الخميس 9 مايو 2024

«الإسكندرية».. عاصمة البحر الأبيض الخالدة

الإسكندرية

محافظات13-1-2023 | 14:57

أحمد عبد الفتاح

الإسكندرية هى عاصمة مصر الفريدة التى تطل علي أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط الفسيح, حيث حضارتى اليونان وروما وتتسم الإسكندرية بسمة عبقرية, وهي أنها قد ظهرت للوجود وسط الماء العذب الفرات حيث بحيرة مريوط للجنوب من شريط الأرض الذي تعلوه المدينة, والبحر ذو الملح الأجاج من الشمال, فقد خرجت المدينة واستقرت وسط الماء وفيما يشبه الأسطورة نتيجة لتفاعل أبدى غوار لكل من عناصر الجيولوجيا, والجغرافيا والتاريخ علي مدار الزمن وكأنها أفروديت آلهة  الحب التي وُلدت من زبد الماء عند شواطئ قبرص الزاخرة بالموج الأبيض.

وقد أسفر هذا التفاعل الفوار بين هذه العوامل الكونية إلى ظهور فصول متعاقبة من تاريخ المدينة اكتسبت مع مر العصور سمة الكوزموبوليتانيرم Cosomopolitanism ، حيث امتازت طوبوغرافيتها بقابلية كل بقعه من بقاعها بجذب البشر وإحداث التفاعل بين المكان والإنسان علي مدار عصور التاريخ بدءا من راقودة, حيث كرموز وكوم الشقافة , ثم الشاطبى, وحتي المنتزه فى العصر الحديث, وقد كانت الإسكندرية وقبل مجىء الإسكندر وخلفائه البطالمة, هي راقودة المصرية القديمة, والتى كانت مجهولة لدينا ولا نعرف عنها شيئاً إلا من خلال مصدر أدبى سحيق, وهو الأنشودة الرابعة من أوديسة هوميروس والتي وردت بها الإشارة إلي ميناء راقودة البحرى بجزيرة فاروس, حتي كُشف عن لوح أثرى جليل يعرف بلوح الوالى, ورد به للمرة الأولى اسم راقودة بالكتابة الهيروغليفية, ويحمل الاسم مخصص مدينة ذات طرق متقاطعة, وهو ما يشير إلي أن الإسكندر عندما وصل للمكان فقد كان يجول بين أنحاء مدينة قائمة ذات ميناء هائل وتخطيط مصرى قديم عبقرى, وليست قرية كما ذكر إسترابون الذى وصفها بأنها كانت قرية والذى كانت المسافة الزمنية بينه وبينها حوالي ثلاثة قرون, وما يزيد على المسافة بين عصرنا, ونابليون بقرن.

ولم يكشف بعد عن راقودة التى ما زالت مطمورة تحت كتلة سكنية هائلة, ومقابر باب سدرة بكرموز وكذا كوم الشقافة.

وقد كشف عن النزر القليل من معالمها أسفل معبد السيرابيوم , وكذا آثار بعض الملوك : عصور الدولةالوسطى [ 2055 – 1650 ق.م  ] والحديثة [ 1550 – 1069 ق. م ] والصاوى [ 464 – 525 ق. م  ] .

وعلى الأرجح أن موقع راقودة وميناءها الذى أشاد به هوميروس منذ قرون سبقت عصر الإسكندر والبطالمة قد أوحت بصلات متبادلة بين راقودة, وبعض جزر البحر الأبيض ومن أهمها جزيرة كريت, وبالتالى ظهور نواة الكوزموبوليتانية الأولى بالإسكندرية وكانت وسيلة ذلك البحر الأبيض وقد أوحت راقودة بتكوينها الطبوغرافى وبحيرة مريوط, ولسان السلسلة للإسكندر الأكبر بتخطيط مدينة عظمى فى المكان ذات الشوارع مستقيمة تقوم علي جنباتها عمائر دنيوية ودينية تأثرا بعمارة الإغريق ومينائين مهمين الشرقي الداخلى, والغربى الخارجي للاتصال بالعالم.

