لا تزال قضية مواجهة التغيرات المناخية تشغل اهتماما كبيرا على مستوى العالم، في ظل تداعياتها السلبية على كل الكوكب وتهديد بأضرار تهدد بقاء الإنسان.
واهتم المصريون القدماء بوضع أسس حماية عناصر البيئة وهي ( الماء التربة الهواء)، ولقد اهتم المصري القديم بعدم تلويث النيل والمحافظة على التربة الزراعية من التلوث وعدم فقد الخصوبة معتمدا في ذلك على العوامل الطبيعية، ووفقا لما نشره كتاب مصر وقضايا التغيرات المناخية فقد عُثر على كثير من أوامر الفرعون المكتوبة على أوراق البردي التي تحث المزارعين على ضرورة العمل على مكافحة الآفات وحماية البيئة من التلوث، ومن ثم فإن مصر من أوليات الدول التي تنبهت مبكرا للاهتمام بمشاكل البيئة وذلك إدراكا منها لأهمية البيئة ومدى تأثيرها على الإنسان الذي يعد أهم ثروة من الثروات.
حماية البيئة في الدستور المصري
وفي العصر الحديث، فقد نص الدستور المصري لسنة 2014 على أن حماية البيئة واجب وطني ولا شك أن النص في الدستور على حماية البيئة يشكل ضمانة هامة لحق المواطنين في بيئة صحية وسليمة.
وقد تصت المادة (46) من الدستور على أن " لكل شخص الحق في بيئة صحية وسليمة وحمايتها واجب وطني وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها .
وطبقا للمادة المشار إليها فحماية البيئة واجب وطني قومي وهذا الواجب لا يقتصر القيام به على السلطات العامة في الدولة فقط وإنما يمتد ليشمل جميع المواطنين في المجتمع، كما ألزم الدستور الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة وهدم الإضرار بها، كما ربط المشرع بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة وضمان حقوق الأجيال في بيئة نظيفة.
كما ورد بالدستور المصري في سياق تأكيد حمايته للبيئة والتنويه إلى أهمية الحفاظ عليها نصوص أخرى تضمن الحقوق البيئية وذلك على النحو التالي:
نص الدستور على إلزام الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتجريم الاعتداء عليها كما تلتزم بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية مادة (29).
نصت المادة (30) من الدستور على التزام الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين بدون إلحاق الضرر بالنظم البيئية وذلك على النحو الذي ينظمه القانون.
نص المادة (32) الفقرة الأولى على أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب وتلزم الدولة بالحفاظ عليها وحسن استغلالها وعدم استنزافها ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها.
نص المادة (44) الذي أكد على التزام الدولة بحماية نهر النيل وعدم إهدار مياهه أو تلويثها فجاء نصها " تلتزم الدولة بحماية نهر النيل والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها وهدم إهدار مياهه أو تلويثها وحق كل مواطن بالتمتع بنهر النيل مكفول ويحظر التعدي على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية.
نص المادة (45) الذي أكد على التزام الدولة بحماية بحارها وشواطئها وجاء نصها تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية ويحظر التعدي عليها أو تلويثها أو استخدامها بما يتنافى مع طبيعتها وحق كل مواطن مكفول بالتمتع بها كما تكفل الدولة حماية
حماية البيئة في القوانين والتشريعات
وصدر عدد من القوانين والقرارات الهامة المعنية بالبيئة المصرية ومن أهمها القانون رقم (48) لسنة (1982) والمعروف بقانون حماية النيل، والقانون رقم (4) لسنة (1994) ويعد أهم قانون شامل للبيئة في مصر، وصدرت لائحته التنفيذية بالقرار الوزاري رقم (338) لسنة 1995.
وتناول هذا القانون مفهوم البيئة والمقصود بتلوث البيئة وتدهورها وإدارة النفايات الخطرة موضحا إجراءات حماية البيئة الأرضية والبيئة المائية وحماية البيئة الهوائية من التلوث.
وحظر المشرع على جميع المنشآت بما في ذلك المحال العامة والمنشآت التجارية والصناعية والخدمية تصريف أو إلقاء أية مواد ونفايات أو سوائل غير معالجة من شأنها إحداث تلوث في الشواطئ المصرية أو المياه المتاخمة لها .
وحدد المشرع في الفصل الرابع من الباب الثالث من القانون (4) لسنة 1994 الإجراءات الإدارية والقضائية المخالفات والجرائم التي تمثل اعتداءات على البيئة والعقوبات المقررة والتي تشمل الحبس والغرامة .
وصدر القانون رقم 9 لسنة 2009 بشأن تعديل بعض أحكام قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 كما صدر القانون رقم 105 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994.
