السبت 1 يونيو 2024

إمام مسجد السيدة زينب لـ «الهلال اليوم»: زيارة الأضرحة مستحبة

9-8-2017 | 13:35

حوار وعدسة – صلاح البيلي

تكثر الأضرحة والمقامات الصوفية في مصر، بعضها مزيف لم يستدل على صاحبه أو قصته، ومنها الأضرحة التي نعرف أصحابها وقصصهم.. لكن الغريب في ذلك أن هناك بعض الأضرحة التي لا تحتوي في الأصل علي رفاة أموات وبالرغم من ذلك يتردد عليها المواطنين ليطلبوا حاجتهم ويجعله وسيط في الدعاء بينه وبين الله عز وجل.

هل يجوز للمسلم طلب الشفاعة من ولي صالح رحل عن الدنيا ؟، وما مشروعية زيارة الأضرحة ؟، وهل يجوز طلب المدد من صاحب الضريح أم أن ذلك حرام شرعا ولا يجوز الطلب إلا من الله النافع والضار؟، وما حكم الصلاة المفروضة في المساجد التي بها أضرحة ؟، وهل للإنسان أن يخصص وردا ثابتا للقراءة يوميا غير القرآن الكريم ؟ ، هذه الأسئلة وغيرها تؤرق البعض وتستشكل على أخرين ويحرمها السلفيون ومن سايرهم ولكن لإمام وخطيب مسجد السيدة زينب رأي أخر مستشهدًا بالقرآن والسنة ومواقف الصحابة والعلماء على مر التاريخ فإلى نص الحوار.

 

بداية هل يجوز طلب الشفاعة من أضرحة الأولياء وآل البيت ؟

يقول د. أحمد البهي : البداية تكون بتعريف الموت وهو عندنا أهل السنة والجماعة وأهل التصوف انتقال من عالم الدنيا للحياة البرزخية ولكنه عند أخرين يساوي العدم والفناء المحض وبذلك يسيئون الأدب مع مقابر الأنبياء والصالحين ، ولكن مفهوم الموت الحقيقي في الإسلام أن انتقال لحياة برزخية ومن هنا فإن الأنبياء والصالحين لهم إطلاع على أحوال الدنيا وأحوال أهلها خاصة محبيهم ومريديهم ، فيراهم الولي الصالح ويسمعهم وترفع إليه أورادهم التي تتصل به وصاغها في حياته ويكون ذلك سببا في اعتناءه بهم بعد انتقاله ودعائه لهم ، كل ذلك مع اعتبار أن النافع والضار هو الله سبحانه وتعالى وما الولي الصالح إلا شافع عند ربه ، فإذا أجزنا طلب النفع من الإنسان الحي باتفاق الجميع فإن ذلك يجوز في حق من انتقل للحياة البرزخية ، أما من يعتقد بوجود النفع والضر من الحي دون الميت فهو لم يفهم معنى الموت بطريقة أهل السنة والجماعة .
 

ما هو دليلك فيما تقول به ؟

دليلي ما فسره سيدنا الإمام علي بن أبي طالب للآية الكريمة : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) . قال : فيها خليلان مؤمنان وخليلان كافران ، أما المؤمنان يموت أحدهما قبل الأخر فتصعد روحه إلى السماء فيقول : يا رب إن لي فلانا كان خليلي في الدنيا يأمرني بطاعتك وينهاني عن معصيتك فلا تمته حتى تريه مثل ما أريتني ، أما الكافران فيموت أحدهما قبل الأخر فتصعد روحه إلي السماء فيقول : يا رب إن فلانا كان خليلي في الدنيا يأمرني بمعصيتك وينهاني عن طاعتك فلا تمته حتى تريه مثل ما أريتني ، وهذا التفسير من الإمام علي يثبت النفع والضر في حق الأموات وذلك بالنسبة للناس العاديين فما بالنا بالأولياء والصالحين ؟! .
 

وقصة سيدنا موسى مع حضرة النبي معروفة للجميع ليلة أسرى بالرسول وعرج به والتقى بالأنبياء ومنهم سيدنا موسى الذي كان سببا في تخفيف الصلاة المفروضة على أمة محمد من خمسين صلاة في اليوم إلى خمس فقط وانتفعت به الأمة كلها بعد موته وانتقاله .
 

