أعرب رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبدالوهاب عبدالرازق عن استيائه، بشأن القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، في 24 نوفمبر الجاري، حول حالة حقوق الإنسان في مصر.
وأكد رئيس مجلس الشيوخ - في كلمته خلال الجلسة العامة اليوم - أن هذا القرار ليس بغريب على البرلمان الأوروبي في السنوات الأخيرة، والذي يتبنى دومًا مواقف وسياسات تستند على مفاهيم هشة ومغلوطة، ومحاولة الادعاء بامتلاكه السلطة لتقييم ومحاسبة الآخرين خارج حدود أعضائه، بالمخالفة للقواعد والأعراف الدولية، مضيفًا أن هذه سياسات عفا عليها الزمن، وتعيد للأذهان إرثًا أوروبيًا استعماريًا، ولا تكشف سوى عن رغبة خفية لديه في نشر ثقافة حضارة بعينها؛ وهذه أمور لن تقبل أي دولة حرة الرضوخ لها؛ لاسيما مصر الأبية.
واستنكر مجلس الشيوخ، بأشد العبارات وأقسى المعاني، القرار الذي اندفع وراء ادعاءات جاءت في الأصل بهدف ترويج مزاعم خاطئة عن ملف حقوق الإنسان في مصر، ذلك الملف الذي يخطو خطوات واثقة نحو التمكين التام لحقوق المواطنين جميعاً، وهو ما يقوض أحقية صدوره ومصداقيته.
وأضاف المستشار عبدالوهاب عبدالرازق أن مجلس الشيوخ يرفض تلك الوصاية غير الشرعية، وذلك التدخل السافر في الشأن المصري الداخلي، الذي يتنافى مع كل الأعراف الدولية، مؤكدًا أن مصر على الدوام تحترم جميع التزاماتها التعاهدية، وعلى رأس ذلك، احترامها للشأن الداخلي لأي دولة، إيمانًا منها بميثاق الأمم المتحدة، فهو أمر يمثل أهمية عظمى للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين، ولتحقيق مقاصد ومبادئ الميثاق.
وأشار إلى أن مجلس الشيوخ يتضامن -مؤيدًا ومؤكدًا- مع كل ما صدر في بيان مجلس النواب ردًا على هذه الافتراءات الكاذبة التي احتواها هذا القرار غير الصائب، بل وغير الحكيم، مضيفًا أن وسط ما ينتابنا جميعًا من حالة استياء شديدة أمام هذا القرار، فلو سعى كل من شارك في إصداره كي يستوثق - وهي طبيعة أصيلة في الأداء البرلماني - ما عرض عليه من معلومات، لوجد الحقائق جلية أمام عينيه، يعلمها القاصي قبل الداني، فلقد حققت مصر خلال السنوات الماضية إنجازات وطنية هامة وعديدة في شتى المجالات، لاسيَّما في مجال حقوق الإنسان، فلم تغفل وهي على أعتاب تأسيس "جمهورية جديدة"، أنها تبدأ حُقبة جديدة في تاريخها، فأطلقت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إيماناً بأهمية الحفاظ على تلك الحقوق في استمرار وتجدد الدولة الوطنية.
وأكد أن مصر سعت لتعزيز الجهود الرامية لتحسين حياة المواطنين، فكانت مبادرة "حياة كريمة" إحدى أهم وأبرز المبادرات الرئاسية لتوحيد كافة جهود الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، بهدف توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجًا في محافظات مصر، ولسد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى وتوابعها.
وأوضح أنه كذلك الحال بالنسبة للمبادرات الصحية التي أطلقتها مصر للارتقاء بالصحة العامة للمواطنين، ومنها مبادرة القضاء على فيروس سي، ومبادرة دعم صحة المرأة، ومبادرة الرعاية الصحية لكبار السن، تلك المبادرات التي نالت إشادة كبيرة من منظمة الصحة العالمية، كما أطلقت مصر الحوار الوطني الذي يجمع كل طوائف وفئات الشعب، ويتناول النقاش حول القضايا الوطنية المختلفة التي تهم كل المواطنين، بهدف إدماج الرؤى والأفكار، لصوغ مستقبل أفضل للدولة المصرية.
وأشار إلى أنه تزامنًا مع إطلاق هذا الحوار البنَّاء، جاءت إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، والتي بذلت جهودًا حثيثة في الفترة القليلة الماضية، في شأن اتخاذ إجراءات العفو عن عدد كبير من المحكوم عليهم، فضلاً عن تنسيقها مع الجهات المعنية لإعادة دمج المفرج عنهم مجتمعيًا، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الدولة المصرية - التي يشهد تاريخها وحاضرها على اعتزازها بكل القيم الإنسانية - قد عملت على ضمان حقوق الإنسان لكل شخص خطت قدماه أرضها، فاحتضنت ملايين اللاجئين، بغض النظر عن دولهم وأعراقهم، وكان محركها في ذلك هو البعد الإنساني، حيث يتمتع اللاجئون وملتمسوا اللجوء بحرية الحركة في مصر على ضوء تبنى الحكومة المصرية لسياسة تقوم على عدم إنشاء معسكرات، أو مراكز احتجاز للاجئين، أو طالبي اللجوء، كي ينعموا بحياتهم في بلدهم الثاني مصر.
وفي ختام كلمته أكد رئيس مجلس النواب أن مصر مستمرة في جهودها، لتعزيز وصون حقوق الإنسان كافة، في إطار رؤيتها الوطنية، وتلبية لطموحات جميع المصريين، وبما يضمن للوطن أمنه واستقراره، فشعب مصر يسعى للأفضل دائمًا.