الخميس 28 نوفمبر 2024

أخبار

الجدوى الاقتصاديَّة للعاصمة الإداريَّة

  • 13-1-2023 | 14:05

العاصمة الإدارية الجديدة

طباعة
  • د. ريم عثمان

يتردَّد في الآونة الأخيرة السؤالُ عن مدى جدوى"العاصمة الإداريَّة الجديدة" اقتصاديًّا، كما يتساءل كثيرون عن أسباب تخصيص تلك المساحة الهائلة لها، وعن تلك التكاليف الباهظة التي تنفق لإتمامها؛ فكان لا بدَّ لنا من تسليط الضوء على أهمية إنشاء "العاصمة الإداريَّة الجديدة" وجدواها الاقتصاديَّة، وما تحمله من خيرٍ لنا ولأجيالنا القادمة. حيث يُعدُّ هذا المشروع العملاق انطلاقةً حضاريَّةً نحو مفهومٍ جديدٍ لطبيعة الحياة السكنية بمصر.

فقد خصَّصت الدولة مساحة 170 ألف فدانٍ شرق مدينة القاهرة على حدود مدينة بدر، في المنطقة ما بين طريقى القاهرة السويس والقاهرة العين السخنة، مباشرةً بعد القاهرة الجديدة ومدينة المستقبل ومدينتى، من أجل تطويرها إلى مركزٍ سياسيٍّ وثقافيٍّ واقتصاديٍّ رائدٍ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بهدف تحقيق التنمية المستدامة؛ وذلك لضمان الحفاظ على الأصول التاريخيَّة والطبيعيَّة المميزة التي تمتلكها.

 فقبل إنشاء العاصمة الإداريَّة في موقعها الحالي كانت مجرَّد منطقةٍ صحراويَّةٍ مهجورةٍ لا يتعدَّى سعر المتر بها جنيهًا واحدًا، ولكن بعد أن اتخذت الدولة قرارها بإنشاء العاصمة تمكنت من بيع المتر الواحد بمبلغ ثلاثة آلاف جنيهٍ بل وصل سعره حاليًا إلى خمسة آلاف جنيهٍ أو يزيد، وهو الأمر الذي منح الدولة إمكانيَّة تطوير تلك المنطقة عمرانيًّا، وإنشاء بنيةٍ تحتيَّةٍ على أعلى مستوى من التكنولوجيا تتمثل في شبكة الطرق ومحطات الكهرباء والمياه وخطوط الاتصالات؛ حرصًا على تلبية  طموحات وأحلام الشعب المصري بعد سنواتٍ من المعاناة والإهمال، فعقب تولِّي فخامة الرئيس السيسي شئون البلاد اتجهت أنظاره نحو تعمير الصحراء، والعمل على تخفيف الكثافة السكانيَّة من العاصمة الحالية، وكذلك حلّ أزمة الإسكان، حيث يبلغ عدد السكان المستهدف خلال المرحلة الأولى بمسطح 10.5 ألف فدانٍ حوالى 5 ملايين نسمة.

 هذا بالإضافة إلى عدد 40 إلى 50 ألف موظفٍ حكوميٍّ يتم نقلهم بالمقرات الجديدة، مع التخطيط لزيادة الطاقة الاستيعابيَّة إلى 100 ألف موظفٍ بعد الثلاثة أعوام الأولى، ومن المتوقع أن ينمو هذا المشروع البنائي الضخم من 18 مليون نسمة إلى 40 مليون نسمة بحلول عام 2050م.

وإذا ركزنا على أهمية تلك العاصمة الجديدة وجدواها الاقتصاديَّة فإنَّها توفر الوقت والجهد، كما تساعد على إنجاز الأعمال خصوصًا لدى قطاع الاستثمار، بعيدًا عن الزحام الشديد والاختناقات المروريَّة، فإهدار الوقت يشكل مناخًا طاردًا للاستثمار حيث تخسر مصر 4% من ناتجها المحلى بسبب الزحام، وهو الأمر الذي تطلب ضرورة وجود حلٍّ جذريٍّ لتلك المشكلة. 

ولم يكن اختيار مكانها إلَّا كاشفًا عن حسن القيادة لتكون قريبةً من مشروع محور تنمية قناة السويس الذي يُعدُّ قاطرة التنمية لمصر في العقود التالية؛ ممَّا يساعد المستثمر على التواصل مع الوزارات الحكوميَّة وإنهاء تراخيص استثماره بأسرع وقتٍ وأسهل طريقٍ. وسوف يتمكَّن كبار المستثمرين خارج مصر من الوصول إليها عبر مطارٍ بها تمَّ تشييده على أحدث مستوى ليصل إلى مصنعه فى دقائق معدودة؛ ممَّا يشكل مناخًا جديدًا جاذبًا للاستثمار، وينقل مصر إلى مصاف الدول الحديثة والمتطورة. وقد نجحت شركة العاصمة الإداريَّة الجديدة في تحقيق نجاحاتٍ كبيرةً خلال السنوات الماضية في مرحلتها الأولى، والتي تبلغ مساحتها ٤٠ ألف فدانٍ، وستبدأ في تنفيذ المرحلة الثانية التي تبلغ مساحتها ٥٠ ألف فدانٍ.

وهنا تجدر الإشارة إلى حكمة القيادة السياسيَّة فى الفكر الاقتصاديِّ الاستثمارى الذي أدار به سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الدولة حيث إنَّ الموازنة العامة للدولة المصريَّة لم تتحمل أيَّة أعباءٍ أو تكاليف خاصة بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، عن طريق طرح أراضٍ للمستثمرين والمطورين العقاريين في إطار خطة الدولة لاستغلال  مواردها وإمكانيَّاتها، وبالتالى أصبحت العاصمة الإداريَّة أحد موارد الدولة الاقتصاديَّة من خلال ما تقوم به الشركة والمستثمرون والمطوِّرون العقاريُّون من ضرائب وتأميناتٍ اجتماعيَّةٍ؛ ممَّا نتج عنه وجود ملاءة مالية كبيرة، تجاوزت الـ100مليار جنيهٍ سيولة، وأراضى وعقارات أصول ثابتة في حدود ٤ تريليونات جنيهٍ، بل ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الأرقام خلال السنوات القادمة.

كما حرص معالي الرئيس عبد الفتاح السيسى على طرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة في البورصة خلال الفترة المقبلة، وسوف يساهم هذا القرار وبشكلٍ كبيرٍ في التنمية الاقتصاديَّة للدولة، وزيادة فاعليَّة حركة التبادل في سوق المال، فضلًا عن تحقيق خطة الإصلاح الاقتصادى، وزيادة وتنشيط الاستثمار، كما سيساهم في إنشاء المرحلتين الثانية والثالثة.

وسوف يؤدي أيضًا إلى زيادة حجم التداول في البورصة المصريَّة، ولضمان حماية المستثمرين وتشجيعهم فقد قام سيادة الرئيس باتخاذ قرارات جديدة تتمثل في فرض تنفيذ 30% من أيِّ مشروعٍ عقاريٍّ قبل طرحه للبيع للمواطنين، لضمان حماية أموال المواطنين ووجود جدية في التنفيذ من قبل الشركات التي حصلت على قطع أراضٍ، لأنَّ معظم الشركات تبدأ عمليات البيع والتسويق قبل التنفيذ، وكذلك إنشاء حسابٍ بنكيٍّ خاصٍّ لكلِّ مشروعٍ تودع فيه أموال المواطنين الراغبين في الحصول على الوحدة في هذا المشروع، على أنْ يتمَّ تسليم الوحدات السكنيَّة الخاصة بالمشروعات العقارية كاملة التشطيب. 

وأبرز ما تمتاز به عاصمتنا الجديدة روعة التصميمات على النمط الأوروبى، والنهر الأخضر وأطول سلسلة حدائق في العالم، والشلالات والبحيرات الصناعيَّة، وأنظمة خاصة لتوليد الكهرباء، وسهولة التنقل، والمدارس والجامعات، والأحياء السكنيَّة، وحي المال والأعمال، وبرج العاصمة الإداريَّة الجديدة الذي يعُد الأعلى في إفريقيا، ويبلغ ارتفاعه 385 مترًا، وكذلك التعاملات الحكوميَّة من خلال الوزارات التي تمَّ نقل مقارها، والحدائق ومدينة المولات والمعارض، ومدينة الفنون والثقافة، ومركز المؤتمرات، وحديقة الحيوانات، ومشروع القطار الكهربائي، ومطار دولىّ، وأكبر مسجدٍ وكنيسةٍ، وستاد أوليمبيّ، بالإضافة إلى مبنى لمؤسسة الرئاسة، ومبنى البرلمان، ومبنى لمجلس الوزراء، و18 مبنى وزاريا.

 فالعاصمة الجديدة هي ولا شك طفرة اقتصاديَّة، ومدينة عالميَّة متكاملة المشروعات؛ لتخفيف الضغط من مدينة القاهرة، والتي من المقرر افتتاحها قريبًا فور الانتهاء من ضبط الشبكة الذكية التي تربط بين جميع المبانى إلكترونيًّا؛ تمهيدًا لانتقال العاملين بالوزارات والهيئات الحكومية بمقارها الجديدة بالعاصمة. حفظ الله مصر، وبارك قيادتها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة