الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

فواصل مش فاصلة

  • 20-10-2022 | 11:18
طباعة

احتفائى بالنموذج الصينى وصعوده الاقتصادى لا يأتى  سوى من باب تطلعى لقدرته على فرملة التوحش الأمريكى لكنه لا يصل لحد التماهى معه أو الدعوة لاستلهامه، فالاستبداد السياسي لا يمكن أن يُشكل حالة تُرتجى ولو جاء بذهب الأرض وكنوزها ، فالحرية هى المعيار الفارق بين الإنسان والحيوان ، والحرية هى الحرية لا يمكن على الدوام الفصل بين وجهها السياسى والاقتصادى.


وبحسب مُعتقدى، فإن من يبالغون فى الإعجاب بالنموذج الصينى ويتصورون إمكانية استلهامه يقفزون على حقيقة عبّر عنها الرئيس الأمريكى الأسبق نيكسون بمؤلفه ما بعد السلام بقوله "إن الديكتاتورية يمكنها تحقيق تقدم اقتصادى على المدى القصير أما على المدى الطويل فسيتمرد الشعب عليها لأنه يحتاج لما هو أكثر من التقدم الإقتصادى"، "وإن الحرية مُعدية ، فالحرية الاقتصادية ستؤدى حتماً الى الحرية السياسية".

فالعلاقة بين الحرية السياسية والاقتصادية طردية، فالديمقراطية وسيلة لضمان إنتاج سياسات اقتصادية سليمة وصنع مناخ مناسب لقيام تنمية حقيقية مستدامة، تماماً كما أن الحرية الاقتصادية وسيلة لضمان إقامة حياة سياسية رشيدة قبل أن تكون شرطاً لوجود بيئة اقتصادية ملائمة لرفع كفاءة المجتمع بكل طبقاته وليس لشريحة ضيقة منه.


من يتابع أحوالنا منذ زمن يدرك أننا صرنا أسرى لما يمكن وصفه بثقافة التضخيم، فقراراتنا تاريخية، وتجاربنا استثنائية، وانتصاراتنا ساحقة، وقادتنا ملهمون، وفنانونا إما زعماء أو نمبر وان، ولاعبونا أيما كان عطاؤهم أو بطولاتهم أسطوريون، وكرتنا الأعظم رغم أن بمحيطنا من أهم أقل عمراً وسكاناً وصلوا لكأس العالم أضعاف ما وصلنا، وفرقنا تنافس الأساطير الحقيقية فى إحصاء البطولات كماً وعدداً رغم أنها لو شاركت فى منافسات حقيقية كالدورى الإنجليزى مثلاً فلربما  هبطت للدرجة الأدنى .


نفعل هذا رغم واقعنا الضرير وتدهورنا المستمر، فنحن بالكاد لا نملك سوى أطلال ماضٍ نراه مجيداً نهرب فيه من حاضرنا المتراجع ، فنحن نكذب ونكذب على أمل أن تنقلب أكاذيبنا لحقائق على الأقل فى ذهن البسطاء ممن سلموا عقولهم لمنتفعين تعودوا الأكل على كل الموائد.
وذاك يعود بحسب نظرى لغياب العلم والموضوعية عنا، أو لهاجس عاطفى يدفعنا لحبس أنفسنا بأمجاد ماضٍ لم نصنعه، وإنما نكتفى باسترجاعه متوهمين أننا بهذا نصنع انتماءات وهويات متغافلين عن أن ما ينطق به الواقع هو الأساس ، فماذا تفعل أكبر حملة إعلانية لمنتج فاسد أو غير كفء.
كل هذا يدعونا لوقفة مع النفس إذا ما كنا نرغب عن جد فى تغيير حاضرنا وصنع مستقبل أفضل، فتشخيص المرض بشكل صحيح يعطى الأمل فى الوصول لعلاج ناجع.

******

رحل منذ أيام عن دنيانا اللواء عادل رشاد رئيس المجلس الأعلى لهيئة الشرطة الأسبق، بالطبع لم يهتم غير محيطه الضيق برحيله ، فنحن بكل أسى لا نرثي مثله من اصحاب العرق ، لكننا نجد أن من حق الرجل أن نحيي مشواره الطويل ، فقد كان مثالا لضابط الأمن السياسي الوظيفى المنضبط النظيف ، فكان من كوادر جيل واجه الإرهاب على مدار عقود ، والأهم أنه لعب دوراً بارزاً فى تفعيل تحولات الجماعة الإسلامية وبعض فصائل الجهاد السلمية بكل ماكان لها من انعكاسات ايجابية ، فرحم الله الفقيد وألهم أهله الصبر والسلوان.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة