الأحد 22 سبتمبر 2024

"ذا ديبلومات": مازال الطريق وعرا أمام بكين وواشنطن لتحقيق انفراجة في العلاقات بينهما

أمريكا والصين

عرب وعالم27-12-2022 | 13:31

دار الهلال

ركزت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية، المتخصصة في الشئون الآسيوية، على توجه الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى النهج الدبلوماسي مرة أخرى مع استمرار توتر العلاقات الثنائية بينهما، مشيرة إلى أن العودة إلى التواصل بين البلدين قد يكون السبب في تخفيف حدة المواجهات بينهما أثناء تقدمهما على المسار الدبلوماسي الوعر نحو تحقيق انفراجة في العلاقات الثنائية.

وذكرت المجلة في تقرير لها أن واشنطن أعلنت مؤخرا عن فتح إدارة في وزارة الخارجية الأمريكية من أجل تنسيق العمل مع الصين كمبادرة لإضفاء المزيد من الفعالية على الدبلوماسية الأمريكية وأطلق على هذه الإدارة بصورة غير رسمية اسم "البيت الصيني".

ونوهت المجلة بأن هذه المبادرة تأتي بعد الاجتماع الأول بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج في بالي الإندونيسية خلال منتصف نوفمبر الماضي.

وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أنه رغم أن هذا الاجتماع في حد ذاته يمكن اعتباره بمثابة تقدم على مسار العلاقات بين البلدين، إلا أن هناك قضايا من المحتمل أن تجعل التوترات بين البلدين قاب قوسين أو أدنى، مضيفة أن من بين هذه القضايا مخاطر نشوب صراع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية حول مضيق تايوان وهي القضية الأكثر تحديا لعلاقات الجانبين لاسيما وأن صانعي السياسات وخبراء سابقين يناقشون الموقف الذي يتعين على واشنطن اتخاذه حال غزو تايوان، وعليه؛ فإن عقد اجتماع واحد على أعلى المستويات بين البلدين لن يكون كافيا لتسوية الخلافات والشروع في علاقات أكثر تعاونا.

وأشارت المجلة إلى حقيقة أن جهود استعادة العلاقات الدبلوماسية الثنائية المباشرة بين واشنطن وبكين بعد مرورهما بأزمات تنافسية أو دبلوماسية أو نزاع مباشر على المستوى الدولي ليس بالأمر الجديد في تاريخ العلاقات الأمريكية-الصينية، تماما كما حدث بين منتصف الخمسينات وأوائل ستينات القرن الماضي عندما بدأت المحادثات على مستوى السفراء رغم عدم موافقة البلدين في هذا الوقت على استعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي.

وذكرت المجلة أن العامل الذي تسبب في بدء تلك المحادثات آنذاك كان اشتعال أول أزمة في مضيق تايوان عام 1954، وكان السبب الرئيسي لبدء تلك المحادثات هو تقليل أو القضاء على التوترات بين البلدين بعد انتهاء الأزمة، لكن اختلفت توقعات كلا البلدين من تلك المحادثات حيث كانت تتوقع الصين أن تؤدي المحادثات إلى المزيد من المفاوضات ثم تحسين العلاقات الثنائية، بينما كان هدف الولايات المتحدة الرئيسي من المحادثات هو استبعاد احتمالية استخدام بكين القوة العسكرية ضد تايوان والتأكيد على التزامها بالوقوف إلى جانب حلفائها المعادين للشيوعية في المنطقة.

وأوضحت أنه رغم الآمال حسنة النية نسبيا التي بُنيت على تلك المحادثات في بدايتها، إلا أنه سرعان ما وصلت إلى طريق مسدود، حيث رفضت بكين تقديم أي ضمانات بشأن ما تخطط له في تايوان، والتي اعتبرها صناع القرار في بكين مشكلة داخلية؛ وعلى الجانب الآخر تمسكت واشنطن بحقها في الدفاع بشكل أحادي أو جماعي عن منطقة تايوان، ورفضت عقد المزيد من الاجتماعات الثنائية حتى تتخلى الصين عن نيتها في التدخل العسكري.

وحتى بعد اندلاع أزمة مضيق تايوان الثانية عام 1958، استمرت محادثات السفراء في لعب دور مهم في الحفاظ على التواصل الصيني-الأمريكي خلال الأزمة، بحسب "ذا ديبلومات"، حيث ساعدت المحادثات في الحيلولة دون المزيد من التصعيد ومنع المواجهة العسكرية المباشرة بين البلدين حول تايوان.

وأشارت المجلة إلى أن العلاقات الصينية-الأمريكية توقفت مرة أخرى حتى عام 1962 بمجرد تخفيف حدة الأزمة الثانية لتايوان، لكن حتى في ذلك الحين ساعدت المحادثات بين السفراء منع وقوع حادث رئيسي آخر يتعلق بتايوان من خلال تسهيل تبادل المعلومات والمناقشات حول المخاوف الأمنية بين البلدين؛ نظرًا لأن تلك المحادثات كانت تساعد في معرفة كلا الطرفين بموقف ورأي وتحركات الآخر تجاه أي من الأحداث الدولية، بحسب وانج بينجنان، الدبلوماسي الصيني الذي شارك في المحادثات عام 1964.

لكن يظل الوضع الحالي مختلف بشكل كبير عن الماضي، وفقًا لـ"ذا ديبلومات"؛ لأن المحادثات بين السفراء لم تسفر عن أي تغيير جوهري في أساسيات السياسة الخارجية للبلدين، ومع ذلك لا تزال هذه السابقة التاريخية مهمة لأنها تظهر أنه حتى خلال الأزمات الكبرى تسعى بكين وواشنطن للحفاظ على الاتصالات بينهما بل وتنجح جهودهما.

ونقلت المجلة عن خبير العلاقات الأمريكية-الصينية ستيفن جولدشتاين قوله: "من الواضح أن المخاطر الحالية معقدة بشكل كبير (مقارنة بأزمات الماضي) لكلا البلدين، لذلك فإن إنشاء دائرة خاصة تحل محل مكتب الصين في مكتب شئون شرق آسيا والمحيط الهادئ بوزارة الخارجية يعد خبرًا جيدًا، ومع ذلك، وكما يوضح تاريخ العلاقات الصينية-الأمريكية، فإن الحفاظ على قناة تواصل ثنائية بين بكين وواشنطن له الأهمية ذاتها".

واختتمت المجلة تقريرها بأنه بالنظر إلى تاريخ العلاقات الأمريكية-الصينية، فإن محادثات السفراء - التي تُستخدم كأداة للتعرف على نوايا الطرف الآخر وكمساحة آمنة لتبادل المعلومات الحساسة- قد تقدم لبكين وواشنطن الحل لتفادي المواجهة المباشرة بينهما في القضايا العالقة، والمعقدة بما في ذلك قضية تايوان، وذلك أثناء سيرهما على الطريق الوعر لتحسين العلاقات الثنائية بينهما.