بقلم – سناء السعيد
المشهد يدعو إلى الإحباط والرثاء بعد أن تسيدت إسرائيل على المنطقة وبات سعار التوحش هو المحرك لها نحو اغتيال القانون ومصادرة الحقوق وارتكاب الجرائم دون مساءلة أو محاسبة من المجتمع الدولى فزاد افتئاتها على الجميع. أكثر من واقعة حدثت مؤخرا تكاد تجزم بأن توحشها فاق الحدود.
تجسد ذلك فى جريمة حارس الأمن فى السفارة الإسرائيلية فى عمان الذى قتل بدم بارد اثنين من الأردنيين، وأصر نيتانياهو على عدم إخضاعه للتحقيق فى الأردن ليعود سالما إلى إسرائيل. بقية المهزلة تتمثل فى كيف استقبله هذا الآثم نيتانياهو وكيف عانقه وأشاد بما فعله وبرباطة جأشه ؟!. لقد شرع نيتانياهو فى توظيف الحادث لبناء مجد شخصى على حساب دماء الضحايا وبصورة اتسمت بالاستفزاز وحملت كل معانى الغطرسة والاستعلاء وتعمدت إهانة الأردن.
إنها إسرائيل التى ضربت بقرارات مجلس الأمن عرض الحائط ومنها القرار رقم ٢٣٣٤ الصادر فى ٢٣ ديسمبر ٢٠١٦ والقاضى بوقف الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية باعتبارها غير شرعية، بالإضافة إلى أنها تعرض للخطر حل الدولتين وهو القرار الذى اعتبر قرارا تاريخيا حيث أيده ١٤ عضوا وامتنعت أمريكا فقط عن التصويت دون استخدام الفيتو. واجترأت إسرائيل على الفلسطينيين عندما أكدت بأن القدس خاضعة للسلطة الإسرائيلية ولهذا يتعين إخراجها من آية مفاوضات محتملة. وهو ما يقضى كلية على حل الدولتين بالنسبة للفلسطينيين. واجترأت إسرائيل على الحق عندما قامت بإغلاق المسجد الأقصى ومنعت الصلاة فيه، بالإضافة إلى قيامها بحفريات وسرقة وثائق تتعلق بالمسجد وتطويقه ببوابات الإلكترونية. بيد أن صمود الفلسطينيين أثبت أنهم هم أصحاب السيادة فى الحرم القدسى وليست إسرائيل التى وجدت نفسها محشورة فى زاوية التراجع فكان أن بادرت بتفكيك البوابات الإلكترونية وتراجعت عن كل الإجراءات التعسفية فى الأقصى.وهكذا سقطت دعواها فى أنها صاحبة السيادة على الأقصى والذى أطلقت عليه تجاوزا جبل الهيكل.
ولا شك أن إسرائيل تستغل حالة الضعف الناجمة عن الانقسام الفلسطينى بين فتح وحماس، كما تستغل الحروب والصراعات الداخلية العربية وتجد أنها فرصة سانحة لها لتمرير أحلام مريضة تداعب مخيلتها تجعلها تعتقد أن بإمكانها الإقدام على فعل كل ما يعن لها دون أن يردعها أحد، ومن ثم استغلت ما يسمى بالربيع العربى الذى كان أداة للهدم والفوضى أشعلت العالم العربى داخليا وفتحت الطريق لحروب طائفية حيث كان هذا من شأنه أن يبعد النار عن إسرائيل. استغلت إسرائيل ضعف العرب وتشتتهم لتقدم على كل ما تريد من ممارسات ضد القانون والأعراف الدولية.وجاء سلوكها الهمجى المنفصل عن المنطق ليدفعها إلى فرض سطوة الجبروت والتوحش على العرب والمسلمين. إنها إسرائيل العدوانية التى لا تترك مجالا للتوسط أو المساومة معها. لقد أكدت عبر ممارساتها أنها ليست ديمقراطية وأنها كيان بنى على فكرة أسطورية ركيزتها الأصل العرقى والسياسة الإقصائية. ولهذا ظهرت كدولة “أبارتهايد” مذنبة تنتهك القوانين الدولية باستمرار وتمارس سياسة السطو تنفيذا لرهاناتها التى اعتمدت على عاملين : الأول إنهماك العرب بصراعاتهم فى الداخل وبالتالى لم تعد لديهم الإرادة لمجابهة إسرائيل ومشاريعها فى المنطقة، والثانى سعى دول عربية للتجاوب معها بدعوى مجابهة خطر مشترك متمثل فى إيران. هذا بالإضافة إلى دعم أمريكا لها بلا حدود. وجاء ترامب بتصريحاته ودعمه المبالغ فيه ليجزم بأن أمريكا معنية اليوم بتصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض شروط تعسفية على الشعب الفلسطينى تتماهى وتتناغم مع مخطط نيتانياهو الإرهابى.. ويبقى أن نقول : الخزى والعار لهذا الكيان الغاصب العنصرى البغيض..