تعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن، غدا، اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي، وذلك تحت شعار "الشراكة من أجل مستقبل مزدهر وصلب لإفريقيا"، وذلك في صلب أعمال القمة الأمريكية الإفريقية، التي بدأت أعمالها، اليوم، وتستمر حتى الخامس عشر من الشهر الجاري.
ويهدف منتدى الأعمال الإفريقي الأمريكي إلى تطوير علاقات "ثنائية الاتجاه" لدعم التجارة والاستثمارات الأمريكية الإفريقية، بما يحقق الفائدة المشتركة والمتبادلة بينهما.
وسيكون وزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكين متحدثا رئيسيا في "غذاء عمل" تحدد له الثانية عشرة والربع ظهر غد الأربعاء، وستعقد الجلسة الختامية لمنتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي في تمام الثانية وحتى الرابعة من عصر الغد، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سيلقى كلمة للمشاركين في أعمال المنتدى هذا العام، وإلى جانبه وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو، التي ستلقي بيانا حول التعاون المشترك وشبكات الأعمال بين المسئولين الحكوميين والقطاع الخاص في إفريقيا والولايات المتحدة، ومتطلبات تعزيزه في السنوات القادمة، ودور وزارة التجارة الأمريكية في تسهيل ذلك.
وتعقد اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي تحت رعاية مشتركة من وزارة التجارة الأمريكية ومجلس مؤسسات الأعمال الإفريقي الأمريكي، وغرفة التجارة الأمريكية، وذلك بالشراكة مع مبادرة إفريقيا المزدهرة، التي مقرها واشنطن.
وتكتسب اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي أهميتها بالنظر إلى خطوات الإصلاح الاقتصادي، التي تشهدها كثير من بلدان إفريقيا، والتي ستجعل من القارة منطقة جاذبة للاستثمارات المباشرة حتى العام 2050، وما يشكله ذلك من فرص كبيرة أمام المؤسسات الأمريكية للتوسع في أسواق القارة الإفريقية، وهي الأسواق التي لا تزال لا تتعدى نسبتها 2 في المائة من إجمالي تجارة الولايات المتحدة مع العالم الخارجي، وفقا للبيانات الصادرة عن غرفة التجارة الأمريكية للعام 2021.
وتؤكد التقارير الدولية احتياج بلدان إفريقيا لاستثمارات لا تقل عن 172 مليار دولار أمريكي خلال الأعوام العشرة القادمة في مشروعات البنية التحتية، وكذلك تحتاج إفريقيا ضخ استثمارات ضخمة في قطاعات الزراعة وإنتاج الغذاء، حيث الزراعة تشكل نسبة 14 في المائة من حجم الناتج المحلي الإفريقي الكلي، وكذلك تحتاج القارة إلى استثمارات لا تقل عن 10 مليارات دولار سنويا في قطاع التكنولوجيا يمكن للمؤسسات الأمريكية أن تكون مصدرا أساسيا لها.
ويشارك في اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي قادة ورؤساء حكومات الدول الإفريقية ورئيس الولايات المتحدة، وكبار رجال الأعمال الأمريكيين والأفارقة، ورؤساء مؤسسات صناعية أمريكية وإفريقية كبرى بهدف تطوير علاقة مشتركة بين اقتصاد إفريقيا والاقتصاد الأمريكي تحقق النفع الاستثماري المعزز لدور إفريقيا في شبكة الاقتصاد العالمي، وتوسيع نطاق الابتكار وخلق الوظائف ودعم مشروعات الأعمال الناشئة التي تحقق تنمية مشتركة ونفعا متبادلا لاقتصاد إفريقيا والولايات المتحدة معا.
وستكون اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي ذات طابع "عملي" من خلال "غرفة شبكات الأعمال"، التي ستقام على هامشها لتعميق التعارف بين رجال الأعمال الأمريكيين والأفارقة والمدراء التنفيذيين للمشروعات الكبرى في الجانبين في مختلف القطاعات، والعمل على إنشاء "شبكة مصالح" على صعيد الاستثمار والتجارة بين إفريقيا والولايات المتحدة.
أما الجانب العملي الثاني الذي ستتسم به أعمال المنتدى يأتي على صعيد إبرام الصفقات، وذلك من خلال "غرفة الصفقات" التي ستقام على هامش اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي برعاية خاصة من مبادرة "إفريقيا المزدهرة"، وفي تلك الغرفة ستصدر تعهدات تمويلية لمشروعات محددة من مؤسسات أعمال أمريكية وإفريقية، وكذلك الإعلان عن شراكات استثمارية وتجارية جديدة بين الولايات المتحدة وإفريقيا في قطاعات محددة كالتجارة والأمن الغذائي والتغير المناخي والاستثمارات في المجال الصحي والعلاجي.
