بقلم: محمد الشافعى
ما إن علم أطباء قسم الاستقبال والطوارئ.. فى مستشفى مرسى مطروح العام أننى صحفى.. حتى التفوا حولى مطالبين بإلحاح أن أساعدهم فى شن حملة إعلامية.. ضد حوادث (البيتش باجي).. التى تستهلك وقتهم وجهدهم.. حيث يستقبلون فى كل ليلة حوالى عشرين حادثة متنوعة ما بين الجروح الخفيفة والكسور وارتجاج المخ.. ووصل الأمر إلى وجود حالة وفاة هذا الصيف.
وكنت قد ذهبت إلى المستشفى مع ابنى وابنتى بعد تعرضهما لحادث انقلاب (البيتش باجى اللعين).. وقد أصيبت ابنتى بخدوش وسحجات خفيفة.. أما ابنى فأصيب بسحجات كبيرة.. وإصابة شديدة فى ركبته.. تستلزم تدخلاً جراحياً.
وقد رأيت فى المستشفى حالات متنوعة لإصابات أطفال وشباب ناتجة عن ركوب هذا الكائن العجيب.. وبعد بحث بسيط اكتشفت أن هذه النوعية من الحوادث كثيرة ومتكررة فى كل الشواطئ المصرية.. كما وجدت تصريحاً للدكتور محسن طه وكيل وزارة الصحة بمطروح.. يؤكد فيه ارتفاع معدلات حوادث البيتش باجى هذا العام.. كما وجدت توجيها للواء علاء أبو زيد محافظ مطروح بتخصيص أماكن محددة لهذا الكائن العجيب.. وضبط المخالفين.. وهو الأمر الذى لم يحدث حيث تنتشر أسراب البيتش باجى فى كثير من شوارع مطروح.. فى صورة تشبه أسراب التوك توك فى شوارع أغلب المدن المصرية.. وفى المقابل وجدت قرارا لمحافظ دمياط د. إسماعيل طه بغلق وتشميع تسعة جراجات فى مدينة رأس البر تستخدم فى تأجير البيتش باجي.. وقد أبلغنى الكثير من الأصدقاء بتعرض بعض أطفال وشباب أسرهم لحوادث مماثلة جراء ركوب هذا الكائن العجيب.. وكل هذا يعنى أن تلك الحوادث تمثل ظاهرة واضحة وخطيرة فى كل المدن الشاطئية فى مصر، مما يستوجب الوقوف أمام هذه الظاهرة بالرصد والتحليل.. فى محاولة لتقنين أوضاعها وتلافى مخاطرها.. ويمكن أن نجمل ذلك فيما يلى:
أولاً: تتراوح أسعار البيتش باجى الواحد من ١٠٠ - ١٥٠ ألف جنيه.. وتبدأ أسعار استئجاره من مائة جنيه للساعة.. بما يعنى أنه يمثل مشروعا اقتصاديا مربحا لمن يتخذ منه وسيلة للتكسب والربح.
ثانياً: هل تخضع هذه الكائنات العجيبة (البيتش باجي) لرقابة مؤسسات الدولة.. ويأتى فى مقدمتها (المرور).. وهل تحصل على تراخيص تحدد أماكن سيرها.. وساعات استخدامها.. وهل يدفع أصحاب هذه الكائنات العجيبة رسوما أو ضرائب عن أرباحهم التى تبدو مهولة خلال فترة الصيف.
ثالثاً: هذه الكائنات العجيبة مصممة للسير على الشواطئ الرملية.. وهذا واضح تماماً من اسمها (بيتش باجى).. فكيف سمحنا لها بالسير على الأسفلت.. فمن صنعوها حددوا سيرها على رمال الشواطئ.. حتى إذا انقلبت كانت الإصابات خفيفة أو لا إصابات على الإطلاق.. أما الانقلاب على الأسفلت فيعنى إصابات مؤكدة.. قد تصل إلى الوفاة كما أخبرنى أطباء مستشفى مرسى مطروح العام.
رابعاً: أرسل لى أحد الأصدقاء العاملين فى دولة الإمارات العربية المتحدة.. بعض البيانات المهمة عن طبيعة استخدام هذه الكائنات العجيبة على شواطئ الإمارات.. حيث يجرم القانون استخدامها خارج الشواطئ، ومن يخرج من الشاطئ إلى الأسفلت يدفع مخالفة ٢٥ ألف درهم.. أى ما يقرب من ١٢٥ ألف جنيه مصري.. كما يجرم القانون تحرك هذه الكائنات من مكان إلى مكان.. فتحركها يكون من خلال سيارات النقل فقط.. وتمثل الإمارات النموذج الذى تحتذيه غالبية دول العالم..
خامساً: يعلم الله كيف يدبر الآباء والأمهات مصروفات قضاء بضعة أيام.. على شواطئ الغلابة والبسطاء فى مدن مصر الساحلية المختلفة.. ومثل هذه الحوادث تفسد عليهم سويعات الراحة التى اقتنصوها من مسئولياتهم.. وتضع عليهم وعلى عائلاتهم وأصدقائهم هموماً وآلاماً يمكن تلافيها ببعض القوانين.. والحزم فى تنفيذها.
سادساً: إذا كانت هذه الكائنات العجيبة.. قد أصبحت شراً لا فكاك منه.. فلا بد من تقنين أوضاعها بضرورة الحصول على رخص للسير.. مع ضرورة قيام كل محافظة من المحافظات الساحلية بتجهيز أماكن محددة على الشواطئ الرملية.. تسير فيها هذه الكائنات البشعة فى ساعات محددة.. وكانت مرسى مطروح صاحبة تجربة رائدة قبل عدة سنوات.. عندما كانت تمنع مرور السيارات فى جزء من الكورنيش.. ليتم تخصيصه لسير الدراجات (العجل) لعدد ساعات محدد من الليل.. فكان الأطفال والشباب والرجال والنساء يركبون هذه الدراجات.. يمارسون الرياضة.. ويستمتعون ببعض الشغب اللذيذ والآمن.. ولكن الإرهاب لعنه الله.. أجبر محافظة مطروح على إلغاء هذه السنة الحميدة.. ولكن هذه التجربة يجب استنساخها على الشواطئ.. بتحديد أماكن محددة وساعات محددة لتسيير هذا البيتش باجى.. ويمكن لكل محافظة تحصيل رسوم بسيطة عن كل ساعة تأجير وليكن ١٠٪ فقط.. بما يعنى مصدر دخل إضافى لكل محافظة يمكن استخدامه فى صيانة وتطوير الشواطئ.. ولكن الأهم من كل أموال الدنيا هو المحافظة على حياة وصحة المواطنين.. وسير هذا الكائن العجيب (البيتش باجي) على الأسفلت يمثل خطورة بالغة على من يركبه.. وعلى من يسير على الأرض بجواره.. ولذلك يجب تقنين الوضع.. حتى لو أدى الأمر إلى منع هذا الكائن البشع نهائياً.