الجمعة 7 يونيو 2024

فى سابقة لم تحدث من قبل أزمة فى الكنيسة.. وغضب فى الفيوم بسبب الأنبا إبرام استقالة الأسقف

19-8-2017 | 16:02

تقرير : سارة حامد

يبدو أن الأمور تعقدت داخل أروقة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من جديد فى أعقاب  قيام الأنبا إبرام، أسقف الفيوم، بتقديم استقالة رسمية حررها بخط يده ووجهها إلى بطريرك الكنيسة القبطية البابا تواضروس الثاني، حيث تنحى فيها عن قيامه بمهام رعاية مسيحيى الفيوم وإدارة كل شئون الإيبارشية، الاستقالة جاءت بعد إعلان استبعاد الأنبا إبرام من الإشراف على دير توماس السائح والتى كانت «المصور» قد انفردت بأسبابها قبل شهرين، حيث أرجعها البعض لخلافه مع البابا تواضروس حول المعمودية فى المجمع المقدس الأخير.

اللافت فى الأمر أنه منذ  ٢٠٠٠ عام لم يتقدم أسقف للكنيسة القبطية الأرثوذكسية باستقالته بإرادة منفردة، بلاعتبار أن الأسقفية تكليف وليس وظيفة وبالتالى يترتب على الاستقالة منها محاكمة كنسية قد تصل إلى إقامة جبرية داخل الدير مدى الحياة أو تراجع الأسقف عن قراره خاصة أن الأنبا إبرام قدم استقالة موجهة إلى بطريرك الكنيسة ولم يتوجه إلى المجمع المقدس، وهو أمر مخالف للائحة بحسب قوانين الكنيسة.

محاولات عديدة جرت خلال الأيام الماضية لإثناء الأسقف إبرام عن قراره، أهمها زيارة البابا تواضروس نفسه له خلال الأيام الماضية فى قلايته بديرالأنبا بيشوى بوادى النطرون، زيارة البابا استغرقت ساعة كاملة لكن دون جدوى، وأعقبها زيارة وفد كنسى من كبار أساقفة المجمع المقدس ضم الأنبا موسى أسقف الشباب، والأنبا رافائيل سكرتير المجمع، والأنبا زوسيما أسقف أطفيح، والأنبا إسحق أسقف عام الفيوم، إلا أن الأنبا إبرام رفض مقابلتهم، معتذراً ومؤكداً أن موقفه أعلنه للبابا ولا يريد الحديث مع أحد, فجاءت زيارة الأنبا باخوميوس قائم مقام الكنيسة سابقا ورئيس اللجنة التنظيمية بالمجمع المقدس، كآخر المحاولات للتعرف على القرار الأخير لأسقف الفيوم، إلا أنه أصر على تنحيه عن إيبارشية الفيوم.

سرية كبيرة أحاطت بالنبأ رغم شيوعه داخل الكنيسة، خاصة بعد رفض أسقف الفيوم إبداء أسباب واضحة عن أباب استقالته، إلا أن البعض أرجعها إلى إصرار البابا تواضروس على إعلان المعمودية المشتركة مع الكنيسة الكاثوليكية ضمن قرارات المجمع المقدس الذى سيعقد نوفمبر المقبل، بينما يرجع أخرون الأمر إلى استبعاده من الإشراف على دير الأنبا توماس السائح.

ردود الفعل الغاضبة دفعت أقباط الفيوم إلى تنظيم مظاهرات داخل الإيبارشية لمطالبة أسقفهم بالتراجع عن قراره وأيضا توقيع استمارات لرفض تنحيه حيث اختلف شكل هذه الاستمارات بين الكهنة والرهبان وأخرى للمكرسات وأيضا استمارات لأقباط الفيوم.

الأمر دفع الأنبا إبرام لنشر تعليق عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك:«أرجو من الأحباء فى الفيوم أن يقبلوا اعتذارى وأرجو السماح فى كل من أخطأت فى حقه أو يشعر بأى زعل منى لأى سبب، ومن كل قلبى فى سماح وحل وبركة لكل من تكلم أى كلمة فى حقى والرب يغفر لنا جميعا ويعطينا حياة توبة مقدسة تمجد اسم الرب».

فشل محاولات إقناع إبرام بالتراجع عن الاستقالة جعلت البابا تواضروس، يقرر تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة باخوميوس، للبت فى طلب الاستقالة، والتى من المتوقع تأجيل إصدار قرارها لحين اقتراب المجمع المقدس المقبل لإتاحة الفرصة للتفكير والتراجع عن قراره.

