كتبت : أماني ربيع
بسواعد شبابها خرج للنور، هذا هو ما أثبتته مشاركة الشباب المصرى فى دعم مشروع قناة السويس الجديدة منذ لحظاته الأولى حيث كانوا فى طليعة الصفوف يدعمون العاملين به ثم يستقبلون ضيوفه، ففرحتهم لم تكتمل سوى بفرحة انطلاقه.
فى البداية تقول شرين خالد، من القليوبية: في عام 2014 تمت دعوتي مع 20 شابا آخرين يمثلون محافظات مصر المختلفة من قبل وزارة الشباب والرياضة لحضور فعاليات بدء حفر القناة الجديدة، كان المكان لا يزال صحراء، ولم نكن نتخيل قدرة الشعب المصرى على تحويله لقناة جديدة خلال عام واحد، وقتها قابلنا القيادات الذين أكدوا لنا أن المصريين قادرين على تحطيم صخرة المستحيل، عندها لم أتمالك نفسي لأجدني أغنى "مصر التي في خاطري وفى دمى" أمام الفريق مهاب مميش الذي صافحني، وقال لي: رسالتك دي لازم توصل للرئيس، وبالفعل ذهبت لمقابلة سيادته مع مجموعة من الشباب على يخته الخاص وتكلم معنا بكل ود.
وتابعت: فى عام 2015 ذهبت للمرة الثانية للقناة باعتباري رئيس برلمان جامعة عين شمس، وتم اختياري لأنني كنت من المشاركين فى حفل التدشين، ذهبنا قبل الحفل بيوم واحد لنفاجأ أن الحلم قد تحقق، وأن الصحراء تحولت إلى مشروع عملاق وحقيقي، وعند وصولنا عرفت أننا سنقابل الرئيس مرة أخرى على يخت المحروسة، لم أكن أتخيل يوما أنني سأكون جزءا من هذه اللحظة المهمة في تاريخ مصر، شعرت وقتها بالفخر والعزة والأمل، ما زاد ثقتي فى أن مصر قادرة على تحقيق المعجزات.
ومن الصعيد وبالتحديد المحافظة المنيا يقول محمد سيد، 25 سنة: أردت مشاهدة هذا الإنجاز عن قرب فسافرت ضمن وفد من شركتى، ومع وصولنا إلى مكان الاحتفال خفقت قلوبنا مع الأغاني الوطنية التي أشعلت حماسنا وأيقظت بداخلنا روح الانتماء، لذا أرى أن هاشتاج "مصر بتفرح" التعبير الأنسب لما شعر به كل المصريين في ذلك اليوم، كنا نشاهد جميع ممثلى العالم ورؤسائه وهم يتوافدون على منصة الاحتفال ما أشعرنا بالفخر لانتمائنا إلى هذا البلد.
دموع الفرح
وتحكي ريجينا سمير -23 سنة- عن ذكرياتها مع حفل افتتاح القناة قائلة: ذهبت ضمن وفد يمثل الجامعة بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة، سعدت جدا لمشاهدتى هذا الإنجاز التاريخى، وقد سادت حالة من الفرحة جميع الشباب وتعالت الضحكات وارتسمت على الوجوه ملامح الفرح والحماس، كانت مهمتنا تنظيمية وسعدت بالبطاقة البرتقالية التي كان يتم منحها للمنظمين، لكن للأسف يوم الافتتاح وبسبب الزحام نزلنا في مكان خاطئ ولم نستطع أن نقوم بمهمتنا، لكننا كنا بالقرب من المنصة الرئيسية، ما أتاح لنا مشاهدة المشاهير والممثلين وقادة العالم الذين جاءوا ليشهدوا عظمة بلادنا وعزيمة شعبنا، ومع عبور أول سفينة من الممر الملاحى الجديد لم نتمالك أنفسنا لتنهمر دموع السعادة والعزة من أعيننا.
