أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن العاصمة الإدارية الجديدة التي تستضيف مجلس وزراء الإسكان العرب تمثل طفرة نوعية في قطاع البناء والتشييد، بما يواكب التطور الهائل في التقنيات الجديدة التي يشهدها هذا القطاع على المستوى الدولي، من حيث مراعاة التحديات البيئية والتغيرات المناخية، ويحقق لقاطنيها أفضل سبل الراحة والرفاه، ببناء مدن تُحسّن من جودة الحياة.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط ألقتها نيابة عنه الوزير مفوض شهيرة وهبي مدير إدارة الإسكان والموارد المائية والحد من مخاطر الكوارث بالجامعة العربية في الدورة (39) لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب التي تعقد برئاسة الدكتور عاصم عبد الحميد الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
وقال أبو الغيط - في كلمته التي وزعتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم /الثلاثاء/ - إن المكان الذي يجمعنا اليوم بجمهورية مصر العربية ينضم إلى ما حققته عدد من الدول العربية من طفرة نوعية في قطاع البناء والتشييد بما يواكب التطور الهائل في التقنيات الجديدة التي يشهدها هذا القطاع على المستوى الدولي، من حيث مراعاة التحديات البيئية والتغيرات المناخية، ويحقق لقاطنيه أفضل سبل الراحة والرفاه، ببناء مدن تُحسّن من جودة الحياة، وتعمل على إرساء المعايير والممارسات الدولية الفضلى، ومع التركيز على إسهامات التكنولوجيا المتقدمة التي تجعل المدن أكثر ذكاءً.
وأضاف أن هذا يصب في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث إن تطور قطاع الإسكان والتشييد والتنمية الحضرية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بجميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، فهو القطاع الذي تنهض به الدول وتقوم عليه الحضارات.
وتابع: إن مجلس وزراء الإسكان العرب وضع نصب أعينه ومنذ إنشائه اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تطوير وإنشاء مدن أكثر أمنا، أكثر شمولا واستدامة، وقادرة على الصمود.
واستطرد قائلا: "لقد ظلت القرارات التي يتخذها المجلس تعبر عن السياسات العربية المعتمدة الداعمة لصياغة وتنفيذ وتعزيز شمولية السياسات الحضرية الوطنية، واستراتيجيات الإسكان، والتشريعات التي تسمح بأطر مؤسسية فعالة، وتطبيق خطط حضرية مستدامة، يكون الإنسان هو محورها، بحيث تتكامل الجهود الوطنية لتصب في عمل عربي مشترك يؤدي إلى تنمية حضرية عربية مستدامة".
وقال إنه بالرغم من هذه الجهود والتطور الذي يحدث في عدد من الدول العربية، إلا أن قطاع البناء والتشييد اليوم يواجه تحديات حقيقية مستجدة مرتبطة بتداعيات تغير المناخ، وآثار أزمة كورونا، وارتفاع الأسعار العالمية والأزمة الاقتصادية الدولية.
وأشار إلى أن هناك عددا من الدول العربية زادت فيها الفجوة الإسكانية خاصة لمحدودي الدخل، كما أن هناك ضغوطا على الخدمات من مياه وصرف صحي وطرق وبنية تحتية. هذا بخلاف التحديات المألوفة من زيادة الكثافات السكانية بالمدن القائمة، ومشكلة الزحف العمراني وتآكل الأراضي الزراعية، وتدهور شبكات الطرق القومية، ونمو السكن غير الرسمي.
وتابع: "لقد استفحل الأمر في عدد من الدول العربية نتيجة عدم الاستقرار السياسي والنزاعات، وتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر.. وما الوضع في فلسطين ببعيد عن الأذهان، فسياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتحكمة في مفاصل الدولة وفي حياة المواطن الفلسطيني لا تخفى عليكم".
وأشار إلى الوضع في الصومال الذي يحتاج لإعادة الإعمار والذي تمت مناقشته الأسبوع الماضي في الجامعة العربية باستفاضة، بينما الوضع الاقتصادي في الجمهورية اللبنانية له تداعياته على البنية التحتية وخدمات المياه والكهرباء، هذا بالإضافة إلى الوضع في الجمهورية اليمنية التي تحتاج إلى دعم كبير.