وهناك شواهد كثيرة من أقوال العلماء وقصص وكرامات الصالحين وقصة سيدنا بلال بن الحارث المزني معروفة حيث استسقى بحضرة النبي بعد انتقاله فجاء الغوث والمطر وكان ذلك على عهد عمر بن الخطاب ، وكلها أدلة صحيحة تثبت حقيقة الانتفاع من الأموات بعد انتقالهم بإذن من المولى عز وجل .
 

هل طلب المدد من أصحاب الأضرحة حلال شرعا ؟

طلب الغوث والمدد من الصالحين وأصحاب الأضرحة ليس حراما ولم يبتعد طالبه عن صحيح الأدلة والنصوص ومن ينكر ذلك فقد قام بتضيق الواسع .

سبق أن أفتى الشيخ إسماعيل صادق العدوي بأن زيارة الأضرحة تجوز وعندما طالبه المستفتي بالدليل قال له : ( أنا الدليل ) ! فما قولك في ذلك ؟
 

الشيخ العدوي شيخ مشايخنا ومن أداب الفتوى ألا نطالب العلماء الكبار بالدليل،  وزيارة الأضرحة ليست جائزة بل مستحبة ، أي أن فاعلها يثاب عليها ولا يأثم تاركها أما الجائز فلا يثاب فاعله ، وأهل المذاهب الأربعة لم يحرموا زيارة أضرحة الصالحين والمدد يطلب من الحي والميت على السواء .
 

حرم البعض الصلاة في المساجد التي يوجد بها قبور واستندوا للحديث : ( لعن الله بني إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فما تقول في ذلك ؟
 

المساجد التي توجد بها قبور موجودة من عصر الصحابة مثل المسجد الذي أقيم على قبر الصحابي أبي بصير ، وبعد التوسعات التي جرت في الحرم النبوي دخلت الروضة الشريفة في المسجد وفيه قبور حضرة النبي وأبو بكر وعمر ، والمقصود بحديث الرسول هو النهي عن اتخاذ مواضع القبور محلا للسجود أي قبلة في الصلاة ونحن المسلمين لا نفعل ذلك بدليل الآية : ( إن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ) ، والمقصود بالمساجد مواضع السجود ولو أخذنا الآية أو الحديث بالتفسير الخاطئ لكان الحرم النبوي أولى بعدم الصلاة فيه وكذلك الكعبة المشرفة لأنها بنيت على مقابر عدد من الأنبياء منهم سيدنا إسماعيل وأمه هاجر ! .
 

فماذا تقول فيمن يشد الرحال لمسجد سيدنا الحسين أو أحد الأولياء والحديث يقول بشد الرحال لثلاثة مساجد فقط ؟!

هذه الشبهة مرجعها عدم رجوع الناس للكتب الصحيحة لشرح الآيات والأحاديث واللجوء للفهم الضيق مع أن أصحاب المذاهب الأربعة والعلماء الكبار على مر العصور كانوا يشدون الرحال لمساجد الأولياء ولم ينكروا هذه الزيارة المخصوصة . ولنا في الإمام الشافعي قدوة حين قدم مصر كان أول ما فعله زيارة قبر الإمام الليث بن سعد صاحب مذهب مصر ومعاصر الإمام مالك بن أنس . وكان معاصرا للسيدة نفيسة ويرسل إليها يطلب منها الدعاء له .
 

أخيرا ماذا تقول فيمن خصص وردا ثابتا للقراءة اليومية كالصلاة على النبي أو الذكر بأسماء الله الحسنى ؟

الآية القرآنية تقول : ( اذكروا الله ذكرا كثيرا ) و ( والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ) ولم تقيد الآية الذكر بنوع ثابت فكل الذكر مستحب ما دام المعني مستقيما وخصوصا في الصلوات على النبي التي جمعها سادة الصوفية وصاغوا فيها أوصافه عليه الصلاة والسلام وكل مسلم يذكر بما يوافق حاله من ذكر لفظ الجلالة أو أسماء الله الحسنى والأمر واسع .