السبت 23 نوفمبر 2024

الـرومـانسـية والاسـتعـراض وراء نجاح المسلسلات الأجنبية الطويلة!

مسلسل lost

17-11-2022 | 12:55

أشرف بيومى

 

استطاعت المسلسلات الأجنبية الطويلة، التى تعتمد على عدد كبير من الأجزاء والحلقات أن تجذب شريحة كبيرة من المشاهدين، خاصة فى مصر، حيث لا يخلو منزل من الاهتمام بالبحث عن خريطة القنوات التى تشهد تواجد مسلسل هندى أو أمريكى يبحث فيه عن قصة أسطورية يقدمها أبطال خياليون وتضم أحداثاً مليئة بالتشويق والإثارة.
وتتميز هذه الأعمال بوضع ميزانيات ضخمة مبهرة، منها على سبيل المثال مسلسل «Game Of Thrones» الذى وصلت ميزانيته إلى ملايين الدولارات، محققاً مردوداً كبيراً حول العالم فى نسب المشاهدة، كما أصبحت المنصات الإلكترونية أيضاً تقدم محتوى متميزاً تنجذب إليه شريحة كبيرة من الجمهور حول العالم.
فماذا عن هذه الظاهرة وكيفية مواجهتها؟

من أشهر المسلسلات الأمريكية الطويلة التى حققت مشاهدات عالية وأثرت على جيل كامل من المشاهدين، مسلسل «الجرىء والجميلة»، الذى وصل عدد حلقاته إلى ألف حلقة وحظى بمتابعة كبيرة من المشاهدين فى الوطن العربى، حيث تم بثه لأول مرة عام 1987.
أما من المسلسلات الجديدة التى أثرت أيضاً فى المشاهدين وحققت نسب متابعة مرتفعة فيأتى على رأسها مسلسل «صراع العروش»، الذى وصل عدد حلقاته إلى 73 حلقة موزعة على 8 مواسم، إضافة إلى إعلان الشركة المنتجة تقديم مسلسلات فرعية مشتقة منه.
من الأعمال الطويلة أيضاً التى تم إنتاجها عام 2004 مسلسل «الضياع» الذى تم عرض 6 مواسم منه بإجمالى 121 حلقة، إضافة إلى مسلسل «العالم الغربى» الذى عرض منه حتى الآن 3 مواسم بما يقارب 30 حلقة وتم تجديده لمواسم أخرى، ومسلسل «بريكنج باد» الذى عرض منه 5 مواسم وعدد حلقاته 62 حلقة، ومسلسل «بريزون بريك» الذى وصل عدد مواسمه إلى 5 مواسم، وتم التجديد لموسم آخر وتخطى عدد حلقاته الـ100 حلقة.
أما مسلسل «الموتى الأحياء» فعرض منه 10 مواسم، إضافة إلى إعلان عرض الموسم الحادى عشر وتخطت حلقاته الـ200 حلقة، إضافة إلى تقديم مسلسلات فرعية أخرى منه، ومن الأعمال التى لا يزال عرضها مستمراً مسلسل «فايكنج» الممتد على مدار 6 مواسم وتخطى الـ120 حلقة، وغيرها من المسلسلات التى يتم إنتاجها أو إنتاج أجزاء جديدة منها بشكل مستمر.
تسيطر أيضاً المسلسلات الهندية على الشاشات العربية وتحقق انتشاراً كثيفاً بين أوساط الأسر المصرية بسبب قصص الحب الرومانسية التى تتناولها، مع اقتراب ذوق هذه الأعمال من ذوق المشاهد المصرى.
ومن أكثر المسلسلات الهندية التى يتابعها الجمهور المصرى: «رحلة سالونى»، «من النظرة الثانية»، «جودا أكبر»، «ملكة جانسى»، «فدية»، «قبول»، «سحر الأسمر»، «فرصة ثانية»، «ومن الحب ما قتل»، «وشريك عمرى»، التى تصل عدد حلقات أى منها إلى مئات الحلقات.
وعلى الرغم من طول حلقات تلك المسلسلات وبطء أحداثها بشكل مبالغ فيه، إلا أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لأغلب المصريين.
وبعد أن شهد العصر الحالى أكبر تغيير فى تاريخ الإعلام والتواصل الاجتماعى بعد إنشاء العديد من المنصات لإشباع رغبات واحتياجات جميع المستهلكين، أصبحت تلك المنصات متخصصة فى مشاهدة الأفلام والمسلسلات الطويلة.
وعلى ذات المنوال بدأت المسلسلات الطويلة فى الظهور والانتشار فى مصر مؤخراً بعدما كانت الهيمنة الدرامية لصالح شهر رمضان فقط، قبل أن يتوجه صناع الدراما لإنتاج أعمال وعرضها خارج الموسم الرمضانى لضمان دوران عجلة الإنتاج، فظرهت المسلسلات الطويلة التى يتراوح عدد حلقاتها بين 45 و60 حلقة فأكثر وتقديم أجزاء متعددة منها، لكى تنافس المسلسلات الهندية والتركية والكورية والأمريكية وغيرها.
ولكن كيف نواجه هذه الظاهرة؟ 


يقول الناقد رامى عبد الرازق: إن المشاهد المصرى نشأ على قصص «الميلودراما»، ولذلك يحرص على متابعة الأعمال الدرامية الطويلة سواء الهندية أو الأمريكية، موضحاً أن المشاهد مثل الوعاء عندما يمتلئ يكون فى حاجة إلى التغيير بشكل أو بآخر.
وأضاف قائلاً: المجتمع الهندى المحافظ يشبه قليلاً المجتمع المصرى فى عاداته وتقاليده، ولذلك ينجذب الجمهور المصرى لتلك النوعية من الأعمال، أكثر من غيرها سواء الأمريكية أو أى مسلسلات أخرى»، مؤكداً أن وجود أكثر من نوع درامى فى السوق يعتبر منافسة صحية.
وأوضحت الناقدة ماجدة موريس أن أزمة جائحة «كورونا» هى السبب الأكبر فى ارتفاع مشاهدات المسلسلات والأعمال الدرامية الطويلة على المنصات الإلكترونية أو شاشات التليفزيون سواء هندية أو أمريكية، حيث انتبه صناع الأعمال لضرورة تقديم أعمال تتناسب مع طبيعة الموقف.
وأشارت إلى أن هناك اتجاهاً قوياً لتقديم كثير من المسلسلات الطويلة تعرض خارج رمضان، ولكنها ظاهرة ليست جديدة، فقد كان التليفزيون المصرى منذ سنوات طويلة ينتج عدداً من المسلسلات ويعرضها على مدار العام وتنجح للغاية، ثم بدأ بعض المنتجين يستشعرون بأن نسب المشاهدة تشهد أعلى حالاتها فى رمضان وبمرور السنوات بدأت المسلسلات تتركز فى الشهر الكريم.
وقالت موريس إن تقديم 45 حلقة من أى عمل درامى هو مكسب للمنتج بالدرجة الأولى؛ لأن الشركة تتعاقد مع صناع المسلسل على الحلقات بدلاً من 30 بالأجور نفسها، ولكن فى النهاية هى لا تعتبر طويلة مقارنة بما وجدناه فى أعمال درامية من دول أخرى كالهندية والأمريكية وغيرهما.