وعلى صعيد التفعيل العملي فقد تم استصدار قرار وزير العدل رقم 10022 لسنة 2007 بشأن إصدار القائمة الاسترشادية لسجل خبراء البيئة لإبداء الخبرة الفنية في القضايا البيئية لسرعة الفصل في القضايا البيئية، ولقد تم تعديله بالقرار رقم 482 لسنة 2009، هذا بالإضافة إلى أنه تم إنشاء دوائر بيئية في المحاكم المختلفة السرعة الفصل في القضايا البيئية.
ويمكن إيجاز التشريعات الوطنية لحماية البيئة في مصر على النحو التالي:
القانون رقم 35 لسنة 1946.. بشأن صرف مياه المحال العمومية والصناعية إلى المجاري العمومية.
القانون رقم 96 لسنة 1950.. الخاص بصرف مياه المباني المخلفات السائلة في المجاري العامة. القانون رقم 196 لسنة 1953.. في شأن صرف مياه المحال العمومية والتجارية والصناعية في مجاري المياه المعدل بالقانون رقم 33 لسنة 1954.
وصدر القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة. القانون رقم 93 لسنة 1962.. في شأن المخلفات السائلة في المجاري المائية.. فيقضى بأن لا يجوز أن تصرف المخلفات السائلة في المجاري العامة وغيرها دون الترخيص بذلك وحدد القانون القواعد التي تضمن عدم الإضرار بالمجاري المائية.
القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة ولائحته التنفيذية.
القانون رقم 74 لسنة 1971 ... في شأن الري والصرف. قانون رقم 48 لسنة 1982.. في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث.
الأحكام المتعلقة بالمخلفات الصلبة في القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث قرار وزير الري رقم 8 لسنة 1983 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية النيل والمجاري المائية من التلوث وإصدار الضوابط والمعايير والمواصفات الخاصة بصرف المخلفات السائلة المعالجة إلى مجاري المياه.
قانون رقم 102 لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية.
القانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن تنظيم الري والصرف ولائحته التنفيذية
قرار وزير الري رقم (43) لسنة 1985 بشأن الضوابط والمعايير الواجب توافرها في الصرف إلى المجاري المائية.
قرار رئيس الوزراء رقم (1476) لسنة 1985.. بتشكيل اللجنة التنفيذية لحماية نهر النيل من مخلفات الصرف الصحي.
القانون رقم (213) لسنة 1994 بشأن تعديل بعض نصوص القانون رقم 12 لسنة 1984 من بينها المادة (71) التي تعطي وزير الري الحق في إصدار قرارات بشأن تنظيم أسلوب الإدارة والانتفاع بنظم الري المتطور بما في ذلك إنشاء اتحادات مستخدمي المياه ذات الاعتبارية على مستوى مجرى الري الخاص المشترك (المسقاة).
قانون رقم (4) لسنة 1994 في شأن حماية البيئة.. وينص على حماية البيئة الأرضية والمائية والهوائية من التلوث
قرار رقم 44 لسنة 2000 بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 93 لسنة 1962 في شأن صرف المخلفات السائلة.
قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة رقم 603 لسنة 2002.. في منع استخدام مياه الصرف الصحي المعالج وغير المعالج في ري الزراعات التقليدية وقصر استخدامها في ري الأشجار الخشبية وأشجار الزينة.
الأحكام الخاصة بالمخلفات الصلبة في القانون رقم 9 لسنة 2009 في شأن حماية البيئة ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 338 لسنة 1995 قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3005 لسنة 2015 بإنشاء جهاز تنظيم إدارة المخلفات.
قانون رقم 202 لسنة 2020 تنظيم إدارة المخلفات.
توصيات برلمانية لمواجهة التغيرات المناخية
في أغسطس 2022 تقدم مجلس الشيوخ، للحكومة باستراتيجية وطنية لاحتواء التغيرات السلبية للتغيرات المناخية متضمنة أكثر من 45 توصية في مجالات الزراعة والري والتعليم والصحة والطاقة والسياحة والآثار لمواجهة ظاهرة تغير المناخ، وذلك خلال تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة عن طلب مناقشة من عدد من النواب عن مواجهة ظاهرة تغير المناخ، ورسم استراتيجية تنفيذية وطنية محددة المعالم في مجال احتواء الآثار السلبية للتغيرات المناخية، وإدراج مادة التربية المناخية في برامج التعليم، والذي تم إحالته للحكومة من مجلس الشيوخ لتنفيذ ما جاء به.
وشملت التوصيات على مستوى القطاع الزراعي:
تعزيز استنباط أصناف محاصيل مقاومة للتقلبات المناخية المختلفة.
زيادة قدرة النباتات والحيوانات على مقاومة الآفات والأمراض.
تغيير مواعيد الدورات الزراعية وفقا للتغيرات الحالية والمستقبلية.
تعزيز نظم الإنذار المبكر والتنبؤ بالمناخ الموسمي للحد من المخاطر.
زيادة رقعة المساحات الخضراء والتشجير في كافة المدن العمرانية الجديدة.