بالرغم من عدم توصل الحلفاء الغربيين إلى أي توافق امس الجمعة لتسليم أوكرانيا دبابات ثقيلة، فإن هذه الدول تسرع إمدادات الأسلحة إلى كييف، مبدية ثقتها بفرص انتصارها في الحرب التي تشنها عليها روسيا.
وتحذر الدول الداعمة لأوكرانيا منذ أشهر من أن الخطر الأكبر المحدق بهذا البلد هو أن يسود "سأم" في العواصم الغربية بعد مرور عام تقريبا على بدء العملية العسكرية الروسية، في حال تراجع الاهتمام او التعاطف حيال هذا البلد أو حمل التضخم في أسعار المواد الغذائية والطاقة القادة الغربيين على تركيز جهودهم على المشكلات الوطنية.
ولا يبدو أن هذه هي الحال في الوقت الحاضر. وأكد أندري يرماك رئيس إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس في دافوس حيث حضر وفد أوكراني ضخم هذا الأسبوع للحض على منح مزيد من المساعدات، "نرى الدعم والمساعدة يتعزّزان".
وقال إن الدول الغربية تعد بمنح كييف "كل ما هو ضروري، ليس فقط من أجل وجودها، بل أيضا من أجل الانتصار. هذا مهمّ".
حرصا منهم على عدم استفزاز موسكو، القوة النووية، رفض حلفاء أوكرانيا لفترة طويلة قبل العملية العسكرية الروسية منح البلد كمية كبيرة من الأسلحة، وهم يترددون كثيرا لاتخاذ قرار بشأن تسليمه "أسلحة هجومية" مثل الدبابات.
وفشل وزراء الدفاع والقادة العسكريون من نحو خمسين دولة في الاتفاق الجمعة على تسليم كييف دبابات ثقيلة من طراز ليوبارد ألمانية الصنع، خلال اجتماع دعت إليه الولايات المتحدة في قاعدة رامشتاين الجوية في غرب ألمانيا، لعدم الحصول على ضوء أخضر من برلين.
وبالرغم من اضطرار كييف لانتظار إجراء مزيد من النقاشات للحصول على الدبابات التي تطالب بها، فإن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد والدنمارك أصدرت إعلانات منفردة عن إرسال شحنات أسلحة كبيرة إلى البلد، من ضمنها مدرعات وصواريخ بعيدة المدى وعالية الدقة.
وكانت لندن وعدت كييف في نهاية الأسبوع الماضي بدبابات ثقيلة من طراز تشالنجر، فيما تواجه ألمانيا ضغوطا شديدة حتى تسمح للدول التي تملك دبابات ليوبارد بأن تسلمها لأوكرانيا.
و أكد المستشار الألماني أولاف شولتز في دافوس أن بلاده ستواصل مساعدة أوكرانيا "ما دام ذلك ضروريا".
من جهتها، قالت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين "أعتقد أن الرسالة الوحيدة التي نحتاج إلى توجيهها، هي أننا سندعم أوكرانيا ما دام ذلك ضروريا"، مضيفة "سنة، سنتان، خمس سنوات، عشر سنوات، خمس عشرة سنة".
واعتبرت نائبة رئيس الوزراء الكندي كريستيا فريلاند أن "أوكرانيا ستنتصر" حتما، مضيفة "دعونا ننتهي من هذا الأمر على وجه السرعة".
وأوردت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تصبح "أكثر تقبلا لفكرة أن تهاجم أوكرانيا القرم"، شبه الجزيرة التي احتلتها روسيا وضمتها عام 2014 والتي كانت تعتبرها واشنطن حتى الآن خطا أحمر يجب ألّا تتخطاه أوكرانيا.
حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا في الماضي إلى عدم "إذلال" روسيا، بات يتحدث علنا عن انتصار أوكرانيا، واعدا بتقديم دبابات خفيفة من طراز AMX-10 RC ستصل اعتبارا من الشهر المقبل.
لكن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف رد معتبرا أن الدول الغربية "متوهمة" حول قدرة أوكرانيا على الانتصار "على أرض المعركة".
من جانبه، حذر الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف بأن "قوة نووية تخسر في حرب تقليدية يمكن أن تتسبب باندلاع حرب نووية".
ويرى المحللون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يسعى لتعبئة مزيد من الرجال أو لإطالة أمد النزاع مراهنا على الوقت بوجه الدول الغربية التي قد تشهد انتخابات تؤدي إلى تغيير حكومات، أو قد يتراجع استعدادها للإبقاء على مستويات المساعدة الحالية لأوكرانيا.
في هذه الأثناء، يبدو أن النقاش حول "السأم" حيال أوكرانيا أغلق، ولا سيما برأي السيدة الأولى أولينا زيلينسكا التي ردت على أسئلة صحفيين في دافوس مؤكدة "سأكون صريحة تماما معكم، سئمت الأسئلة حول السأم".