" فهمنا لأول مرة معنى الوطنية والانتماء" هكذا بدأ أحمد الغزالي، خريج كلية الصيدلة حديثه قائلا: كنت رئيس اتحاد الجامعة، وذهبت ضمن مجموعة من الشباب للمشاركة في تنظيم الحفل، لا أستطيع أن أصف الإحساس الذى انتابنا مع سماع الأغنيات الوطنية، لأول مرة نرى إنجازا قوميا يصنع أمام أعيننا، التقينا بأسر شهداء الجيش والشرطة وسمعنا حكاياتهم وواسيناهم، وقبل الافتتاح بيوم واحد ذهبنا إلى الإسماعيلية لنجد أن روح الوطنية تعم المكان، كما تبادلنا التهاني مع أهالى المحافظة، وشعرنا بالفخر عندما شاهدنا وفودا من كل أنحاء العالم جاءت لتشاهد الهدية التى قدمها المصريون للعالم، كان هناك تعاون حقيقي وروح جميلة من الجميع ليس الشباب فحسب بل والأهالي الذين استقبلونا بكل ود، وشوارع الإسماعيلية امتلأت بالأعلام، وضجت أصوات الأغاني الوطنية فى أرجاء المحافظة.
أما صقر محمد -22 سنة- فيسترجع ذكرياته مع حفل الافتتاح قائلا: كنا مجموعة من الشباب ضمن اللجنة المنظمة، ذهبنا إلى الإسماعيلية وفي أذهاننا أن الإنجازات مجرد سطور في كتب التاريخ تنتمي للماضي، لم نكن نظن أننا يمكن أن نشاهد إنجازا حققه أجيال ما بعد 1973، ليصبحوا مثلا وقدوة للأجيال القادمة، وعندما أعود بذاكرتي إلى هذا اليوم أسترجع صورة بلدنا الكبيرة القائدة، كل شيء كان يسير بدقة كخلية نحل، وكانت لحظة الافتتاح شاهدة على سنة كاملة من إصرار قيادة حكيمة على إعادة المجد للشعب المصرى.
وحول كيفية استثمار طاقة الشباب فى بناء وتنمية الوطن تقول د. زينب مهدي، خبيرة التنمية البشرية: يعد الانتماء من أهم الدوافع التي لابد أن تكون دائما نشطة لدى الشباب، لأن الوطن في حاجة إلى طاقاتهم بشكل دائم كما أن للأسرة دور في تنمية هذا الدافع لأنها المؤسسة الاجتماعية الأولى التي ينمو فيها الوعي، وهناك مجموعة من الأسس يجب أن تقوم كل أسرة بتنشئة أطفالها عليها أهمها التربية الدينية، لأن كل الشرائع السماوية دعت إلى الحفاظ على الوطن، وتقديم نماذج من شهداء الجيش والشرطة الذين قاموا بواجبهم تجاه بلدهم وقدموا أرواحهم فداء لأمن واستقرار الوطن.
وتابعت: علاقة الفرد الجيدة بمجتمعه تشعره بالحب تجاه أفراده الأمر الذى ينمى بداخله حب الوطن، وتوليد طاقة إيجابية تجعل من المجتمع كتلة واحدة لمواجهة أى مؤامرات تحاك ضد الوطن، كما أن للمشاريع القومية التي تقوم بها الدولة أثر قوي في تنمية الانتماء والوطنية لدى الشباب، لأنهم يشعرون بأن الوطن أيضا يحافظ عليهم مثلما يحافظون عليه، وهذا ما يسمى بالعلاقة الحميدة بين أفراد المجتمع والقادة، حيث تمثل هذه المشاريع حافزا يدفعهم إلى تقديم المزيد لوطنهم، وفي ظل هذه العلاقة يشعر الشباب بالاستقرار والأمان في بلده ما يجعله يرفض فكرة الهجرة، لذا على مؤسسات المجتمع أن تبث الطاقة الإيجابية في نفوس الشباب وتحث على نبذ الأنانية وإعلاء مصلحة الوطن.