الخميس 28 نوفمبر 2024

4 مطالب لـ«شباب المسرح المصرى » أمام وزير الثقافة

  • 19-8-2017 | 12:41

طباعة

بقلم : د.عمرو دوارة

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) خلال الأيام الماضية دعوات انتفاضة "شباب المسرح المصري"، والتي جاء بها أنه لم يعد بالإمكان الصمت علي حالة التردي والانهيار التى وصل إليها المسرح المصرى فى ظل قياداته الحالية، والتي من أوضح مظاهرها ذلك الفشل الذريع لمهرجان من أهم المهرجانات المسرحية بمصر، وهو "المهرجان القومي للمسرح المصرى" الذي فقد هويته في دورته العاشرة، ليؤكد حقيقة أن هذا الفشل نتيحة منطقية لاستمرار تسلط جيل من المسرحيين علي مقدرات المسرح المصري، مع عدم إتاحة الفرص لمشاركة شباب المسرحيين، بل مع تعمد إحباطهم بغلق أبواب الأمل أمامهم وأمام كل المسرحيين الشرفاء، فيما يعد مسارا مضادا لسياسة الدولة الرسمية!!، وقد أصدر الشباب بيانهم التأسيسي متضمنا أربعة مطالب محددة للسيد وزير الثقافة وهي:

1- إعادة تشكيل "لجنة المسرح" بالمجلس الأعلي للثقافة علي أن تكون نسبة تمثيل الشباب بها (50%).

2- إعفاء إدارة المهرجان ورئيسه (د.حسن عطية) واللجنة العليا من إدارة المهرجان في دورته القادمة وفتح التحقيق في كل مخالفات الدورة العاشرة.

3- تشكيل لجنة عليا للمهرجان القومى للمسرح المصرى لدورته القادمة علي أن يكون تمثيل الشباب باللجنة بنسبة 50% ، علي أن تقوم اللجنة باختيار رئيس المهرجان.

4- تنظيم مؤتمر سنوى في موعد محدد سنويا مع شباب المسرحيين - يراعى فيه التوزيع الجغرافي لتمثيل جميع محافظات مصر - وذلك بحضور السيد وزير الثقافة والقيادات المسرحية، مع الالتزام بتنفيذ توصيات المؤتمر.

الحقيقة التي يجب تسجيلها أننا وبعد تلك المسيرة الطويلة للمسرح المصري والتي تقرب من مائة وخمسين عاما، والتي تتضمن أكثر من ثمانين عاما تمتع خلالها المسرح بإشراف الدولة (منذ تأسيس الفرقة القومية عام 1935) مازلنا حتى الآن نعاني للأسف من غياب معايير اختيار القيادات المسرحية، حيث لا يتم الإعلان عن المناصب الشاغرة، ولا يتم تعيين القيادات بها بناء على الالتزام باشتراطات ومعايير واضحة!!، بل غالبا ما يتم اختيار القيادات المسرحية عن طريق قيام بعض أصحاب الحظوة بترشيح وتزكية بعض أصدقائهم لشغل تلك المناصب!!، والكارثة الأكبر هي غياب نظم المحاسبة لأي قيادة منهم، حتى ولو تم إدانتها بوقائع محددة من قبل النيابة الإدارية!!، ففي هذه الحالة - وبعد استنزاف الوقت والجهود في التحقيقات - يتم الاكتفاء بإلغاء الانتداب أو التكليف بمهام المنصب أو المماطلة لعدة شهور في حالة الاقتراب من سن التقاعد!! ويمكننا على سبيل المثال لا الحصر التأكد من سوء استخدام السلطة من قبل الرئيس السابق للبيت الفني للمسرح بإقالته لكل من الفنانين القديرين حلمي فودة (مدير المسرح الحديث)، ومحمد الخولي (مدير عام مسرح الطليعة)، حيث قامت النيابة الإدارية بإثبات براءة المخرج محمد الخولي من جميع التهم التي لفقت له، ومع ذلك مازال يدفع ثمن استبعاده من المنصب في حين لم يحساب الرئيس السابق - الذي أحيل للتقاعد - على عدد كبير من الملفات التي أثيرت وتم تحويلها للنيابة الإدارية وتم حفظ التحقيق فيها!!

انتشرت خلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي - وبالتحديد منذ تولي الفنان فاروق حسني مسئولية وزارة الثقافة ظاهرة عدم تعيين القيادات الثقافية والاكتفاء بانتدابهم أو تكليفهم بمهام تلك المناصب في أوقات العمل غير الرسمية!!، ومما لاشك فيه أن هذا الأسلوب يضمن استمرار ولاء تلك القيادات للوزير والمسئولين الأعلى بالوزارة ومحاولة استرضائهم بتنفيذ جميع أوامرهم ورغباتهم خشية إلغاء انتدابهم فورا!!، وبالطبع تصبح تلك القيادات التي تم انتدابها مرتعشة الأيدي غير قادرة على اتخاذ أي قرارات حاسمة حتى ولو كانت لصالح العمل والعاملين!! ومما يعجب له أن قرار الانتداب غالبا ما يتضمن عبارة: "في أوقات العمل غير الرسمية"!!، وكأن مهام ومسئوليات هذه المناصب القيادية لا تتطلب التفرغ الكامل للعمل!! .. وللأسف فإن الهدف من ذكر هذه العبارة بالقرارات يكون التحايل على قوانين الدولة للاحتفاظ بكافة الحقوق المالية لتلك القيادات من الجهتين (المنتدب منها وإليها) مما يضمن التزامها بالطاعة والولاء أكثر!!

كان من سوء حظ الوزير الأسبق د.عماد أبو غازي أنه جاء بعد ثورة 25 يناير مع ارتفاع المطالب الفئوية، والحقيقة أنه وبرغم تفاؤلي بقيادته في البداية إلا أنه اضطر إلى اتخاذ قرارين من أعجب وأسوأ القرارات وهما: تعيين مديري المسارح عن طريق الانتخابات!! وهو النظام الذي سرعان ما أثبت فشله لاضطرار كل مدير استرضاء العاملين بفرقته على حساب مصلحة العمل، أما القرار الثاني فهو الاكتفاء بتغيير مواقع القيادات الفاشلة دون تغييرها، وذلك حينما قام آنذاك - على سبيل المثال - بتبديل المواقع بين كل من رئيس المركز القومي للمسرح (المخرج ناصر عبد المنعم) مع موقع رئيس البيت الفني للمسرح (المؤلف السيد محمد علي)، وبالتالي فقد أصبحت الحركة المسرحية حقلا للتجارب وكأن "مصر" قد نضبت من القيادات الفنية الجادة المؤهلة للقيادة!!، وللأسف فإن هذا الأسلوب مازال متبعا ويتم تنفيذه حتى الآن ببعض المواقع الثقافية والمسرحية بالتحديد!!.

أستطيع أن أجزم وأنا مرتاح الضمير بأن مسارح الدولة حاليا تقودها نخبة من الفنانين المخلصين أصحاب الخبرات المتميزة ومن بينهم الأساتذة: يوسف إسماعيل (القومي)، أحمد السيد (الكوميدي)، شادي سرور (الطليعة)، محمد نور (العرائس)، أشرف طلبة (الحديث)، حسن يوسف (القومي للطفل)، سامح مجاهد (الغد)، أحمد السيد (ملك)، كما يرأس البيت الفني للمسرح الفنان إسماعيل مختار، وقطاع الإنتاج الثقافي الفنان خالد جلال، وجميعهم من المسرحيين الأكاديميين المؤهلين ومن أصحاب الخبرات المسرحية، ومع ذلك يشعر الجميع بأن جهودهم جميعا تضيع سدى ولا تحقق جميع الأحلام المسرحية المنشودة، وفي تصوري أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى النظام نفسه وإلى تلك القوانين المكبلة لكل قيادة منهم، ولذلك كثيرا ما نسمع ونقرأ عن رغبتهم في الاستقالة والتفرغ لأعمالهم الفنية، والحل بسيط وقد طالبنا به منذ سنوات طويلة وهو "استقلالية البيوت المسرحية" بحيث يصبح كل فرقة ميزانياتها الخاصة ووحدتها الحسابية، ومن غير المنطقي ألا تملك كل قيادة منهم سلطة اتخاذ القرار أو سلطة التوقيع المالي!!، ولذا فأنني أكرر الطلب بضرورة تطوير تلك النظم الإدارية المكبلة لمديري المسارح، مع وضع لوائح جديدة تحدد المسئوليات والمهام، وتشترط تفعيل بعض البنود المجمدة ومن أهمها ضرورة تشكيل المكاتب الفنية بكل فرقة على أن تضم نخبة من المتخصصين، وكذلك إعادة تشكيل لجان قراءة لاختيار النصوص على أعلى مستوى.

أخيرا تم التجديد للمخرج الفنان إسماعيل مختار لشغل وظيفة "رئيس البيت الفني للمسرح"، وهو المنصب الذي سبق له شغله لمدة عام ونجح خلاله في أن يثبت وجوده كقائد متميز يمتلك الرؤية والقدرة على تذليل العقبات بكل دأب وهدوء ودون انفعال، ولذا فقد استحق أن يحظى برضاء الأغلبية، ومع ذلك نطالبه ببذل جهود أكبر لتحقيق استقلالية البيوت المسرحية وأيضا لتفعيل دور لجان القراءة والمكاتب الفنية بكل فرقة، والأهم وضع خطة للتجوال بكل العروض المتميزة بجميع المحافظات، فالاكتفاء بتقديم العروض بكل من القاهرة والأسكندرية لا يحقق هدف مسارح الدولة وأيضا لا يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية لدافعي الضرائب بجميع الأقاليم.

التجديد للفنان إسماعيل مختار لشغل منصب رئيس "البيت الفني للمسرح" أثار كثيراً من القضايا، ولعل من أهمها يقظة الضمير الجمعي للمسرحيين، حيث تعددت المطالبات على جميع وسائل التواصل الاجتماعي بضرورة التجديد له مع التأكيد على نزاهته وجديته، وكم كنت أخشي أن يخلق هذه التيار الشعبي رد فعل معاكساً لدى بعض أصحاب القرار كما حدث في كثير من المواقف السابقة، فقد أجمعت الأغلبية قبل ذلك على تميز د.مصطفى سليم في قيادته للمركز "القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية"، وطالبوا بضرورة التجديد له خاصة بعدما نجح في دفع وتفعيل جميع أنشطته المسرحية، وأن يضع اسمه بجوار أفضل من تولى مسئولية قيادة هذا المركز المهم، ومع هذا لم يتم التجديد له!!، كذلك نجح وتميز الفنان حلمي فودة في إدارته لكل من فرقتي "مسرح الشباب" و"المسرح الحديث"، والفنانمحمد الخولي في إدارته لفرقة "مسرح الطليعة"، والفنانة عايدة فهمي في إدارتها للمسرح القومي ولكن لم يتم التجديد لأى منهم!! وذلك بدون إبداء أي أسباب أو تبرير للحركة النقدية والمسرحية التي طالبت بضرورة التجديد لهم واستمرارهم في تحمل مسئولياتهم.

الإدارة موهبة وعلم وفن، وليس شرطا أن يتم اختيار القيادات من جموع الفنانين، فأحيانا ينجح بعض الإداريين في قيادة الصروح المسرحية أفضل من الفنانين، وعلى سبيل المثال فإن المسرح القومي والذي يعد بلا جدال أكبر صرح مسرحي بالوطن العربي تعاقب على إدارته ثلاثة وثلاثون مديرا ولكن خلال مسيرته الطويلة نسبيا (والتي تزيد علي ثمانين عاما) برزت بخلاف اسم الشاعر خليل مطران (أول مدير للفرقة) أسماء الأستاذين: أحمد حمروش وآمال مرصفي (وهما من الضباط الأحرار ومن أصحاب الفضل في نهضة الستينيات)، وذلك بالإضافة إلى الفنانين: سميحة أيوب، محمود الحديني ومحمود ياسين.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة