الإثنين 17 يونيو 2024

كتاب «البهيموت» يرصد وحش الدولة النازية محطم كل القيود

15-8-2017 | 14:33

صدر حديثًا عن مكتبة الشبكة العربية كتاب "البهيموت: بنية الاشتراكية القومية (النازية) وممارستها" لفرانز ليوبولد نويمان و منظر ماركسي ألماني، والكتاب ترجمة حسني زينة ويقع فى 863 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا، وهو ليس تحليلًا للرايخ الألماني فحسب، بل مساهمة أساسية في علم الاجتماع السياسي أيضًا؛ إذ يتطرق إلى وحش الدولة النازية المتفلت من كل قيد.

في مقدمة الكتاب، وعنوانها انهيار جمهورية فايمار، يشير نويمان إلى انهيار أول تجربة ديمقراطية في ألمانيا (سميّت نسبة إلى مدينة فايمر، مكان انعقاد الجلسة الأولى للجمعية الوطنية الألمانية في 6 فبراير 1919) بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى؛ إذ فشلت كل محاولات ترسيخ نظام ديمقراطي طويل الأمد حينها، فالأحزاب اليمينية رأت في الديمقراطية أنها نموذج حكم غريبًا فرضه المنتصرون، ورفضت شريحة واسعة الإقرار بمسؤولية ألمانيا عن اندلاع الحرب.

وتزامنت بداية انهيار جمهورية فايمر مع بداية الكساد العظيم الذي أنهك الاقتصاد الألماني وزاد عدد العاطلين وعمّق مظاهر التطرف؛ ما مهد الطريق أمام النازية لتصعد إلى السلطة.

الدولة والزعامة

قسم نويمان كتابه في ثلاثة أقسام، يتألف القسم الأول، النمط السياسي للاشتراكية القومية (النازية)، من ستة فصول، في الفصل الأول، الدولة التوتاليتارية، يفصل المؤلف تقنيات الفكر الدستوري المضاد للديمقراطية، والتنسيق الشامل للحياة السياسية، والدولة التوتاليتارية في الحرب.

في الفصل الثاني، ثورة الحزب ودولة "الحرَكة"، يحدد المؤلف ثلاثة أنماط من العلاقة بين الحزب والدولة في دول الحزب الواحد.

في الفصل الثالث، الزعيم الكاريزمي في دولة الزعامة، يبحث نويمان في سيكولوجية الكاريزما.

العرقية الجرمانية

يفصّل نويمان في الفصل الرابع، الشعب العرقي مصدر الكاريزما، مسائل الأمّة والعرق، والعرقية في ألمانيا، ونظريات معاداة السامية، وتنقية الدم والتشريعات المعادية لليهود، وأَرْينَة الأملاك اليهودية، وفلسفة العداء للسامية.

في الفصل الخامس، رايخ ألمانيا الكبرى: المجال الحيوي وعقيدة مونرو الجرمانية.

أمّا في الفصل السادس، نظرية الإمبريالية العرقية، فيبحث نويمان في الديمقراطية والإمبريالية، ومواجهة الشعب البروليتاري حكم الأثرياء، والعناصر الماركسية المزيفة في نظرية الإمبريالية الاجتماعية، والأسلاف القوميين للإمبريالية الاجتماعية، والإمبريالية الألمانية، وعلاقة الديمقراطيين الاجتماعيين بالإمبريالية، والعلاقة بين الإمبريالية العرقية والجماهير.

اقتصاد الرايخ

يضم القسم الثاني، الاقتصاد الاحتكاري التوتاليتاري، أربعة فصول. في أولها، اقتصاد لا يطاوله علم الاقتصاد؟، يتناول المؤلف قضيتي رأسمالية الدولة وأسطورة الدولة التشاركية.

في الفصل الثاني، تنظيم الأعمال، يدرس نويمان الوضع السياسي للأعمال في جمهورية فايمار والتنظيم السياسي للأعمال في ظل النازية.

وفي الفصل الثالث، الاقتصاد الاحتكاري، يتناول المؤلف قضايا الملكية والتعاقد، وسياسة الكارتيل النازية، ونمو الاحتكارات. وبحسبه، فرضت الكرتلة الإجبارية بحكم القانون، ومُنح وزير الاقتصاد الفدرالي صلاحية إنشاء كارتيلات إجبارية، لإرغام رجال الأعمال غير المنضمين على الانضمام إلى الكارتيلات القائمة.

أمّا الفصل الرابع، الاقتصاد الأمري، فيعرض فيه المؤلف مسائل القطاع المؤمّم، والقطاع الحزبي، والسوق والتحكم في الأسعار، ونهاية الرأسمالية المالية، والتجارة الخارجية والاكتفاء الذاتي، والتحكم في القوى العاملة.

ملكي جمهوري

يضم القسم الثالث، المجتمع الجديد، فصلين، في أولهما وعنوانه الطبقة الحاكمة، يدرس نويمان البيروقراطية الوزارية في ألمانيا النازية، والتراتب الهرمي في الحزب، وعلاقة الحزب بالإدارات الحكومية وبالقوات المسلحة، والقيادات الصناعية والزراعية، وشركة النفط القارية بوصفها أنموذجًا للطبقة الحاكمة الجديدة، ومسألة تجديد الطبقة الحاكمة.

أمّا في الفصل الثاني، الطبقات المحكومة، فيتناول المؤلف مبادئ التنظيم النازية، والطبقة العاملة في ظل جمهورية فايمار، والجبهة العمالية، وقانون العمل، والتنظيم الصارم لأوقات الفراغ، والأجور والدخول بوصفها وسائل للتحكم في الجماهير، والدعاوة والعنف، والقانون والإرهاب النازيين.

فرانز ليوبولد نويمان منظر ماركسي يهودي ألماني، من أعضاء "مدرسة فرانكفورت" وأوائل مفكري "النظرية النقدية". مع صعود النازيين إلى السلطة، تحوّل اهتمامه إلى تحليل القوة الاقتصادية وعلم النفس السياسي. في منفاه الأميركي، صار عالمًا سياسيًا وأحد مؤسسي العلوم السياسية الحديثة.