السبت 20 ابريل 2024

الإعلام ومعركة الوعي بالتغيرات المناخية 3

مقالات6-12-2022 | 14:51

بعد استعراض د. خالد زكي أبوالخير مدرس الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة الإشكاليات الرئيسة التي تفسّر علاقة الإعلام بمعضلة الوعي بظاهرة التغير المناخي، قام بطرح 8 محاور رئيسة، تشكّل في مجملها رؤية علمية منهجية لتفعيل دور الإعلام في زيادة وعي الجمهور بظاهرة التغير المناخي وتأثيراتها المختلفة في المنطقة العربية، وذلك علي النحو التالي:

المحور الأول: إعداد «دليل مفاهيمي» للإعلاميين

بمعني إعداد دليل يشارك في كتابته خبراء البيئة يقوم بشرح وتفسير كل ما يتعلق بظاهرة التغير المناخي من مفاهيم ومصطلحات، بما يساهم في زيادة وعي الإعلاميين والصحفيين بقضايا البيئة بوجه عام، والتغير المناخي بوجه خاص، وينعكس بالإيجاب علي دورهم في توعية المواطنين بالممارسات البيئية الجيدة التي تحد من مخاطر تلك الظاهرة، خاصة أن نجاح الإعلام في تأدية هذا الدور يتوقف علي قدرة الصحفيين والإعلاميين على تبسيط بعض المصطلحات العلمية المتخصصة مثل التغير المناخي، الغازات الدفيئة، الاحتباس الحراري... وغيرها.

المحور الثاني: التكوين المعرفي والمهني للإعلاميين والصحفيين

ويتم ذلك عبر الدورات التدريبية المتخصصة التي تستهدف زيادة معارف ومعلومات الصحفيين والإعلاميين بقضايا البيئة والمناخ، إضافة إلي إكسابهم مهارات الكتابة والتحرير للشئون البيئية كأحد التغطيات الصحفية المتخصصة، بما ينعكس في النهاية علي جودة أدائهم، وقيامهم بدورهم الحقيقي في توعية الجمهور. ويرتبط بذلك مطلبٌ آخر بضرورة حرص المؤسسات الصحفية علي إعداد كوادر مؤهلة مدربة واعية بالتعامل مع الظواهر النوعية مثل التغير المناخي.

المحور الثالث: وثيقة توجيهية عربية لوسائل الإعلام

بمعني أن وسائل الإعلام العربية عليها أن تعيد النظر في ترتيب أجندة قضاياها بمنظور نقدي، لا سيما في ظل انصراف كثير منها عن القضايا الجوهرية مثل التغير  المناخي، وانشغالها بقضايا سطحية لا تمس واقع ومشكلات المجتمع، وينبغي أن تتصدر ظاهرة التغير المناخي أجندة وسائل الإعلام وأولوياته، علي نحو يُكسب الجمهور معارفَ ومعلوماتٍ ترتبط بقضايا البيئة والمناخ، ويُرشّد سلوكه.. وفي هذا الصدد لا بد من تعاون مجلس وزراء الإعلام العرب مع النقابات والجمعيات والاتحادات والهيئات المنوطة بتنظيم شؤون وسائل الإعلام، لصياغة "وثيقة توجيهية" ترشد وسائل الإعلام للقضايا الجوهرية الخاصة بالمنطقة العربية، وسُبُل معالجتها بشكل يسهم في بناء الوعي الجيد لدي الجمهور.

المحور الرابع:  رسائل إعلامية مؤثرة

بمعني أن تكون الرسالة الإعلامية واضحة وبسيطة، فأحد جوانب التميز في صياغة الرسالة الإعلامية، يرتبط بمدي وضوحها وفهمها من جانب الجمهور، إلي جانب التنويع في الاستمالات المستخدمة أي المداخل الإقناعية في بناء الرسائل الإعلامية، وهنا يشير خبراء الإعلام إلي نمطيْن أساسييْن من الاستمالات، الأولي: عاطفية أي تستهدف مخاطبة العاطفة والوجدان، التي تعتمد علي تكنيك "التحفيز" أي تشجيع المواطنين علي السلوكيات الرشيدة، وتحفيزهم بأن ذلك سيضمن لهم حياة آمنة، أو تكنيك "التخويف" ويمكن توظيفه في سياق الحديث عن المخاطر التي تعود علي الإنسان حال عدم ترشيد سلوكه البيئي، الثانية: عقلانية تستهدف مخاطبة العقل بالأرقام والإحصائيات، وتفنيد مختلف وجهات النظر التي تبرهن علي خطورة الظاهرة وتداعياتها.

المحور الخامس: المعالجة التحليلية والتفسيرية

بمعني أن تركز مختلف وسائل الإعلام علي الجانب التحليلي والتفسيري في المعالجة لقضايا البيئة بشكلٍ عام، والتغير المناخي بوجهٍ خاص، فتبتعد عن الطابع الإخباري، وتفسح المجال للتحقيقات التي تناقش وتحلل الأبعاد المختلفة لتلك الظاهرة، وتداعياتها، وتأثيراتها المختلفة علي المنطقة العربية، وتناقش القضايا النوعية المرتبطة بتلك الظاهرة كالتنمية المستدامة وآثرها علي التوازن البيئي، وملوثات التربة وأنواعها وخطورتها وكيفية مواجهتها، وتجارب الدول في الاستفادة من المخلفات وتدويرها.. وغيرها.

المحور السادس: مداخل مبتكرة لمخاطبة الجمهور

هنا ينبغي إطلاق عدة حملات، منها –على سبيل المثال- لا الحصر- حملات التوعية التي تستهدف توعية المواطن العربي بالقضايا والمشكلات البيئية والمناخية، ودوره في الحد منها، ومكافحتها، وحملات التسويق الاجتماعي التي تستهدف بالأساس التسويق لأفكار ومبادرات من شأنها دعم جهود التنمية المستدامة، والحفاظ علي البيئة، مثل حملة تسوق لفكرة التخلص من النفايات والمخلفات بشكل آمن دون الإضرار بالبيئة، أو مبادرة لمكافحة الفيروسات.

على هامش تدشين هذه الحملات، ينبغي أن تركز وسائل الإعلام على ثلاثة أساليب رئيسة، كي تحقق التأثير المنشود منها، الأول: المنفعة المشتركة، من خلال تعديد المكاسب التي ستعود علي الإنسان حال ترشيد سلوكه البيئي، الثاني:  انتقاء الجمل والكلمات المؤثرة؛ فإذا ما أردنا إقناع شخصٍ بشيء ما، فلابد من اختيار الكلمات المناسبة والتي من شأنها أن تثير استجابته، ويمكن ذلك عن طريق صياغة الموضوع بالعبارات القوية والرئيسة التي تجذب انتباهه، وهو ما ينبغي مراعاته بشدة عند صياغة اسم وشعار الحملة. الثالث: خلق الحاجة لدي الطرف الآخر، ويعد هذا الأسلوب أحد أهم طرق الإقناع والتأثير التي تنطوي على تحفيز الرغبة لديه، لتبني سلوك بعينه.

المحور السابع: منهجية التكامل بين الوسائل الإعلامية

بمعني توظيف وسائل الإعلام كافة في نشر الوعي بظاهرة التغير المناخي، وعدم الاعتماد علي نمط اتصالي واحد، فلا يجوز الاعتماد على الصحف دون وسائل الإعلام المرئية والعكس صحيح، ولا يجوز الاعتماد على وسائل الإعلام الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي دون وسائل الإعلام التقليدي كالصحف والقنوات والإذاعات.. والعكس صحيح، ومن ثم فلابد من مراعاة خصوصية كل وسيلة ولا يتأتي ذلك دون الدراسة العلمية لأنماط استخدامات الجمهور لوسائل الإعلام، وفي هذا الصدد، لابد من توظيف مواقع التواصل الاجتماعي – كوسائل اتصال- في نشر الحملات الإعلامية، بل وتدشين صفحات نوعية تديرها الجهات المختصة بشئون البيئة، يكون من شأنها تسليط الضوء علي ظاهرة التغير المناخي بمختلف أبعادها.

المحور الثامن: إطلاق منصة عربية متخصصة

أي تدشين وإطلاق منصة إعلامية عربية لظاهرة التغير المناخي، تقدم كل ما يتعلق بتلك الظاهرة، وتداعياتها في المنطقة العربية، لكي تصبح مصدرًا رئيسًا للمعلومات، ومرجعًا للباحثين، ومرصدًا لمختلف التقلبات المناخية، أسوة بمنصات دولية مثل Climate ADAPT"، ومنصة " العمل المناخي" الصادرة بنحو 6 لغات منها العربية والإنجليزية والأسبانية والفرنسية، ومنصة "شباب من أجل العمل المناخي" التي أطلقتها اليونسيف تحت شعار " رفع أصوات الشباب لحماية مستقبل كوكبنا".