الأحد 19 مايو 2024

ذكريات حرب رمضان 10 .. اعترافات قائد إسرائيلى

8-8-2017 | 19:34

بقلم : إقبال بركة

ونستأنف معا قراءة ما كتبه الجنرال الإسرائيلى عساف ياجورى الذى أسرته الفرقة 18 بالجيش المصرى بعد أن قتلوا كل رجال فرقته و دمروا كل دباباتهم.

لم يف الجنرال آدان بوعده لى بأن يرسل لنا طائرات سلاحنا الجوى, حتى المدفعية الثقيلة التي كلفت بمعاونتنا.. هل وصل المصريون إليها هى الأخرى؟! لا أدرى شيئا وقد فقدت الاتصال ببقية وحداتى المدرعة، معظم دباباتنا تنفجر أمامى، حاولت الارتداد إلى الخلف بأقصى سرعة, سقطت دبابتى والثلاث دبابات الأخريات في كمين آخر, وجه قذائفه لتخترق دباباتنا الأربع، قفزت من الدبابة وأسرعت إلى الاختفاء خلف تل صغير من الرمال ومعى أربعة جنود، فوجئنا بعربتين مصفحتين مصريتين تمشطان المنطقة بحثا عنا، حاول بعض جنودى الذين اختفوا خلف مرتفع آخر الفرار وأطلقوا نيرانهم على الجنود المصريين الذين كانوا يقفون مكشوفين فوق العربتين وأعتقد أن أحدهم أصيب ولعله قتل.

اندفع الجنود المصريون خارج المصفحتين وانطلقوا نحو هذه المجموعة وهجموا عليهم في شراسة بالغة, وسكتت بعد دقائق مقاومتهم، ماتوا بالطبع.

اتجه المصريون بعد ذلك ناحيتنا، لا مفر من الاستسلام، رفعت يدى إلى أعلى وأخذت أصيح في وجوههم وأنا أرى الموت يتقدم نحوى (أننى جنرال.. أنا جنرال.. لا تقتلونى.. أريد مقابلة قائدكم)، فوجئت بهم يتوقفون عن الضرب، جندى واحد فقط اضطر قائده إلى أن يأمره بصوت حاد بعدم إطلاق النار, سرت بينهم مقيدا لا أستطيع أن أقاوم البكاء، هذا هو أشد الأيام كآبة وأكثرها إحباطا على الجبهة المصرية، نظراتهم صارمة حادة لكنهم لم يفعلوا شيئا.. كنت أتوقع أنهم سوف يقتلوننى ومن معى في أية لحظة, قادونى إلى مقر قيادة الفرقة التي كنت مكلفا باختراقها، جذبني هدوء وبرود قائدها، قلت له إننى أملك في الحياة المدنية فندقا في تل أبيب، وشرحت له كيف كانت خطته محكمة وكيف أن الجنود المصريين يقفزون على دبابتنا دون أن يبالوا بأى شىء حتى و لو كان الموت, تحدث هو إلى بصوت هادئ أكد لى أنهم يحترمون قرارات جنيف وأننى سأعامل في الأسر معاملة طيبة، وألمح هو إلى بعض ما جرى للمصريين في حرب 1967 و قال: "مع ذلك لن نعاملكم بالمثل وستلقون معاملة إنسانية".

قادونى بعد ذلك إلى القاهرة وتم استجوابى من جديد، وكانت الأسئلة تتناول أمورا كثيرة عسكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية وعن بعض الشخصيات العامة، أعتقد أنه كان بين المستجوبين أستاذ علم نفس على الأقل.

وفي نفس اليوم أخذونى إلى مكان يبدو أنه مبنى التليفزيون، ألقيت نظرة على الوجوه المحيطة بى، كانوا ينظرون إلى بفخر وحب استطلاع.. وقد نظموا لى طوال فترة وجودى عدة رحلات إلى الأهرام وفندق هيلتون, كما التقيت ببعض اليهود الذين لا يزالون يعيشون في مصر وذلك بناء على طلبي، وأثناء فترة أسرى كنت أقول لنفسى ترى ماذا حدث لبقية زملائى, ترى هل وجدوا طريقهم إلى النجاة، وبعد عودتى من الأسر فوجئت بل أذهلنى حجم الخسائر التي وقعت في صفوفنا ومع ذلك لم تعلن حتى الآن الأرقام الحقيقية لخسائرنا.

حيرتي بالغة، كيف حدث هذا لجيشنا الذي لا يقهر وصاحب اليد الطولى والتجربة العريضة، كيف وجدنا أنفسنا في هذا الموقف المخجل؟ أين ضاعت سرعة حركة جيشنا العظيم؟