّا متفرغًا بقسم الجيولوجيا بالتحرش بها جنسيًّا، دون الإعلان عن اسم الدكتور المتهم، فكانت الطالبة قد تقدمت بشكوى مدعمة بأدلة تفيد بتعرضها للتحرش الجنسى إلى الدكتور محمد عبده إسماعيل عميد كلية العلوم.
وأحالت الكلية الأمر إلى رئيس جامعة الإسكندرية آنذاك، وفتحت الشئون القانونية تحقيقا في الواقعة دون الإفصاح عن هوية أبطالها وكذلك أعفت الأستاذ الجامعي من جميع مهامه الأكاديمية، وكانت تلك هي الحالة الثانية في الكلية نفسها بعد أن فصلت في عام 2014 أستاذ متفرغ بالكلية بقرار من مجلس التأديب بعد ثبوت تحرشه بإحدى الطالبات من قبل.
وفي 2015، بالجامعة نفسها حررت مجموعة من طالبات كلية الآداب بقسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية محضرا (رقم 4106 جنح باب شرقي) ضد أستاذ مساعد بقسم الدراسات اليونانية الرومانية، لقيامه بتوجيه أسئلة خادشة للحياء وتتضمن تحرش لفظي للطالبات، أثناء تأديتهم الامتحان الشفوي، لكن الأمر مر دون إجراءات أو تحقيق من قبل النيابة.
جامعة أسيوط
في مارس 2015، تقدمت إحدى الطالبات بكلية الآداب بجامعة أسيوط بشكوى إلى الدكتور محمد عبدالسميع، رئيس جامعة أسيوط، تتهم أحد أساتذة الكلية بالتحرش بها داخل مكتبه مقابل حصولها على درجات نهائية بأعمال السنة، وبعد أن أحال رئيس الجامعة الأمر إلى النيابة قررت فتح التحقيق فقدمت الطالبة مقطع فيديو يتضمن أفعال خادشة للحياء بين الدكتور والطالبة داخل مكتبه، فقررت النيابة وقتها حبسه لـ15 يوم على ذمة التحقيق.
كلية رياض الأطفال جامعة دمنهور
شهدت أيضا كلية رياض الأطفال بجامعة دمنهور واقعة تحرش فاتهمت 44 طالبة أستاذ منتدب بالتحرش بهم، ووصل الأمر هذه المرة حد التظاهر، إلى أن قرر رئيس جامعة دمنهور إلغاء انتدابه وتحويله للتحقيق.
أستاذ الآداب بطنطا
وفي مايو الماضي، قرر الدكتور إبراهيم سالم القائم بعمل رئيس جامعة طنطا إحالة أستاذ بقسم الإعلام بكلية الآداب للتحقيق بعد شكاوى من طالبة بالفرقة الأولى أن الأستاذ الجامعي تحرش بها عبر رسائل واتس آب بالتغزل بهن ومعاكساتهن وطلب إرسال صور لهن وهو ما جعلها تكسر حاجز الخوف وتتقدم بالشكوى مؤكدة أنه اعتاد التحرش بالطالبات لكنه لم تجرؤ أي منهن على فضحه.
تحرش داخل بأسانسير جامعة المنصورة
فيما اتهمت طالبة بكلية التربية جامعة المنصورة أحد أعضاء هيئة التدريس بالكلية بالتحرش بها داخل أثناء تواجدهما داخل مصعد كهربائي "أسانسير" كما اتهمته بسبها والاعتداء عليها قائلا "أنا سيدك وتاج راسك لما ابقى اعدي عدى انتي".
ابتزاز بالآداب عين شمس
رفع طلاب قسم اللغة العبرية التابعة لكلية الآداب بجامعة عين شمس برفع شكوى ضد 3 أساتذة، يتهمونهم فيها بالفساد والتحرش بالطالبات، الذي يصل إلى حد التحرش الجسدي في بعض الأحيان، حيث يبدء الأمر بإعطاء دروس خصوصية للطلاب مقابل مبالغ ماليه وضمان النجاح، ثم يتطور إلى الاعتداء الجنسي، والذي يستغل فيه الأساتذة سلطتهم لتهديد الطالبات بالرسوب حال فضح أمرهم، الأمر الذي تلقته الدكتورة ليلى أبو المجد رئيسة قسم عبري، وعاونه الطلاب بتقديم بلاغ للنائب العام، ولكن لم ينتهي الأمر بهذا الحد، حيث صرح الطلاب بتلقهيم تهديدات من الأساتذة المشكوا في حقهم، ووصل الأمر ذروته بمحاولة قتل إحدى الطالبات عن طريق قطع الفرامل الخاصة بسيارتها عندم كانت متوقفه أمام مبنى الكلية، لتؤكد إحدى الطالبات بأن الفساد بدء داخل القسم منذ عام 2008، وأخذ في الانتشار حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.
كلية دار علوم جامعة الفيوم
اتهمت 125 طالبة بكلية دار علوم جامعة الفيوم، أستاذ بالكلية يبلغ من العمر 50 عام بالتحرش بهم لفظياً وجسدياً في بعض الحالات، الأمر الذي دفع الدكتور خالد حمزة رئيس جامعة الفيوم لتحويل الواقعة إلى النيابة، بعد قيام الدكتور جمال عبد الرحمن عميد كلية الحقوق والمحقق القانوني بالجامعة بسماع أقوال بعض الطالبات، هذا بالإضافة إلى إيقاف الأستاذ المشكوى في حقه عن العمل لحين انتهاء التحقيق.
كلية زراعة جامعة أسيوط
كما اتهمت طالبتين بالماجستير بكلية زراعة جامعة أسيوط، أستاذ بالكلية بالتحرش بهم، حيث اتهموا الدكتور بالطلب منهن الحضور في أوقات متأخرة دون اصطحاب أزواجهن بدون وجود سبب يمنع ذلك.
وأضافت إحداهن أنه طلب منها خدمات جنسية مقابل حصولها على أسئلة الامتحان، كما ذكرت الأخرى أنه طلب منها أن تقضي يوماً كاملاً معه، مما دفعهم إلى تقديم شكوى إلى رئيس جامعة أسيوط ضد هذا الدكتور.
كلية سياحة جامعة المنيا
تظاهر نحو 200 طالب وطالبة من كلية السياحة والفنادق بجامعة المنيا، أمام مقر المؤتمر الدولي للزراعة الري، للمطالبة بإقالة دكتور بالكلية اتهموه بمحاولة التحرش بالطالبات جنسياً، وأضافوا أن الأستاذ المذكور يقوم بمغازلة الطالبات بكلمات وإيحاءات جنسية فضلاً عن إجبارهن على دخول مكتبة مهدداً برسوب من ترفض فعل ذلك، وقام إثر ذلك الدكتور محمد شريف رئيس جامعة المنيا بتحويل الدكتور إلى التحقيق.