في كل مكان يبقى الكِتاب هي الصاحب والصديق الحقيقي خاصة إذا كان كلاسيكيًا فلن ينتهي من قول ما سيقوله كما كتب ذات مرة المؤلف إيتالو كالفينو، من هنا نسرد معًا نصائح لقراءة الروايات ذات السحر الخالد، والتي ننتظر قراءتها أو نعيدها..

ولنبدأ بسردٍ مغامرٍ كتبه الشاعر والفيلسوف الأمريكي هنري ديفيد ثورو باسم "والدن" أو"الحياة في الغابة"، وهو سرد للسيرة الذاتية  للكاتب الذي قضى شهرين في كوخٍ على ضفاف بحيرة والدن، حيث ماساتشوستس الذي نُفى ذاتيًا بعيدًا عن جنون وتقنية البُعد الحضري، بحثًا عن زاوية للتنفس بعمق، والانخراط  في الأنشطة اليدوية، وإعادة اكتشاف الاتصال مع نفسه ومع الطبيعة، وقد صدر الكتاب في مارس 1988، ففي يوليو 1845، ترك هنري ثورو مسقط رأسه وهو في الثامنة والعشرين من عمره وذهب للعيش على ضفاف بحيرة "والدن"، في كوخ بناه بنفسه، ومكث هناك لأكثر من عامين، في هدوء الغابة، يزرع حديقته النباتية، ويقرأ، ويراقب الحيوانات، ويمشي في الطبيعة أو إلى قرية مجاورة، ويكتب، ويقوم بأعمال منزلية صغيرة، ويسبح، يريد "السير على صوت طبلة مختلفة" والسعي إلى الحرية من خلال الانغماس في إيقاعات الطبيعة. والنص الأساسي للوعي البيئي وحجر الزاوية للثقافة الأمريكية المضادة  فالكتاب "والدن" هو سرد للسيرة الذاتية لهذه التجربة في الحياة الانفرادية، والتأريخ اليومي للعودة إلى البساطة، وإعلان الاستقلال عن الهزال الأخلاقي.

القتل على النيل

ولا يمكن أن يفوت الجاذبية واحدة من أفلام الإثارة التي جعلت من أجاثا كريستي الأكثر مبيعًا أكثر شهرة في جميع أنحاء العالم، والتي أعيد إحياؤها من خلال تعديل الفيلم من قبل كينيث برانا، مع كينيث براناغ، وجال جادوت، وآرمي هامر، في تجميل طاقم التمثيل، وهنا نتحدث عن جريمة قتل على النيل، بطولة المحقق البلجيكي هيركول بوارو، الذي يحوّل رحلة بحرية هادئة إلى تحقيق مذهل حتى السطور الأخيرة، ويسرد الكتاب مجموعة متنوعة من المسافرين تبحر في نهر النيل على متن قارب الكرنك الفاخر، من بينهم الساحرة "لينيت ريدجواي"، أغنى فتاة في إنجلترا، في شهر العسل، ومع ذلك، فإن كل شخصية لها قصتها الخاصة وسرها الخاص، المختبئين بعناية تحت واجهة لا تشوبها شائبة، ومن بين السائحين هناك أيضا هرقل بوارو، حيث في غضون ساعات قليلة على متن الكرنك، ارتكبت جريمتان، لتتحول الرحلة السلمية إلى مطاردة يائسة لقاتل ماكر شيطاني.

رحلات جاليفر

وكيف لنا أن ننسى الرواية الملونة والاستعارية التي نزل بها الكاتب والقس الأنجليكاني جوناثان سويفت في التاريخ؟ حيث  تحكي رحلات جاليفر المفعمة بالحيوية قصة مجازية وساخرة في نفس الوقت، من خلال مزج حب المغامرة بالنقد الاجتماعي، وتعرض مواقف جريئة على أقل تقدير، ومرحة ومهمة في نفس الوقت، وبفضلها هي، من الممكن الاستمتاع والسفر بالخيال خلال التفكير في أكثر عاداتنا تجذرًا، وتروي الرواية المجازية المغامرة رحلات ليمويل جاليفر، في مراحلها الأربع، فبعد غرق السفينة في ليليبوت، وجد نفسه بين عمالقة الأرض الخيالية، ووصل أخيرًا، بعد العديد من البلدان، أمستردام وإنجلترا، وسيلاتي، بالإضافة إلى تقديم وصف في ملاحظات المعلومات التي لا غنى عنها لفهم المراجع التاريخية والثقافية، حيث تهدف ترجمتها إلى إعادة إنتاج أسلوب القرن الثامن عشر الأصلي قدر الإمكان لجعل الإنسيابية الاستثنائية إحساس النثر السريع.

وتعد نظرة جوناثان سويفت الساخرة عن الطبيعة البشرية، ورواية المسافر في ذلك الوقت قصة ممتعة للأطفال والعلماء على حدٍ سواء، فرحلات جاليفر هي أشهر أعمال "سويفت" التي تحكي قصة ليمويل جاليفر الذي يسعى للسفر حول العالم، عندما تحطمت السفينة، يغسل في جزيرة ليليبوت. إنه أسير من الأشخاص الصغار الذين لديهم مخاوف أصغر، فيهرب جاليفر ويسافر إلى سبع أراضي أسطورية أخرى، وبينما كُتبت رحلات جاليفر في عام 1713، فقد استمرت شعبيتها كعمل كلاسيكي مع العديد من التفسيرات المختلفة.

 

ثلاثة رجال في قارب

وننتقل إلى عمود حقيقي من الأدب الفكاهي، ثلاثة رجال في قارب للصحفي الإنجليزي جيروم  ك. وهوعمل خفيف ومليء بالحركة على ما يبدو، حيث لا يوجد نقص في المفاجآت والنكات، ولكنه بدوره يمنحنا المقطع العرضي لمجتمع بأكمله، بالتناوب مع الفكاهة الإنجليزية النموذجية، وللفلسفة أقوال مقدرة أن تظل محط الإعجاب لفترة طويلة بسبب حصافتها.

في الكتاب يشكّل الأصدقاء الثلاثة "هاريس، وجورج، وجيه" ثلاثيًا عصبيًا إلى حد ما، ويفعل هاريس كل شيء بنفسه، لكنه دائمًا يبقي الآخرين تحت المراقبة بالأوامر والأوامر المضادة، أما جورج فما كان يفعل شيئاً غير النوم، لكن الكسل رذيلة لا تعنيه، يرافق الأصدقاء الثلاثة كلب، ومونتمورنسي ثعلب جحر شرس من المؤكد أنه سيكون جيدًا جدًا لهذا العالم، يقومان معًا برحلة بالقارب على طول ضفاف نهر التايمز، والنتيجة قصة مرحة، مليئة بالمحن الصغيرة والمغامرات الكوميدية، مع الحكايات الغريبة عن الأزياء وذكريات التجارب المضحكة، في سلسلة من الكمامات حول أفراح وأحزان الحياة على النهر".

كبرياء وتحامل

ونبقى في إنجلترا مع تحفة جين أوستن بلا منازع، والتي تعتبر واحدة من الشخصيات الرائدة في روايات الخيول في العصر الكلاسيكي الحديث والرومانسية، فكبريائه وتحامله، الذي ظهر عدة مرات على الشاشة الكبيرة والصغيرة ، هو مركز للسخرية والحوارات المؤثرة مع الريف الإنجليزي في الخلفية؛ إنها قراءة يتشابك فيها الابتعاد عن العقلية والأخلاق المشتركة مع مشهد من المشاعر المتضاربة.

تعد الرواية واحدة من أولى روايات جين أوستن، بدأها الكاتب في سن الحادية والعشرين وتم رفض الكتاب من قبل ناشر في لندن، ليبقى في أحد الأدراج حتى نشره بشكل مجهول في عام 1813، ومنذ ذلك الحين يعتبر من أهم الروايات في الأدب الإنجليزي، حيث يسرد الكتاب قصة شقيقات بينيت الخمس وخاطبهن، وتتمحور حول التناقض الرومانسي بين إليزابيث المحبوبة والمتقلبة ودارسي المتغطرسة.

إن روح الملاحظة التي لا هوادة فيها والتي تكاد تكون ساخرة، والدراسة البارعة للشخصيات، والسخرية من الغرور ونقاط الضعف في الحياة المنزلية، تجعل هذه الرواية واحدة من أكثر الأعمال الكوميدية فاعلية والتي لا تُنسى في فترة الوصاية الإنجليزية.

الشاب هولدن

ونختتم برواية "الشاب هولدن" للكاتب الأمريكي جيروم ديفيد سالينجر، وهي رواية مؤثرة حديثة العهد لا تزال صالحة حتى اليوم، حيث بطل الرواية  فتى متهور يردد صدى شخصيات مارك توين، والذي بعد طرده من المدرسة الثالثة على التوالي يعود إلى نيويورك متجنبًا رؤية والديه لبضعة أيام، ويكون لديه خلالها تجارب قادرة على مساعدته أن ينمو ويفهم بشكل أفضل معنى الحياة.