وستبدأ أعمال منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي، غدًا في الثامنة صباحا بتوقيت الولايات المتحدة، بجلسة مراسم افتتاحية يشارك فيها قادة ورؤساء حكومات دول إفريقيا والمستثمرون الأمريكيون والأفارقة والمدراء التنفيذيون للمؤسسات الكبرى، وستكون المتحدث الرئيسي فيها كل من رئيس مجلس الأعمال الإفريقي في الولايات المتحدة فلوريزيل ليزر، والمدير التنفيذي لغرفة التجارة الأمريكية سوزان كلارك.
ويقول الخبراء إن إفريقيا ستكون أكبر منطقة في العالم للتجارة الحرة باستكمال مشروع إنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية، وفى هذا الصدد سيتم غدا عقد جلسة عامة ضمن فعاليات المنتدى حول الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال استثمارات العلاج و الصحة باعتبارهما أساسا لازدهار القارة و تعزيز قدرتها البشرية، وسيكون المتحدث الرئيسي فيها الرئيس التنفيذي لمؤسسة فايزر العالمية للأدوية الدكتور البيرت بورلا، وتوازيا معها سيتم عقد جلسة موسعة عن مستقبل التجارة والاستثمار الأمريكي الإفريقي المشترك في ظل تنامى أسواق العالم بحلول العام 2050 (5ر2 مليار نسمة)، ونمو تجارة العالم المتوقع بلوغه 16 تريليون دولار أمريكي.
وسيكون الرئيس الكيني ويليام روتو، ورئيس الوزراء المغربي، والممثل التجاري الأمريكي السفيرة كاترين تاى، من أبرز المتحدثين في تلك الجلسة، وإلى جانبهم كل من تونى ايمولو رئيس البنك الإفريقي المتحدة ( يونايتد بنك أف أفريكا)، والرئيس التنفيذى لمؤسسة " فيزا " العالمية رالفريد كيللى، والسكرتير العام لبرنامج منطقة التجارة الإفريقية الحرة بالاتحاد الإفريقى وامكيلى مينى.
وحول الاستثمارات الأمريكية في إفريقيا، يعقد منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي جلسة عمل خاصة يتحدث فيها رئيس وزراء الجزائر ورؤساء مجموعات سيتى جروب للخدمات المصرفية والتمويل والرؤساء التنفيذيين لمؤسسات عالمية كبرى في مجال إنتاج الكهرباء الشمسية وتمويل الأسواق الناشئة، وسيكون عنوان الجلسة "مشروعات البنية التحتية.. بناء لمستقبل تنمية مستدامة في لإفريقيا"، وتكتسب تلك الجلسة أهميتها من التقارير الدولية، وفى مقدمتها تقارير البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبنك التنمية الإفريقي، والتي تؤكد احتياج بلدان إفريقيا لاستثمارات لا تقل عن 172 مليار دولار أمريكي خلال الأعوام العشرة القادمة في مشروعات للطاقة والطرق و الكباري والطرق السريعة والموانئ، وشبكات الإنترنت و الاتصالات، لا سيما في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك على ضوء برنامج الإنماء الإفريقي المستدام حتى العام 2063، والتزامات الشركات الدولية اتجاه دول القارة الإفريقية بالعمل معا لتحقيق أهداف البرنامج، والتي كان أخرها إعلان الولايات المتحدة والدول المتقدمة الكبرى الأخرى فى قمة مجموعة الدول السبع الأخيرة اعتماد 600 مليار دولار أمريكي لدعم تمويل مشروعات البنية التحتية وتحفيز القطاع الخاص على العمل في تلك المشروعات في السوق الإفريقي من خلال الشراكات مع حكومات ومستثمري القارة.
ومحور الأمن الغذائي ومتطلبات النهوض به فنيا وتمويليا في إفريقيا سيكون أحد المحاور الرئيسية لاجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي، حيث القطاع الزراعي في دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يشكل مصدر تشغيل لما يقرب من ثلثي أبناء القارة، ويسهم بنسبة 14 في المائة من الناتج المحلى الكلى لإفريقيا، ولهذا يعد هذا القطاع مرتكزا أساسيا لتحقيق التنمية الشاملة والتشغيل لسكان القارة تسعى المؤسسات الأمريكية والدولية إلى الخوض فيه.
ووفقا لتقديرات بنك التنمية الإفريقي والبنك الدولي وغرفة التجارة الأمريكية فمن المتوقع ارتفاع معدل نمو مشروعات الأعمال في القطاع الزراعي والصناعي القائم على مدخلات إنتاج زراعية إلى تريليون دولار أمريكي بحلول العام 2030، ومنذ العام 2000 وحتى نهاية 2021 شهد قطاع الإنتاج الزراعي في إفريقيا أعلى معدلات النمو لقطاعات الزراعة على مستوى العالم بما متوسطه 3ر4 في المائة سنويا، بما يجعله قطاعا واعدا للاستثمار فيه.
تجدر الإشارة إلى أن تقارير المؤسسات الدولة تجمع على أن عوامل خارجية قد تجمعت معا بدءا من العام الماضي وحتى وقتنا الراهن لتحد من معدلات نمو القطاع الزراعي في إفريقيا في مقدمتها عمليات الإغلاق الناتجة عن جائحة كورونا (كوفيد – 19) غير المسبوقة، ثم جاءت لاحقا تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من توقف سلاسل الإمداد بالأسمدة والمخصبات ونوعيات من الحبوب الغذائية لا تحقق فيها إفريقيا اكتفاء ذاتيا حتى الآن، وهو ما تحول بعد شهور من استمرار الأحداث في أوكرانيا إلى حالة من انعدام الأمن الغذائي في دول إفريقيا.
وسيتحدث في جلسة أزمة الأمن الغذائي في إفريقيا كل من رئيس بوروندى نيفارسيت نيدميشى، و رئيس وزراء ساحل العاج باتريك اتشى، والملياردير النيجيري اليكو دانجوتى رئيس مجموعة دانجوتى الصناعية القابضة، التي تعد أكبر مؤسسة استثمار خاص فى نيجيريا وغرب إفريقيا، وكذلك سيتحدث ايكيموى اديسينا رئيس بنك التنمية الإفريقي، وإلى جانبه شيرى ميلز المدير التنفيذى لمجموعة بلاك ايفى الإفريقية متعددة الجنسية للاستثمار (جنوب إفريقيا).
وقضايا التكنولوجيا و توطينها في إفريقيا ستكون كذلك حاضرة بقوة في جلسة عمل خاصة يتحدث فيها رئيسا جمهورية ناميبيا هيج جينوجبى وجمهورية توجو فاورى كينسينجيبى، وإلى جانبهم ريد سميث نائب الرئيس العام لمؤسسة مايكروسوفت العالمية للتكنولوجيا.
وتبرز أهمية دعم الاستثمارات في مشروعات تكنولوجيا المعلومات في إفريقيا على ضوء تنامى معدلات النمو الحضري، واتساع المدن في القارة، وارتفاع أعداد مستخدمي شبكات الإنترنت والاتصالات الرقمية والمحمولة، وبحسب تقارير وزارة التجارة الأمريكية تحتاج إفريقيا إلى استثمارات سنوية في قطاع تكنولوجيا المعلومات بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي، وهو ما سيمكن القارة من تسريع معدلات نموها الاقتصادي، ويشكل في الوقت ذاته فرصة عظيمة أمام الشركات الأمريكية للعمل في السوق الإفريقية في سوق التنمية التكنولوجية والرقمنة، فضلا عن مشروعات تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية الرقمية التي تخدم عمليات التحول الرقمي الشامل في إفريقيا، وتسهل اندماج اقتصاد القارة في شبكة الاقتصاد العالمي بحلول العام 2030.
تجدر الإشارة إلى أن اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي للعام 2022 كانت قد استبقتها عدد من الفعاليات ذات الصلة و جميعها تمت تحت رعاية وزارة التجارة و الخارجية الأمريكية، منها ورشة عمل عقدت بتاريخ 11 ديسمبر الجاري حول تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء في إفريقيا من خلال الاستثمارات الأمريكية، ومائدة حوار مستديرة عن مناخ الاستثمار في موزمبيق بمشاركة 40 من رجال الأعمال الأمريكيين والموزمبيقيين برعاية مجلس الأعمال الأمريكي الموزمبيقي المشترك، كما ستعقد مجال الاستثمار والأعمال المشتركة لدولتي نيجيريا وكينيا اجتماعات مشتركة مع الجهات الأمريكية المناظرة يومي في السادس عشر من الشهر الجاري، بعد انتهاء أعمال القمة الأمريكية الإفريقية.