السبت 20 ابريل 2024

فساد الإنسانية بجحود الآباء وعقوق الأبناء

مقالات19-12-2022 | 14:15

كانت الأسرة نواة المجتمع وسر استقراره وعلى مدى قوتها وتماسكها تتوقف سلامة البنية الاجتماعية وقدرتها على الصمود ضد تقلبات الحياة؛ فالأسرة تستقر وتطمئن بما يخيم على علاقة الزوجين فيها من سكنٍ وتفاهم، وبما يحكم علاقة الأصول والفروع من ودٍّ وتراحم وتكافل، وبما تقدمه الحياة من ثمرات صالحة وهي الأطفال فإذا أحسن تعهّدها وتربيتها على المبادئ الإيمانية والقيم الأخلاقية كانت هي المسئول الأول عن صلاح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع فالأسرة هي العنوان الكاشف لحالة أفراده وطبائعهم وسلوكياتهم، فالمجتمعات مهما كان حجمها، تبدأ بالفرد الذي لا يكون له وجود إلا من خلال الأسرة، وهي الدائرة الأولى والأقرب التي يتعلم منها كيف يتعامل مع من حوله وأساس معرفته بالقيم والسلوكيات والعادات والتقاليد بل والطريقة التي يتعامل بها مع من حوله بل والحياة التي مع تطورها افقدت تلك الأسرة طبيعية العلاقات الصحيحة بين أفرداها من حالة حب ودعم وترابط وتماسك وخوف إلى عداء وكره وانفصال وتدمير وجحود آباء على أبنائهم وعقوق أبناء على أبائهم بل أنها وصلت حد الجرائم والاعتداءات وأحيانا الانتحار الذي كثرت حالته في المجتمع ويترك الابن رسالة على أنه أقدم على الانتحار بسبب والديه وقسوتهم وعدم تفهمهم له ولأفكاره اعتقاداً منهم بأنهم على صواب وأن هذه تربية صحيحة.

 إن الإفراط في القسوة في التعامل مع الأبناء والاعتقاد أن التربية بالعنف تصنع الرجال فهم يجانبه الصواب لأن العنف والقسوة يولدان لدى الطفل الخوف من إبداء الفكرة، فضلاً عن القيام بأي سلوك، وهو ما من شأنه وأد الدافعية لديه، وانطواؤه على نفسه، والعجز عن اتخاذ قرار ما، وقد يفضي في النهاية إلى انسحابه من الحياة الاجتماعية بل ومن الحياة نهائياً أن الأمومة والأبوة لا توثق بشهادة ميلاد فقط، لكنها دور ورسالة يجب أن يقوم بها كل طرف، حتى يخرج للمجتمع قيمة إنسانية راشدة تجعل لحياته معنى ويخرج أطفال أسوياء في تعاملتهم مع الأسرة والمجتمع.

 أما عن الأبناء فعندما أطالع صفحات الحوادث وهي تحوي جرائم بشعة تدور كلها حول جحود وصل إلى حد أن يقتل الابن أو الابنة أحد والديهم، أيها الأبناء أن فى حياة كل منا كنز ثمين لا نعرف قيمته إلا بعد أن نفقده، ومادام هذا الكنز معك وفى حوزتك فأنت لا تعرف أهميته وقيمته إلا بعد فوات الأوان هذا الكنز هو الأم الأم هى ذلك الكنز العظيم الذى تحدثت عنه كل الأديان السماوية وبكل التقديس والتقدير والاحترام، يكفى أننا نردد دائما وعن حق «الجنة تحت أقدام الأمهات».


إن الأم إحدى بديهيات الحياة التى لا تحتاج إلى مناقشة أو جدل عقيم، الأم هي المأمن والملاذ الآمن فكيف للإنسان أن يحوله العالم بكل قسوته ومهما كانت مغرياته ومعدل سرعته وتغير صفاته وتبدل طباعه وتحول مشاعره أن يحول مشاعر ابنه تجاه أمها لكره وقتل كيف يقسو قلب الأبناء ويصل للحجود لإنكار الفضل والجميل وانعدام الإنسانية، أن الأبناء مأمورين ببر والديهم كيف يتحول البر إلى قتل؟ من حول الإنسانية لنقيض من فطرتها؟ أهي طريقة التربية والإنترنت ووسائل الاتصال التي أصبحت هي من يربي ويعلم في ظل انشغال الآباء بتوفير متطلبات الحياة التي تزداد صعوباتها يوماً تلو الآخر أما ضعف الوازع الدينى سواء في المنزل أو المدرسة أما اختلاف مصادر التوجيه، حيث إنه في فترة زمنية سابقة كانت مصادر التوجيه هي الوالد فقط وبعد ذلك تحولت تلك المصادر بل وأصبحت جميعها وسائل السوشيال ميديا إما ضعف الإشباع العاطفي من الوالدين لأبنائهما أو بسبب الانفصال أو وجود الخلافات بينهما.

الحقيقة أنه مهما تعددت الأسباب لا بد أن يعترف المجتمع بخطورة تلك الظاهرة وأن نتصدى جميعا لهذا الخلل الواقع فعلياً داخل المجتمع وأن يكون لكل منا أثر في التصدي لها.

 أيها الآباء احرصوا على سماع أبنائكم خصصوا لهم جزءا بسيطا من أوقاتكم، إن التربية والأمان والتنشئة السليمة تعادل في أهميتها الطعام والشراب وتوفير الحياة الكريمة، وأنتم أيها الأبناء، إن الأم والأب كنز لن يعوضه أحد مهما تسارعت الحياة وتقدمت من حولكم يبقي حضنهم الملاذ الآمن فكونوا بالقرب دوما.