وفي عصر خلفائه البطالمة أقيم الحى الملكى الأسطورى بين لسان السلسلة بالشاطبي, وحوض الميناء الشرقى حيث قصور البطالمة, والمتحف, والمكتبة, كما أقيم على الطرف الشرقى من جزيرة فاروس الفنار الذي جاء بناؤه خلاصة الفكر المعمارى الرياضى بمصر ونواة الموانيء والمنائر فى العالم وفى هذه البقعة المحددة من الأرض تفاعل العقل بلا حدود مع حقائق الكون, وبلغت الحضارة الإنسانية مداها حيث وضع إقليدس كتاب "المبادئ" يخص المعارف الرياضية في قصره وقد ازدهرت مدرستة لمدى ألف وسبعمائة عام, كما تطورت الدراسات والاختراعات الفلكية حيث أحدث هيبارخوس تحولاً مهما فى دراسة علم الفلك, كما نشأت مدرسة للطب ( علي تراث الفراعنة ) وتطور علم التشريح antomy كما توصل هيروفيلوس Herophilus إلي معرفة أعضاء البصر, والحس, المخ والجهازالعصبيى, واكتشفت وظائف الكبد, وقدم بحوثاً عن عمليات التشخيص diagnosis وكذا التنبؤات المحتملة للمرض Prognosis كما ميز بين المخ Cerebrum والمخيخ Cerebllum وهذه أمثلة من حضارة المدينة العلمية التي قامت بالمتحف ( الجامعة القديمة ) بالشاطبى على البحر فى حوالى القرن الثالث قبل الميلاد.

وفي مجال الأدب تم فى الإسكندرية تنقيح ونقد وحفظ تراث الإغريق الأدبى وفي مقدمته الإلياذة والأوديسة, كما قدمت الإسكندرية للعالم درتها الأدبية  شعر الرعاة Idylls , كما ترجمت الإسكندرية القديمة التوراة إلي اليونانية, فتغير تاريخ العالم وثقافاته نتيجة لهذا العمل الفذ فى تاريخ الترجمة العالمية.

وفى مجال الفن قدمت إسهامها الأساسى للفن العالمى فى الرسم والتصوير وهو طرز بومى المختلفة وقد عرفت المدينة شبكة محكمة من مرافق مياه الشرب النقية, وكذا الصرف الصحى, وقوانين البناء وإضاءة شوارعها ليلاً بالمصابيح الزيتية وفى مقدمها شارع كانوب.

ومن خلال العصر الرومانى بهرت المدينة أباطرة عصر الإمبراطورية الأعلى, وحضر بعضهم لمناقشة فلاسفة جامعتها (المتحف) كما شهدت رقى فنون المعمار والفسيفساء والمسرح, وقاعات الدرس والحمامات الضخمة والتي كشف عنها بمنطقة كوم الدكة, كما زودت بنظام رائع من شبكات ومحاط مياه الشرب,  صهاريج مياه ضخمة رائعة ذات طوابق عدة وأقواس, من أمثلتها صهريج النبيه الأزرق بشارع السلطان حسين, وكذا صهريج شارع فؤاد وكذا صهريج دار إسماعيل. كذلك تم تطوير معبد السيرابيوم خلال هذا العصر ومن بقاياه عامود دقلديانوس الهائل وكذا أصبحت المقابر الضخمة ومنها كتاكومب كوم الشقافة المتعدد الطبقات, ذو التماثيل والمناظر المنحوتة والمرسومة المثيرة للجدل.

كما ازدهرت بالمدينة صناعات عدة بهرت العالم ومنها صناعات الكتان والبردى والنسيج والعاج والزجاج وقد أصبحت صناعة الزجاج نواة صناعة الزجاج الفاخر فى العالم.

ومن خلال وثيقة تعرف طبيعة شعب الإسكندرية خلال هذا العصر صانع هذه الحضارة حيث يصف كاتب طبيعة شعب الإسكندرية قائلاً:

"لا نجد أحد قد استولى عليه الكسل فالبعض يشتغلون بصنع الزجاج والآخرون يعملون فى صناعة البردى والبعض ينسجون الكتان وكل إنسان يحترف عملاً أو يتخذ له فناً حتى الذين أصيبوا بالرثية (داء النقرس) لهم عمل تقوى طاقتهم عليه وحتى المكفوفين والذين أصيبوا بشلل في أحد ذراعيهم يجدون عملاً يناسبهم".

وخلال هذا العصر ظهرت المسيحية بالمدينة علي يد القديس مرقص, والذى أقيمت كنيسته ذات الأعمدة الضخمة والتيجان الجميلة علي البحر, كما تم تحويل معبد "القيصريون" إلي كنيسة القديس ميخائيل, وكنيسة القديس أثناس,والعديد من الكنائس وكذا كنيسة القديس يوحنا بموقع معبد السيرابيوم , كما كشفت بمنطقة كوم الدكة الأثرية علي مجموعة من تيجان الأعمدة من أحجار منوعة منها البازالت الأسود والحجر الجيري خاصة بكنيسة أو دير قديم بالمكان.

وفي بداية العصر العربى يصف أحد الكتاب المدينة مصوراً فخامتها قائلاً:

" إن أهلها جميعاً كانوا يلبسون الثياب السود والحمر لأن أرضها وبناءها من المرمر الأبيض وكان تألق الرخام سبباً في إتخاذ الرهبان السواد في لباسهم" .

وبعد أن انتصر العرب على الإمبراطورية البيزنطية بالإسكندرية, استقر الإسلام وثبت أركانه في الشرق الأدني كما عرف طريقه غرباً حتي أسبانيا.

ومن طريف ما يروى أن عمرو ابن العاص يبدو أنه قد راقت له الإسكندرية بعد فتحها فأرسل خطاباً إلي الخليفة عمر ابن الخطاب يقترح عليه اختيار الإسكندرية  عاصمة فسأل عمر " هل يحول بيني وبين المسلمين ماء " فلما كان الرد بالإيجاب كتب إلي عمر إلي عمر يأمره باختيار مكان آخر لا يفصله عنه ماء فى شتاء ولا فى صيف وفي رأيى لو أختيرت الإسكندرية عاصمة لمصر بعد العصر البيزنطي بدلاً من الفسطاط لتغير تاريخ مصر وحضارتها بل والعالم أجمع.

وقد انكمشت ساحة المدينة المأهولة خلال العصور الوسطى بالرغم مما حفلت به من قصور ومنازل وفيلات ومعابد يهودية وكنائس ومساجد حتي تركزت خلال العصر التركى فى منطقتى جزيرة فاروس [ أى حى الجمرك الحالى ].

وعندما وصلت الحملة الفرنسية لمصر عام 1798 كان أفخم ما فى المدينة على ما يبدو بقايا حضارتها القديمة المتمثلة في مسلتا "االقيصريون", وما عرف ببرج الرومان, وسيرابيوم الإسكندرية وصهاريجها.

وقد عرفت المدينة بنهضتها ثانياً منذ عصر البطالمة في عصر أسرة محمد على, ومن الغريب أن العمران قد تركز في نفس موقع المدينة البطلمية – الرومانية أو أحياء الشاطبى ووسط والجمرك وغرب كما أعيد حفر قناة شديا القديمة (المحمودية) وأنشئ كل من ترسانة الإسكندرية والميناء وقصر رأس التين .

[ وتطور خلال عصر هذه الأسرة ]  وأنشيء ميدان [ القناصل ] المنشية الفخم وأقيمت حوله الأبنية المختلفة من مرافق رسمية للدولة وشقت الشوارع الحالية, شارع رشيد ( ثم فؤاد, ثم الحرية ثم جمال عبد الناصر) وقامت حوله أرقى أحياء المدينة , كل من الحي اليوناني , ثم اللاتيني, وأنشئت حدائق النزهة والحيوان ومطار النزهة وشيد سراة المدينة قصورهم وفيلاتهم حول ترعة المحمودية ومن أبرزهم جون أنطونيادس الذى أقام قصره وحدائقه على غرار قصر فرساى بفرنسا, وكذا الأمير عمر طوسون, ونوبار باشا رئيس الوزراء الأسبق وغيرهم.

كما أقيم قصور المنتزه بالطرف الشرقى من المدينة كذلك تم إنشاء طريق الكورنيش حول البحر وكذا بلاحات الاصطياف, ومدت خطوط الترام بالمدينة وفي مقدمتها ترام الرمل, وزودت المدينة بمرافق الماء النقي والكهرباء وأنشئ كل من المتحف اليونانى الرومانى والجمعية الأثرية وأنشئت جامعة الإسكندرية وكانت من أعظم مبانيها مبنى كلية العلوم ذات الطابع الكلاسيكي  ومبنى كلية الهندسة الذي تميز بإحياء ماضى المدينة المصرى البطلمى, وهو آخر منشآت العصر الملكى بالمدينة وكذا استاد المدينة الرياضى ( ملعب البلدية ).

وخلال هذا العصر شهدت المدينة حضور جاليات من كل أجناس العالم كما كان الوضع في العصر البطلمى.

وكانت المدينة بمثابة مرجل يفور بكل مشاعر الحياة الإنسانية والنشاط الطلق والسعادة وتنطق بذلك العديد تعبيرات من أقاموا بها من الأجانب وخاصة طبقة الأدباء والمفكرين وعلي سبيل المثال: يتحدث عنها لورانس داريل قائلا  " إن الإسكندرية تطل على بحر حالم فأمواجه هومرية تتدافع وترتد, يحركها النسيم العليل من رودوس وبحر إيجه "

وتتغزل راحيل مكابى المولودة بالإسكندرية عام 1918 في روايتها (( مصر لدي )) في بحر الإسكندرية والتى لم تقو علي مقاومة الحنين إليها حيث كتبت تقول

" قوى الطبيعة الأوليى والرئيسية التي خالجت شعورى منذ الطفولة كان البحر, رائحته المالحة التى كانت تصل إلي الأحياء البعيدة عنه للغاية 1000 أتذكر صورة البحر بكل تقلباته فى كل الفصول حيث بحر هادئ أملس شفاف وصاف وإذا ما غصت فيه تتعجب لمشهد الفقاعات الذهبية التي تنعكس علي الرمال الدقيقة في القاع وبحر أزرق ينعكس فوق أمواجه البيضاء ضوء الشمس بقوة وبحر هائج فقد خصاله الزرقاء فصار بحراً مهدراً رمادياً مرتجفاً ".    

وتعكس هذه الكتابات وهى لا تعد ولا تحصى وغيرها مشهد لفردوس أرضى عاش فى كنفه كافة.

 أجناس الأرض غيره أنه بوقوع أحداث 23 يوليو عام 1952 وما تبعها من تعرض مصر للعدوان الثلاثي الإجرامى, وما تبع ذلك من فرض التأميم والحراسات, والتوجه شرقاً على حساب التوجه شمالاً تأثرت المدينة تأثراً بالغاً، واختفى مناخ الكوزموبوليتانية وحلت بالتالى حكومة يوليو محل كافة عناصر المدينة المنتجة من مصريين وأجانب كانت مصدر النشاط والثروة والبهجة في المدينة, وظهور طبقة استهلاكية نهمة أثقلت كاهل الدولة مع الزمن, وحل موظفون من مختلف الفئات والدرجات محل أصحاب الشركات والمؤسسات التجارية المختلفة, مع دمج هذه الشركات كشركتا كورونا ونادلر علي سبيل المثال, وتأثرت الإدارة ففقدت العديد من المؤسسات المؤممة رونقها لاختفاء أصحابها من مصريين وأجانب, وهكذا تأثرت الحياة الاجتماعية فى المدينة غير أن الإسكندرية قد شهدت فى نفس الوقت أعمال تخطيط جديد لأماكن مهجورة بها أقيمت بها مرافق لمواجهة أعداد الشعب المتزايدة كالمساكن الشعبية في كل مكان  بجوار عامود السوارى في كرموز, وكتاكومب كوم الشقافة في وابور الغاز, وفي مواجهة حى محرم بك الراقى بغيط الصعيدى المتأخم لقصر الأمير عمر طوسون, وتم تجفيف ترعة الفرخة وأقيم بمسارها ( أوتوستراد القاهرة – الإسكندرية ) شارع قناة السويس حالياً وازيل تل كوم الدكة لتظهر فى أعماقة منطقة كوم الدكة الأثرية الرائعة كما أنشئت إذاعة الإسكندرية, غير أن سير التقدم فى المدينة قد تراجع لظروف حرب اليمن, وكذا نكسة 67 غير أنه قد استوفى بعهد انتهاء فترة عبد الناصر بإنشاء كل من التليفزيون, ومطار برج العرب , ومكتبة الإسكندرية والأوبرا غير أنه في العهد الحالى, قد تسارع إيقاع التقدم العلمى فى العالم علي نحو مذهل, فضلاً عن التحديات الخارجية وظروف الحياة وخاصة الزيادة السكانية وظهر فيما يعرف بحدف الأجيال المختلفة, ولذا فقد اتجهت القيادة السياسية إلي الإسكندرية العاصمة الثانية للبلاد وأولتها عنايتها لتواكب ظروف العصر وباعتبار أنها في حاجه لإيجاد صلة بينها وبين وسائل التقدم فى العالم الخارجى ولزيادة ثروة البلاد والحفاظ على مكانة المدينة الخالدة في العالم الخارجى, كما أن تراثها كان فى حاجة ليد عملاقة للحفاظ عليه.

لذا فقد تم التخطيط والتنفيذ لتطوير كافة الطرق الطولية والعرضية التى تربط الإسكندرية بالدلتا والقاهرة .

كذلك تم التخطيط لتطوير خطوط النقل ( لمواجهة الزيادة السكانية والنمو الاقتصادى ) لخطى القاهرة والإسكندرية, وبشتيل ( جنوب الجيزة ) الاتحاد, القبارى, وكذا تحويل خط أبوقير إلى مترو كهربائى, مما سيؤدى إلى حياة اجتماعية جديدة بالمسار والإسكندرية أكثر دفئاً وبهجة, وكذا تطوير ترام الرمل التاريخى وأول ترام فى قارة أفريقيا بأكملها.

كذلك إنشاء الخط الأول من شبكة القطار الكهربائى السريع ( السخنة , الإسكندرية, مطروح وذلك بالإضافة إلي التخطيط لإنشاء والخط الرابع من شبكة القطار الكهربائي السريع "بورسعيد, أبو قير " ) كما أعيد تخطيط مطار [ برج العرب ] على نطاق عملاق ليستوعب إيقاع مستقبل العصر , ومن الأجدر أطلاق اسم " مطار الإسكندرية الدولي " بدلاً من الاسم المحلى, لرنين اسم الإسكندرية ذات الدوى الإنسانى العالمى.

ومن الواضح أن فى ذلك بعثا جديدا للحياة فى المدينة فالمواصلات العصرية وربط المدن بعضها ببعض هى قواعد  الحضارة والمدينة في العالم قديمة وحديثة, وهى من سمات تحرك المؤشر الزمنى نحو تأسيس الدول العظمى وإعادة الحياة في ربوعها وقد امتد الاهتمام إلى بحيرة مريوط توئم البحر فى الإسكندرية بعدما عانت من أجيال من الإهمال وإنقاذهما من الاغتيال حفاظاً علي التراث البيئى وتوفير للغذاء والجمال كذلك مما يلفت النظر اهتمام القيادة السياسية المبشر البالغ بآثار مصر حيث لأول مرة تطالعنا صحف الصباح باجتماع الرئيس بالسادة الوزراء المختصين وإصدار توجيهات سيادته بالاهتمام بالمناطق الأثرية وهو أمر عجيب لم يحدث في تاريخ مصر من قبل أن تشغل "المناطق الأثرية " حيزا فى الاهتمام اليومي لرئيس الدولة المثقل بعبء البلاد, وجاء ذلك بمثابة طوق نجاة لمناطق آثار مصر التي تعانى من التعديات الخاسئة علي ذلك التراث الغالي بمعرفة طائفة من الناس يشك في انتمائها لهذا الشعب, وبهذا التوجيه الرئاسى الرفيع نيابة عليا عن عين الشعب في مراقبة سلامة تراثه لأول مرة كذلك أدرج افتتاح المتحف اليونانى الرومانى فى البرنامج الانتخابي للرئيس الذى تجاوز غلقه خمسة عشر عاماً شبت خلاله أجيال ومضت في دروب الحياة ولم تزره وتنعم بآلائه ولولا ذلك لما اتخذ قرار في إنهاء غلقه الزيم كما أعاد الرئيس القطار الملكي التاريخى إلي موضعه بقصر المنتزة, وهو ثروة قوية لا تقدر بثمن لما يحويه من آخر فصول تاريخ الملكية بالإسكندرية بإنقاذه من براثن عتاه تخريد التاريخ وبيعه فى الأسواق, وفضلاً  عن قيمته كثروة مادية مالكها الوحيد هو شعب مصر الأصيل كما مد الرئيس اهتمامه لقصر المنتزة وحدائقها وفي هذا الصدد قال الرئيس " المنتزه مفتوحة لكل الناس ومتاحة للكل إن كل حاجة خلصت .. قصر المنتزه كان حينهار .. نرجع كل حاجة زى ما كانت .. ده تاريخنا ".

وقد تم ترميم القصر , ومرافقه  البحرية لتعرضهما لنوات الإسكندرية العنيفة خلال مواسم الشتاء منذ زمن , وتعد حدائق القصر هى أكبر حدائق ساحلية تطل علي البحر الأبيض, وكافة معالم المنتزه بمثابة تحف معمارية بحر أوسطية تعبر عن طبيعة الإسكندرية العاصمة البحرية لمصر وتاريخها الحافل , وما تم بها من أعمال الحفاظ علي التراث تدون بسجلات التاريخ الأكثر رحابة وتمحيصاً لوقائع الزمن من سجلات المؤرخين.

Dr.Radwa
Egypt Air