ومن جانبه قال أخصائى الطب النفسى، الدكتور إبراهيم مجدى، إن المسلسلات المتواجدة على المنصات الإلكترونية تحديداً موجهة لطبقة معينة من الشباب والمراهقين، وذلك لتغيير الفكر الثقافى والوعى لديهم والتشكيك فى كل الثوابت لديهم، موضحاً أن تلك المنصات تدس السم فى العسل عن طريق الأعمال الترفيهية.
وأكد مجدى أن هذه الأعمال لها تأثير سلبى ويجب التعامل معها بحذر ومراقبة ما يشاهده أولادنا، مضيفاً: يجب أن نشاركهم الرأى فى هذه الأعمال حتى لا نقع فى فخ المحتوى الذى يقدمونه.
وأوضحت استشارى الطب النفسى، الدكتورة أمل محسن، أن الكبت العاطفى وفقدان الرومانسية داخل الكثير من الأسر المصرية جعلها تتعلق بالمسلسلات الهندية التى تظهر فيها الرومانسية بشكل مبالغ فيه وسط سياق درامى مشوق.
وقالت إن مشاعر المصريين دفنت وسط الأعباء المنزلية والأسرية، وبالتالى لجأوا لعالم الرومانسية بعيداً عن هموم الواقع وذلك من خلال مشاهدة الأعمال الدرامية الطويلة سواء الهندية أو الأمريكية، مضيفة: كما أن تلك المسلسلات تحتوى على العديد من عناصر الجذب التى تروق للمصريين، مثل الأغانى والرقصات المبهجة، والملابس الهندية التى تلقى إعجاب الفتيات أيضاً داخل مجتمعنا.
وأكد أستاذ علم الاجتماع إبراهيم عز الدين أن المسلسلات الهندية تلعب على نقطة ضعف المصريين، وهى العواطف التى تعتبر سبب انجذابهم لها بشكل كبير، موضحاً أن العرب بصفة عامة أشخاص عاطفيون لا يستطيعون التخلى عن مشاعرهم.
وأضاف أن الأحداث فى المسلسل الهندى غير متوقعة ومتعددة، وهو ما يجذب المشاهد لمعرفة إلى أين تنتهى الأحداث، فى رحلة تضم الكثير من الحلقات والأجزاء.
وأشارت الباحثة الاجتماعية آية المسلمانى إلى أن الدراما الهندية تركز على الجانب العاطفى واستخدام الدبلجة باللغة العربية للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور العربى، إضافة إلى إطلاق قنوات جديدة تقتصر على عرض الأفلام والمسلسلات الهندية دون غيرها، أما المسلسلات الأمريكية التى تعرض على المنصات الإلكترونية فجمهورها من الشباب الذى يقضى معظم وقته على الإنترنت.
وقالت إن انجذاب المشاهد العربى لهذا النوع من الدراما أو الأعمال يرجع إلى انتمائها لنوعية الدراما الاجتماعية والرومانسية إلى جانب الرقص والغناء والملابس والوجوه الجميلة والجاذبة، وأحياناً بعض اللقطات الحزينة، ناهيك عن الإبهار فى الصورة واختيار أماكن التصوير فى الهند، وهو ما يبحث عنه الجمهور.
وهذا النوع يفضله المشاهد المصرى والعربى ولهذا حققت انتشاراً واسعاً خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، وأيضاً الأعمال الأمريكية تتنوع فى مضمونها ما بين الرومانسى والأكشن والإثارة والتشويق على المنصات الإلكترونية.
وأكدت المسلمانى أن هناك عاملاً آخر يساهم فى انتشار هذه الأعمال وهو حاجة القنوات الفضائية لملء وقت البث الخاص بها، وهو ما يدفعها للبحث عن مسلسلات ثمنها أرخص لتتمكن من شراء أكثر من مسلسل، وهى تلك المسلسلات الهندية العائلية بامتياز.
وقالت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتورة سامية خضر إن الدراما تلعب دوراً مهماً فى تكوين ثقافة المجتمع ولابد من استغلال الدراما فى نشر الثقافة التنويرية بشرط أن تحمل الطابع المصرى، مضيفة: لا يجب أن ننسى أن نجيب محفوظ عندما تعمق فى البيئة المصرية حصل على جائزة نوبل وقدم الكثير من الروائع الأدبية.
وأضافت أن العقول الضعيفة فقط هى التى تعتبر صيداً سهلاً لأى ثقافات غريبة، ولكن يجب أن تخضع المسلسلات الأجنبية إلى عدة مراحل قبل إجازتها للمشاهد وأن تمر على نخبة من النقاد والكتاب ثم لجنة فنية لاختيار الجيد منها بما يتماشى مع الثقافة المصرية، وأخذ رأى الجمهور نفسه فى نوعية المسلسلات التى تعرض على الشاشة، ولكن ما يعرض على الإنترنت يجب مواجهته بتثقيف الشباب أنفسهم وتقديم محتوى متميز لهم يغنيهم عن تلك الأعمال.
وأكدت استشارى العلاقات الأسرية، الدكتورة أسماء عبد العظيم، أن الدراما الأجنبية لون من ألوان الثقافة، ومنها الدراما الهندية خاصةً التى تقدم فكراً قريباً من المحتوى العربى بشكل أكبر من الدراما الأمريكية، وذلك لأن الشعب الهندى تحكمه عادات وتقاليد مثلنا، ولأن طبيعة الشعب المصرى متطلع للمعرفة فإنه يفضل سياق هذه الدراما ولذلك ينجذب بشكل كبير لها.
وأضافت أن الدراما الهندية قد تكون مشاهدها طويلة جداً لأحداث أسرية ولكن بها إثارة وتشويق إضافة إلى المشاهد الرومانسية المألوفة التى تقدم بشكل جذاب.