الجمعة 21 يونيو 2024

بالصور.. الشوارع تأوي أهالي منطقة «طولون».. والمنازل تنهار على رؤوس قاطنيها

19-8-2017 | 23:45

كتبت- أماني محمد

 

أكثر من نصف قرن قضاها محمود أحمد عبد الحميد داخل بيته بمنطقة طولون بالسيدة زينب، وعاصر فيه كل التحولات الزمنية والتطويرية التي طرأت على المنطقة بأكملها، ولكن عوامل الزمن سلبت ملامح عقاره، الذي إنهار وتحطم ولم يبق منه إلا أطلال وأكوام من التراب والجدران الصامته، بعد أن هجره أغلب الأسر عقب سقوط السقف فوق رؤوسهم،لم يتبقى منهم غير أسرتين فقط لأنهم لم يجدوا مأوى بديلاً.

 

وارتضى القاطنون بما آل إليه الحال أملا في أن يشملهم أحد قرارات التطوير أو الإيواء بالمدن السكنية الجديدة، إلا أنهم فوجئوا، الأسبوع الماضي، بانهيار ما تبقى من المنزل فوق رؤوسهم، ليتخذوا من الشارع هو مأوى ومسكن لهم، وافترشوا متاعهم أمام منزلهم ويبيتون عليها حين يحل الصباح، وظلوا على ذلك قرابة أسبوعين في انتظار منقذ.

 

تاريخ الأزمة

تعود أزمة المنزل، حسبما يوضح محمود عبد الحميد، أحد قاطنيه، إلى قبل 15 عامًا عندما بدأ قي الانهيار جزءًا تلو الآخر، وقال إن الأسر تركت الغرف التي تقطنها واحدة تلو الأخرى، وقبل أحداث 25 يناير من 2011 طالبهم المسئولون بإخلاء المنزل دون أن يوفروا لهم بديل، مضيفًا أنهم لم يكن يمتلكون المال الكافي لشراء شقة أخرى، فقالوا لنا وقعوا على إقرارات بتحمل المسئولية في حالة وقوع أي ضرر لكن الحال كان ماشي ومفيش حاجة".

 

وتابع:" يوم الخميس الماضي انهار سقف البيت، أثناء وقوف زوجتي عليه لنشر قطع من الملابس المغسولة"، مضيفا أن الحي وفرقة إنقاذ تواجدوا عقب انهيار المنزل وتأكدوا أن الانهيار لم يكن بسبب التنقيب، متابعًا:"قالوا لنا ابنوا خرسانة أسمنتية، لأن السور الأمامي حالته شبه منهارة وبه شروخ تهدد ما تبقى بالانهيار في أي وقت".

 

ورغم وقوع تلك المنطقة بأثرها على بعد خطوات من مساكن "سوزان مبارك" بمنطقة زينهم بالسيدة زينب لم يشملهم التطوير، فبيتهم الذي يحمل رقم 17 بعطفة السيد أفندي في حالة انهيار تامة.

 

وقال:" نريد أي سكن بديل في أي منطقة أفضل من البقاء في الشارع وسط الخطر والتهديد، وهناك رجل وزوجته يقطنون في الدور الأرضي وأرملة أخيه وأولادها يخشون أيضا من البقاء بالداخل فأصبحوا يقضون بالنهار أمام المنزل وفي الليل يفرشون المراتب أمامه".

 

استغاثات جديدة

وعلى بعد عدة أمتار من منزله، تشكو جارته "أم محمد" من الوضع نفسه إلا أن بيتها أفضل حالا فلم يصل إلى مرحلة الانهيار بعد، "الجدران تآكلت وظهرت الشروخ في مدخل البيت وفي حجراته ولكنه متماسك نسبيًا.

 

وقالت "أم محمد": نخشى على أولادنا وأنفسنا ونريد أي إيواء قبل أن ينهار المنزل فوق رؤوسنا"، مؤكدة أن توفير البديل ليس في استطاعتها فهي تعول أسرتها وتنفق عليها من بيع الخضروات وليس لديها ما يكفي من المال لشراء أو تأجير شقة أخرى.

 

العقارب تغزو المنطقة

محمود سعد، أحد أهالي المنطقة، يقول إن عقارات منطقة طولون تجاوزت أعمارها الـ60 عامًا وبنيت من الحجارة والطين اللبن وسقوفها مصنوعة من الخشب وليست القواعد الخرسانية، وحالتها لا يرثى لها فجميعها تآكلت من الداخل فضلا عن انتشار الحشرات السامة والخطرة مثل بالعقارب والعناكب السامة والثعابين.

 

وأضاف أن منقطة قلعة الكبش انتقل أهلها بالكامل بعد أن احترقت إلى مدينة السلام، وشيدت لهم مساكن جديدة ولكنها سرعان ما عادت إلى حالتها السيئة بفعل تصرفات بعض الأهالي، أما منطقة طولون أو درب المصبغة كانت قديمة تحتوي على مصابغ وإسطبلات للخيول أيام العثمانيين وما قبلهم.

 

الخسارة الكبرى

وبالمحاذاة من سور مسجد أحمد بن طولون التاريخي، تجد أحد عقارات المتمركزة خلف المسجد منهارة أيضا، بسبب إهمال الأهالي في عدم إصلاح حنفية المياه المتواجدة منذ أكثر من عام مما تسبب في تراكم المياه أسفلة وأدت إلى انهياره وتحطم جميع محتوياته.

 

وقالت أم عمر التي أصبحت في الشارع:" منذ أن انهار البيت في 12 من أغسطس الجاري أأتي كل يوم أنقب عما فقدت من جهاز ابنتي التي استعد لأن أزفها إلى بيت زوجها، إلا أن رجل الإنقاذ منعوني وأجبرني على المغادرة قبل أن ينهار المنزل كليًا".

 

تقول المرأة الستينية، إنه لم يصب أحد وأنها الوحيدة التي كانت تعيش بالعقار بعد أن رحل جيرانها القاطنين في شقتين جديدتين ولم يبقى في البيت سواها، ووعدوني بالحصول على شقق بديلة وجار اتخاذ الإجراءات لوم نحصل على موعد محدد للانتقال.

 

البرلمان والحلول البديلة

النائب محمد الحصي، عضو لجنة الإسكان بالبرلمان، قال إن اللجنة لم تتسلم أي شكوى من المواطنين وهي غير منعقدة حاليا، وخلال دور الانعقاد الثاني لم نتلقى أي طلبات بخصوص تلك الأزمة.

 

وأضاف أن اللجنة الهندسية في أي حي يكون لديها بيانات كاملة عن العقارات الموجودة بالحي وعمرها وحالتها الإنشائية ويجب أن تأخذ تصرف استباقي وتزيل المنازل المهددة بالفعل قبل أن تنهار.

 

وأوضح أنه يجب مراجعة القرارات الصادرة بالإزالة أو الترميم لأي من المنازل، مشيرًا إلى أن اللجان والمهندسين يقومون بتنفيذها على أرض الواقع قبل أن تحدث أزمة فلا يعقل أن نجد من وقت لآخر عقار ينهار، مطالبا بإزالة والمباني الآيلة للسقوط بالأحياء.

 

وقال إن المواطن الموجود بالشارع هو مسئولية الدولة فهي المسئولة عن إيوائه، مشددًا على ضرورة قيام وزير الإسكان والمحافظ بإيجاد بديل لمن فقد منزله سواء بالإيواء أو بالتعويض، مشيرا إلى أن المواطنين المتضررين عليهم أن يتواصلوا مع النواب الممثلين لهم وأن يتحرك والحي ووزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي لتعويض المتضررين، فكل مواطن فقد بيته يجب أن يجد مأوى له.