وقال إن جدول أعمال مجلس وزراء الإسكان العرب يغطي هذه القضايا التي تناولتها اللجنة الفنية الاستشارية والعلمية عند مناقشتها لبنود جدول الأعمال ورفعت بشأنها للمجلس مشاريع قرارات تتناول عددا من الأمور كتعزيز مشاريع الإسكان الاجتماعي والإسكان المتوسط تحقيقاً للعدالة الاجتماعية باعتبار أن السكن حق من حقوق الإنسان.
وأضاف أنه في ذات الوقت لم يتم إغفال أهمية إنشاء تجمعات إسكانية جديدة مع ربطها بشبكة الطرق الإقليمية، لتيسير انتقال السكان والعمالة، وتحقيق الانتشار السكاني والأنشطة الاقتصادية المتنوعة.
وأوضح أن مشاريع القرارات تستهدف توحيد الجهود بين الهيئات والجهات الحكومية والقطاع الخاص في الدولة لإنشاء المشاريع السكنية، وتنويع الحلول التمويلية، وتطوير أداء العمليات والخدمات والأنظمة والتقنيات. واتخاذ التدابير لدعم بحوث البناء والتميز والابتكار، مع توفير قاعدة بيانات موحدة للإسكان على مستوى الدولة وعلى المستوى الإقليمي.
ونوه بالدورة التدريبية التي تعقدها مملكة البحرين الأسبوع القادم لمنسقي الاتصال من الدول العربية لرفع القدرات لإدخال البيانات الوطنية لكل دولة عربية على موقع مجلس وزراء الإسكان العرب، مشيرا إلى أن هذا يأتي تنفيذا لإرادة المجلس الموقر في دعم العمل الإسكاني العربي المشترك.
وأوضح أن مشروع قرار البند الخاص بإعداد الدراسة الخاصة بمعالجة النقص في التشريعات المتعلقة بقطاع الإسكان، والمواءمة بین سياسات وتشريعات الإسكان داخل الدولة يهدف إلى خلق بيئة تشريعية ملائمة تستجيب للمتطلبات الأنية والمستقبلية لقطاع البناء والتشييد في الدول العربية، وهو ما من شأنه إحداث نقلة نوعية في التعاون العربي في هذا القطاع الهام والحيوي.
وأشار إلى أنه على رأس جدول أعمال مجلس وزراء الإسكان العرب متابعة تنفيذ الخطة التنفيذية للإستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية المعتمدة من قبل القمة العربية التي تصب ليس فقط في إطار تنفيذ الخطة العالمية للتنمية المستدامة 2030، بل تقوم بتعزيز آليات العمل العربي الخاصة بتعزيز التنسيق الحكومي والشــراكة مــع القطــاع الخــاص وتطوير الممارسات الحكومية وتبادل التجارب والخبرات، وعرض التجارب والمشروعات الرائدة وأفضل الممارسات للدول العربية التي تواكب التطورات التكنولوجية وآليات تخطيط المدن الذكية والمستدامة.
كما أنها تتضمن طرح كل ما هو جديد في مجال تكنولوجيا البناء الذكي والبنية التحتية والتطوير العقاري وتكنولوجيا المعلومات. بالإضافة إلى تعزيز قدرات القوى العاملة في قطاع البناء والتشييد، وإيلاء القطاع الخاص الدور المنوط به في تحقيق أهداف السياسات الإسكانية وتيسير عملية الحصول على المسكن الملائم للمواطن العربي وذلك بغرض توفير فرص متساوية للجميع في خيارات الإسكان. مع السعي لتكثيف التعاون الدولي والاسـتفادة مـن التجارب الدولية في البناء الأخضر والمدن الذكيـة، بما يسهم في التصدي لتغير المناخ من خلال استخدام ممارسات بناء ذات كفاءة في استخدام الطاقة وصديقة للبيئة. والمحصلة النهائية لهذه الجهود تحقيق مستقبل أفضل للشعوب العربية، وطرح حلول عربية مبتكرة لمواجهة تحديات القطاع الحالية والمستقبلية.
وأشاد بالتعاون القائم بين جامعة الدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية والذي توج مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين، وقال "سنعمل أن تكون انطلاقة جديدة للتعاون بين الجانبيين بما يخدم كافة وزارات الإسكان والتعمير في الدول العربية.
وتوجه إلى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بنداء لتقديم الدعم المادي والفني إلى الدول العربية الأقل نمواً، والدول التي تعاني من عدم الاستقرار، وكذلك الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، لتمكينها من تجاوز الصعوبات والمشاكل التي تواجهها في الوفاء بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 والأجندة الحضرية الجديدة.
وقال إن اجتماع مجلس وزراء الإسكان العرب يتزامن مع مؤتمر الإسكان العربي السابع، لذا فإنني أرى انه يمثل فرصة لطرح المجهودات التي تبذلها الدول العربية، وكذلك الصعوبات والتحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى التجارب الإقليمية والعالمية وإطلاع المجتمع العربي والدولي على المستجدات في مجال الإسكان والتشييد في المنطقة العربية.
ولفت إلى أن الدورة الثانية لجمعية الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية تعقد في الفترة من 5-9 يونيو 2023 وهو ما يتطلب من مجلس وزراء الإسكان العرب اتخاذ قرار بشأن التحضير العربي الجيد لها حتى يتم عكس الإنجازات والتحديات التي تواجه المنطقة العربية لتنفيذ الأجندة الحضرية الجديدة، واتخاذ موقف عربي موحد من المواضيع المطروحة على هذه الدورة.
ونوه بمبادرة "القدرة على الصمود الحضري المستدام للجيل القادم" التي أطلقتها جمهورية مصر العربية كرئاسة لمؤتمر الأطراف لتغير المناخ ال 27، والتي سعت لتسريع العمل المناخي المحلي والحضري من خلال تعزيز الإدارة متعددة المستويات للمناخ، وإشراك أصحاب المصلحة والتركيز على تحقيق النتائج من خلال خمس مسارات: المباني والإسكان، والطاقة الحضرية، والنفايات والاستهلاك الحضري، والتنقل الحضري والمياه الحضرية.
وقال إن هذه المبادرة تتطلب متابعتها من قبل المجلس لتوفير الدعم اللازم لها عن طريق تضافر الجهود لتعبئة الموارد لها من آليات تمويل دعم التكيف والتخفيف من تغير المناخ، بحيث يتم تنفيذها في المنطقة العربية لتصبح رائدة في هذا المجال.
وهنأ أبو الغيط - في كلمته - الدكتور عاصم عبد الحميد الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية على توليه رئاسة الدورة 39 لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب متمنية له التوفيق والسداد مؤكدا أنه سيجد من فريق الأمانة الفنية لمجلسكم الموقر كل الدعم اللازم، كما توجه بالشكر إلى وزير الأشغال العامة والإسكان الأردني رئيس الدورة الـ 38 للمجلس، على ما بذله من جهد خلال ترؤسه للدورة السابقة للمجلس.
كما وجه الشكر لجمهورية مصر العربية، رئيساً وحكومةً وشعباً على حسن الاستقبال وكرم الضيافة المعهود في بلاد النيل.
واختتم كلمته بتوجيه الشكر لجميع العاملين بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية وفريق الجامعة العربية على ما بذلوه من جهود مقدرة ليخرج هذا الاجتماع بهذه الصورة المشرفة فلهم خالص التقدير والامتنان.
وأعرب عن تمنياته النجاح والتوفيق لدورة المجلس هذه، عن أمله في أن تكلل بالنجاح والخروج بقرارات من شأنها التسريع في توطيد العلاقات بين الدول العربية لتوفير مأوى آمن صحي ميسور ومستدام لكل مواطن عربي على امتداد المنطقة العربية.