من جانبها قالت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن الاستقالة، «الأنبا إبرام تقدم منتصف الشهر الماضى بخطاب موجه إلى البابا تواضروس الثاني، طلب فيه السماح له بخلوة مفتوحة يقضيها بقلايته فى دير القديس الأنبا بيشوى بوادى النطرون، كما أفصح عن رغبته الشديدة فى الاعتكاف والوحدة الرهبانية بعد أن خدم إيبارشية الفيوم أكثر من ٣٢ سنة، وعلى إثر ذلك عقد قداسة البابا ثلاثة اجتماعات لبحث الموضوع، مع نيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس دير القديس الأنبا بيشوى بوادى النطرون ثم مع وكيل مطرانية الفيوم والأب الراهب المسئول عن دير القديس الأنبا إبرام بالفيوم والمدير المالى لمطرانية الفيوم، والمكرسة المشرفة على الخدمات بالدير وذلك بحضور أربعة من الآباء الأساقفة من بينهم نيافة الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس».

وأضاف القس بولس حليم، المتحدث الرسمى للكنيسة، أنه فى الاجتماع الثالث للبابا تواضروس مع نيافة الأنبا إبرام لمناقشة طلبه، أعرب خلاله قداسة البابا عن محبته ومحبة أعضاء المجمع المقدس لشخص نيافته، وفى نهاية اللقاء أصر نيافته على رغبته فى الاعتكاف كما ذكر أن هناك أيضا بعض الأسباب الصحية التى تؤثر على قدرته على العمل الرعوي، وسبق هذا سعى من عدد من الآباء أعضاء المجمع المقدس لمقابلة نيافته بالدير إلا أنه اعتذر عن استقبال أى منهم، وبناء على كل ما سبق قرر قداسة البابا إحالة طلبه إلى اللجنة المجمعية لشئون الإيبارشيات لدراسته واتخاذ اللازم.

وتابع: نتطلع أن يستجيب نيافته مع المساعِى المتعددة التى تبذلها الأطراف المختلفة ومع رغبة شعب الفيوم، ومهما يكن من أمر، فإن نيافة الأنبا إبرام عضو مكرم جليل الاعتبار بين أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وسيظل كذلك بغض النظر عما ستسفر عنه الجهود المبذولة لأجله حاليًا،يذكر أن الأنبا إبرام تدهن منذ أكثر من ٤٠ سنة، وخدم فى العاصمة الإماراتية أبوظبي، كما أشرف على الكلية الإكليريكية بالقاهرة قبل سيامته أسقفًا للفيوم عام ١٩٨٥ .

يقول المستشار عونى برسوم، صاحب كتاب التقنين الكنسي، إن القانون الكنسى فى هذا الخصوص لا يعرف أنصاف الحلول لان أمور الخدمة هى من الأمور التى لا مساومة فيها كما يقول الكتاب المقدس»من يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء لا يصلح لملكوت الله»، فالطريق صعب داخل ساحة الخدمة وعلى الإكليروس أن يحارب المحاربة الحسنة، ومن ثم يعتبر أمرا غريبا أن يعلن أحد الإكليروس فشله وعدم صموده وطلبه الاستقالة من عمله الكنسى فقد جاءت رسالة مجمع أفسس إلى مجمع مفلييه المكانى بمبدأ هام فى هذا الخصوص أنه لا يجوز للأساقفة أو المطارنة أن يطلبوا إعفاءهم من خدمة إيبارشياتهم، والصورة أو العبرة فى عدم قبول استقالة الأسقف القائم بالخدمة أنه مرتبط حسب تقليد الكنيسة الخاص بالزواج الروحى الرمزى بينه وبين إيبارشيته حيث لا يتصور أن يترك العريس عروسه بغير رعاية حيث لا انفصال للجسد الواحد، وهذا الحكم يسرى بطبيعة الحال إلى الكاهن فى طلبه الاستقالة وترك المذبح الذى قسم عليه بمعنى قيامه بتطبيق عقوبة الإسقاط من الدرجة على نفسه وهذا أمر مرفوض.

ومن ناحيته أكد أحد رهبان إيبارشية الفيوم، الذى رفض ذكر اسمه، أن الأنبا إبرام يتمتع بصحة جيدة ولا يعانى سوى من أعراض الشيخوخة لذا فارجاع سبب التنحى لمتاعب صحية هو أمر عار تماما من الصحة، مضيفا أن نيافته تقدم قبل ٣ أعوام بطلب رسمى لإعفائه من الإشراف على دير توماس السائح فى محافظة سوهاج لبعدها عن إيبارشية الفيوم لأن زيارته كانت ترهقه وهو ما استجاب له البابا تواضروس بالموافقة على طلبه قبل شهر تقريبا وهو ما يؤكد أن سبب تقديم الاستقالة لا يتعلق بإعفائه من الإشراف على الدير، مرجحا أن هناك أمرا مستقبليا يثقل حمل نيافته ولا يستطيع الإفصاح عنه وأيضا لا يمكنه التصدى له، خاصة أنه فى حالة الاستقالة سيشارك نيافته فى جلسات المجمع المقدس لكن بأعمال إدارية واستشارية فقط دون الأخذ برأيه فى التصويت على القرارات المجمعية.