الجمعة 21 يونيو 2024

الأزهر: «الأزمة الأوكرانية والأمن الغذائي» آليات تنشئة جيل من الإرهابيين بإفريقيا

مرصد الأزهر

أخبار10-1-2023 | 14:03

دار الهلال

سلطت وحدة رصد اللغات الإفريقية بمرصد الأزهر الضوء على تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية والتغير المناخي وتوسع التنظيمات الإرهابية في استغلال أزمة الأمن الغذائي بدول القارة الإفريقية، باعتبارها أضلاع مثلث الخطر الذي تسبب في تفاقم الأزمات الإنسانية بالقارة التي تعيش واقعا سوَّده الإرهاب الغاشم.

وقالت الوحدة - في تقرير اليوم - "إن مثلث الخطر هذا جعل من معاناة أغلب أبناء القارة مسألة هامشية، حيث استغلت التنظيمات الإرهابية هذه الأزمات في تجنيد واستقطاب أجيال الشباب الإفريقي الناقم على الأوضاع الحياتية والأحداث الجارية، ويجد في العنف الوسيلة الأفضل للتخلص من الأوضاع الراهنة وتحقيق أهدافه". 

ولخص المرصد هذه التأثيرات على عدة مستويات، أبرزها الأمني، فإلى جانب تأثير زيادة أسعار المواد الغذائية، والارتفاع الهائل في تكاليف الوقود وغيرها؛ كانت هناك نتائج أمنية وخيمة أثرت بالسلب على جهود مكافحة تنظيمات التطرف والإرهاب؛ إذ ظلت روسيا تقدم بثبات دعما عسكريا واستخباراتيا واسعا للدول الإفريقية، ووقعت عدة اتفاقياتِ تعاونٍ عسكري مع دولٍ مختلفة، مثل (إفريقيا الوسطى، ومالي، وبوركينافاسو) لمواجهة تلك التنظيمات، ومع ذلك فقد أدى النزاع بين البلدين إلى سحب روسيا المزيد من خدماتها وقواتِها العسكرية الخاصة من إفريقيا، كما حدث في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، للمشاركة إلى جانب قواتهم الروسية في الاقتتال الدائر في أوكرانيا.

وأشار المرصد إلى أن أوكرانيا قامت باستدعاء جميع قواتها العسكرية المشاركة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام للقتال إلى جانب جيشهم الأوكراني ومع سحب هذه القوات الروسية والأوكرانية العاملة في بعض الدول الإفريقية خلال الفترة الماضية، فقد أحدث هذا فراغا أمنيا خطيرا وتراجعا واضحا في جهود مكافحة الإرهاب، خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية وعدم استعداد بعض جيوش تلك الدول لمواجهة التنظيمات الإرهابية بمفردها، مما يعني سيطرة أكبر لتلك التنظيمات على بعض الدول الإفريقية، لتغلغلها بشكل يؤثر بالسلب على أمن تلك الدول واستقرارها، ما يجعلها عرضة للاضطرابات السياسية التي توفر في مجملها البيئة المحفزة لتنامي الإرهاب، وانتعاش أنماط الجريمة المنظمة كافة. 

وأضاف أن التغيرات المناخية جاءت كأحد المهددات الأمنية الاستراتيجية التي تزيد من احتمال وقوع الأعمال الإرهابية في الدول المضطربة سياسيا وأمنيا واقتصاديا، فيما يطلق عليه "إرهاب المُناخ"، حيث أن انعدام الأمن الغذائي جراء الكوارث المرتبطة بالمناخ كالفيضانات والأعاصير والجفاف والتصحر وحرارة الطقس، كلها أسباب تفسح المجال أمام التنظيمات المسلحة لزيادة صفوفها، وجذب مجندين جدد من جيل بائس تأثر بشدة من التدهور البيئي المحيط والظروف المُناخية القاسية التي دفعته، نتيجة انعدام سبل الحياة، للنزوح والهجرة بحثا عن ملاذ آمِن، وبالتالي يكون عرضة للتجنيد والاستقطاب من جماعات استغلال الأزمات، مثل "بوكو حرام" و"الشباب".

ولفت إلى أن السياسة الأخيرة التي تتبناها التنظيمات الإرهابية هي سياسة التجويع، حيث تبنت مؤخرا سياسة الحصار والتجويع لإجبار السكان على ترك منازلهم أو الانضمام إلى تلك التنظيمات عنوة، مما قد يجبر السكان على التسول أو اللجوء للعنف للحصول على الغذاء، كما يزيد من خطر النزوح ومشاكل الهجرة. 

ويضع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعضَ الحلول للحد من خطورة هذا الثلاثي الخطير في عدة نقاط، أبرزها تبني المبادرات التي تنادي بالحفاظ على البيئة مِن عوامل التلوث للحد من التغيرات المناخية، مثل مبادرة الحزام الأخضر، لما في ذلك من قدرة هائلة على التصدي لأزمة المناخ وبدء حراك جماعي من خلال المجالس الاقتصادية وقوافلِ الإغاثة مِن أجل توفير غطاء غذائي كاف للمناطق المحاصرة والمنكوبة بإفريقيا جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتغير المُناخ مع توفير ضمانات الأمن والسلامة لتلك القوافل والعمل على حمايتها حتى تبلغ الهدف المنشود، فضلا عن ضرورة توفير التمويل اللازم لبعثات حفظ السلام في جميع أنحاء القارة، لمكافحة التنظيمات الإرهابية ونفوذِها المتزايد ومحاولاتِ التجنيد لمنع ظهور جيل جديد من المتطرفين.