الثلاثاء 30 ابريل 2024

ألعاب الموت ليست القضية!

مقالات27-10-2022 | 16:50

من حين لآخر تباغتنا وسائل التواصل الاجتماعي بلعبة موت جديدة، آخرها تحدي "كتم الأنفاس"، الذي يتسابق فيه الصغار على كتم أنفاسهم حتى الوصول لمرحلة الإغماء.. والغريب أن هذه اللعبة ليست جديدة.. فقد ظهرت منذ عدة سنوات على التطبيقات الإلكترونية، وأسفرت عن وفاة بعض الأطفال من مختلف دول العالم.

ولا أعرف لما ولا كيف عدت بذاكرتي إلى الوراء، وتحديداً لفترة السبعينات. وقتها، كنت في مرحلة الطفولة المبكرة، وكان الصغار يمارسون ذلك التحدي المسمى بكتم الأنفاس دون تطبيق إلكتروني يدعوهم إليه، ولا أهل منشغلين ليل نهار بأعبائهم الحياتية، تاركين صغارهم لكل من هب ودب ليلقنهم ما يشاء. فالآباء والأمهات حينذاك، كان همهم الأول والأخير تلقين أولادهم كيفية التفرقة بين الخطأ والصواب.. ولا زلت أذكر كلمات جدتي بمجرد ملاحظتها محاولة كتم أنفاسي لثوانٍ وهي تحتضنني، وبمنتهى التفهم والعقلانية تعرفني، وصديقاتي خطورة هذه اللعبة والتي اختفت مع أول محاولة لقيام أي طفل بها.. والفضل،.. لأهل يراقبون صغارهم ويعرفون متى يتدخلون..

مشكلتنا يا سادة،.. ليست في تطبيقات إلكترونية تستهدف صغارنا، مرة بألعاب موت، ومرات بمفاهيم مغلوطة ومعتقدات فاسدة، قد تعصف بحياتهم وتعرض مستقبلهم للدمار.. لكن في أسر توهمت أن المادة، وتوفير الحياة الرغدة هي صمام الأمان لغد أفضل.. فرهنوا غد أبنائهم على تعليم أجنبي، ويعلم المولى قدر ما يتكبدونه من مشاق لتدبير مصاريفه، والنتيجة، عدد ليس بقليل من الأطفال يعيشون في عزلة إلكترونية، ويستقون معلوماتهم من عالم افتراضي، ويوم تلو آخر، يصبح هذا العالم هو المسئول عن توجيههم والمكون الرئيسي لطريقة تفكيرهم.

فيا كل أب وأم، أفيقوا من غفوتكم المادية.. فما يحتاجه صغاركم عن حق ليس مدرسة تفوق متطلباتها إلا نهائية إمكاناتكم المالية، ولا أحدث الهواتف والألعاب الإلكترونية.. لكن أهل يستقطعون من يومهم ساعات طوال ليقضونها معهم، يستمعون إليهم، ويناقشون كل صغيرة وكبيرة تؤرقهم.. أهل يعرفون كيف يحتضنون مشاعرهم، ومتى يتخذون موقفًا حادا قبل وقوع صغارهم في أحد المحذورات.

وما لا يقل أهمية عن كل ما فات، أهل يكتشفون مواهب أطفالهم الكامنة، وبدلاً من تركهم أمام الشاشات الالكترونية، يعرفون ماهية اهتمامات أولادهم سواء رياضية، فنية، أو حتى ثقافية ويوجهونهم إليها، ربما كان أبنهم أو أبنتهم أبطال في أي من المجالات وكل ما يحتاجه أب أو أم يدلونه على الطريق الصحيح..

وأخيراً وليس بآخر.. ألعاب الموت ليست القضية، أنما تكمن قضيتنا الحقيقية في أهل تغافلوا بمحض وكامل إرادتهم عن احتياجات أبنائهم الفعلية.

    

 

Dr.Randa
Dr.Radwa