الجمعة 17 مايو 2024

قصص قصيرة جدا

12-2-2017 | 13:49

وليد النبهاني - له ثلاث مجموعات قصصية: "خفة ظل"، "سرنمات"، "المنسأة والناي" وكتاب "من تاريخ الموسيقى في عمان.. إشكاليات ونصوص" 2016.

صاروخ

    ثنى طرف الورقة الأيمن بشكل مثلث، ثنى الطرف الآخر بالشكل نفسه، صارت الورقة مدببة، ثنى الرأس المدبب إلى باطن الورقة فصارت مستطيلة مجددا، ثنى الطرف الأيمن بشكل مثلث وأتبعه بثني الطرف الآخر حتى صار المثلثان المتقابلان يشبهان معطفا فضفاضا من أسفله، أحكم ربط المثلثين بثني المثلث الصغير بينهما إلى ظاهر الورقة. وكما يفعل الكواء بالمعطف ضم نصف الورقة إلى نصفها الآخر طوليا، ثم ثنى طرف النصف الأول وهيأ له جناحه وكذلك فعل بالنصف الثاني، وانتظر هبوب الرياح ليطير صاروخه الورقي بشكل لا يعيده إلى الأرض.

***

خرز

  تتساقط حبات الخرز بتمهل شديد، السبابة اعتادت على حمل المسباح، والإبهام تسحب الخرزات واحدة واحدة على الخيط العتيق الذي يصل العجوز بالله. أوشكت على إكمال لفة واحدة بالمسباح، "الله أكبر. الله أكبر. الله....". وانفرطت الحبات واحدة واحدة إثر انقطاع الخيط. ليت الصبي الشقي يساعدها في ربطه مجددا. لكنه كبر كثيرا ولم يعد يمر بالبيت بعد أن حبسته صورة تتوسط الجدار الذي أسندت العجوز رأسها إليه وبكت حتى طاح آخر رمش من عينيها.

***

لعبة

  من فوق الحوش سقطت كرة القدم. استمرت الفتاة برش الماء على الأرضية وهي تدعكها بالفرشاة الكبيرة. كانت المرة العاشرة ربما التي تسقط فيها الكرة وتلطخ الأرضية بالطين. تعالت أصواتهم من وراء الجدار مطالبين بالكرة تماما كما كانت الفتاة تفعل معهم منذ زمن. كسرت عصا الفرشاة الخشبية على فخذها الأيمن، ثم سمعوا صوتا كدوي المدفع وراء الجدار، انفتح باب الحوش، وبان نهدان متكوران حين ارتفعت بقايا الكرة عاليا.

***

هرولة

  قدمان صغيرتان واقفتان ترتجفان، تتحرك القدم اليمنى فالأخرى، تهرولان في منعرجات البيت، تقفان حيث نهاية الباب الرئيسي، تعودان بالسرعة نفسها إلى حيث وقفتا في البدء، تخبان ثم ترقدان إلى جوار أقدام كثيرة راقدة طوال الليل في الغرفة الواسعة، تستقران في الفراش دون ارتجاف هذه المرة بعد أن أعاد الطفل يده اليمنى من جانبه الأيسر مطمئنا أن قلبه لن يتوقف عن النبض كما توقف قلب أبيه وهو نائم.