الإثنين 25 نوفمبر 2024

الاستقالة ليست الحل

  • 18-8-2017 | 21:24

طباعة

بقلم :أحمد أيوب

عجبا لمن يطالبون وزير النقل هشام عرفات بالاستقالة، ويلحون فى طلبهم أشد الإلحاح.. وكأن استقالة الوزير سوف تستعيد دماء شهداء كارثة القطارين فى الإسكندرية، أو كأنها سوف تستعيد لمرفق السكك الحديدية رونقه وحيويته، وتجدد الروح فى شرايينه التى أصيبت بالتصلب الحاد المزمن..!

 

يريدون الثأر لشهداء القطارين برأس الوزير، عرفات لازم يرحل، هكذا قالوا ويقولون وسيظلون قائلين لها للمزيد من الوقت..هم فئة نعرفها من سنوات طويلة، اعتادت طرح الحلول الخطأ فى الأوقات الخطأ، والتضحية بأشخاص لا يصح التضحية بهم إلا إذا كنا نعالج الأمر علاجا خاطئا..!

قطار الموت الذى أودى بحياة عشرات من المصريين فى الإسكندرية الجمعة الماضى يفتح ملف «محاسبة المسئولين فى الدولة»، الرئيس السيسى أول من يشدد على هذا المبدأ ويراعيه.. الرئيس لا يجامل أحدا على حساب وطن، حمل روحه على كفه ذات يوم لينقذه من حكم جماعة إرهابية بربرية، ولايزال يحاربها بكل ما أوتى من قوة وبدعم شعبه وجيشه وكل أجهزة الدولة.. الحق أن الذين سارعوا ولا يزالون يلحون فى الطلب على إقالة عرفات أو استقالته من منصبه فاتتهم اعتبارات أهم.. اعتبارات المصلحة الوطنية لهذا البلد.. لقد سبق أن أقيل أو استقال ستة وزراء للنقل فى مصر بسبب كوارث مشابهة، فماذا أفادتنا إقالتهم؟ لم تعد الإقالة الروح لشهداء السكك الحديدية ولا أصلحت هذا المرفق المتهالك.. الإهمال كما هو، الكوارث ما زالت تقع على رءوسنا، لأننا انشغلنا بالإقالات ولم نفكر فى الإصلاح!

الأمر ليس فقط أن نرفض فكرة الإقالة لمجرد إعطاء الفرصة لهذا الوزير، ولكنى أراه فعلا يستحق الفرصة، ويعمل باجتهاد فى شهور خمسة فقط شغل فيها المنصب – الأمر أكبر من هذا.. ونراه فى مستويين.. الأول: ما الأمور التى إذا وقعت فى وزارة من الوزارات استوجبت إقالة هذا الوزير أو ذاك؟ والثانى: ما العلاج الحقيقى والناجع لكوارث السكك الحديدية المتعاقبة؟

إجابة السؤال الأول أن الوزير – أى وزير – يتعين أن يقال من منصبه حال تورطه فى فساد محقق أو خيانة وطنية أو خيانة للأمانة أو تقصير حقيقى فى واجباته، لاسيما إن كان قد أخذ الفرصة الكافية فى منصبه، أو إذا تكرر التقصير عدة مرات فى عهده بما يضر بمصالح هذا الشعب.. فبأى جريمة من هذه الجرائم يريدون إقالة هشام عرفات، وهو من كل هذه الجرائم براء؟ بأى حق يريدون إقالته وفى الأفق كثير من الإصلاحات تنتظرها السكك الحديدية على يديه وتنتظرها شتى مرافق النقل فى عهده؟

أما إجابة السؤال الثانى فإن العلاج الحقيقى يبدأ بإعطاء فرصة حقيقية لهذا الوزير، أو أى وزير ، لكى يصوغ فكرة شاملة لإصلاح مرفق السكك الحديدية، الذى يحتاج إلى عشرات المليارات لإصلاحه، ويحتاج إلى تفكير مختلف – قبل المليارات – لهذا الإصلاح.. نحن لسنا خبراء فى السكك الحديدية، لكننا نعرف يقينا حالتها السيئة التى بات يتعين إصلاحها الفورى.

مطلوب إصلاح شامل للقضبان وموتورات القطارات ومولدات الطاقة والأجهزة الإلكترونية التى تتحكم فى القطار، مطلوب أيضا تأمين فاعل لهذه القطارات ضد الحوادث الإرهابية والجنائية، وارتفاع بمستوى الخدمة التى يتلقاها الركاب.مطلوب مائة مليار جنيه على الأقل وخطة لن تستمر أقل من عشر سنوات حتى يتغير حال الهيئة وقطاراتها.

أرجوكم تأنوا قليلا قبل أن تطلقوا الأحكام، لا تتسرعوا فى تعليق المشانق، فكم من حقائق ضاعت بسبب تسرعنا، وكم من متهمين حقيقيين هربوا وأفلتوا من العقاب بسبب ضيق رؤيتنا. وكم من كفاءات افتقدناها بسبب التعجل وعشوائية التعامل مع الأزمات .

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة