في تقرير له, قال "آفي يسسخاروف" محلل الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة "التايمز أوف إسرائيل" إن زيارة (جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات ودينا باول) مبعوثي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إلى إسرائيل للقاء "نتنياهو" و"عباس" من أجل استئناف عملية السلام جاءت في وقت غير مناسب.
ومن المقرر أن يصل الثلاثة إلى المنطقة في وقت وصلت فيه علاقات القادة الثلاث أصحاب الصلة بالأمر وهم الرئيس ترامب ورئيس الورزاء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" ورئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" إلى أدنى مستوياتها، وفي الواقع، من الصعب التفكير بوقت أسوأ للوفد الأمريكي لمحاولة فعل شيء بغاية الحساسية مثل "استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط".
وأوضح "يسسخاروف" قائلا إن: "مساعدو "ترامب" غارقون في تحقيقات مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) في العلاقات المزعومة بين حملته الانتخابية وروسيا، والبيت الأبيض يصارع لتقديم سياسة ثابتة حول الحرب النووية مع كوريا الشمالية، ناهيك عن صوت واضح بشأن العنف العنصري داخل الحدود الأمريكية”.
ويضيف: “أما "نتنياهو" فإنه يواجه سيفًا قانونيًا معلقا فوق مستقبله السياسي، بعد تطورات شبه يومية حول مشاكل رئيس الوزراء القانونية، وتلك المتورط بها عدد من المقربين منه حيث من الصعب النظر إليه كشريك مفاوض قادر على تنفيذ اتفاق، ففي حال حاول "نتنياهو" الابتعاد عن التزامات معظم شركائه في الائتلاف الحكومي كتقديم أي تنازلات مثل تجميد البناء الاستيطاني أو أي أمر في هذا الشأن، فقد يدفع ثمنًا باهظًا، لأن كل أولئك الذين يدعمونه اليوم للبقاء في منصبه حتى لو تم تقديم لوائح اتهام ضده سيبدؤون بسرعة للمطالبة بالإطاحة به إذا أظهر مرونة ولو طفيفة مع الفلسطينيين.
ويؤكد: “كما أن "عباس" في أعقاب العاصفة التي حدثت بالحرم القدسي والبوابات الإلكترونية للكشف عن المعادن التي وضعت هناك من قبل إسرائيل لفترة لم تدم طويلًا، فإن القائد الفلسطيني ومساعديه يعملون جاهدين لإيضاح أنهم قاموا بتجميد التنسيق الأمني مع إسرائيل، وبأن "نتنياهو" ليس بشريك للسلام بسبب مشاكله القانونية، وغير معني باتفاق سلام ويقوم بكل ما يطلبه اليمين الإسرائيلي منه، فكيف سيمكنه عقد أي اتفاقيات معه الآن؟”.
وأضاف "يسسخاروف" أنه في الآونة الأخيرة، تتناقص مكانة "عباس" في صفوف الفلسطينيين، خاصة بعد قراره بفرض المزيد من القيود على حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي الأسبوع الماضي، صدر أمر جاء فيه أن كل ما يكتب ضد "عباس" أو حركته "فتح" يمكن أن يتم تفسيره على أنه "هجوم على الوحدة الوطنية"، ويمكن أن يؤدي بالتالي إلى اعتقال ناشره، وبالفعل مؤخرًا اعتقلت قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية خمسة صحفيين يعتبرون مؤيدين لحركة "حماس".
وعلى الرغم من القيود التي يفرضها "عباس"، فإن الانتقادات الموجهة إليه آخذة بالازدياد، ويعود ذلك جزئيًا إلى حرب السلطة الفلسطينية ضد "حماس" ونظامها في قطاع غزة، بسبب القيود التي فرضتها السلطة الفلسطينية على تمويل الكهرباء والماء والرعاية الطبية والأدوية وأمور أخرى في قطاع غزة والتي دفعت "حماس" وخصم "عباس" المنفي "محمد دحلان" إلى التقارب.
واختتم "يسسخاروف" مقاله بأنه على الرغم من هذا، فإن كل قائد منهم يجد نفسه في وضع صعب، ما قد يعطي استئناف عملية السلام بعض الجاذبية كنوع من الهروب بعيد المنال عن مشاكلهم الحالية الذي قد يساعد على إعادة تشكيل سطح السفينة السياسية لكل واحد من هؤلاء القادة، وبالنسبة لترامب، فإن المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن أن تحول الانتباه عن الأزمات الدولية والسياسات المحلية المتعثرة، وبالنسبة لنتنياهو وعباس، فإن تحقيق انفراج سياسي قد يصبح “المكافأة” التي تثبت صحة سياساتهما السابقة، وعلى المدى الطويل، تمنحهما الاستقرار في الحكم.