الأربعاء 24 ابريل 2024

الطريق إلى النهضة 5: التسامح وتجديد الخطاب الديني «الجزء الأول»

مقالات4-2-2023 | 11:32

استكمالا لسلسلة مقالات الطريق إلى النهضة، فإننا سوف نلقي نظرة على التسامح الديني والذي لا ينفصل بدوره عن تجديد الخطاب الديني.

 

فحتى يتقبل أحدنا الآخر يجب علينا أن نعرف أن ذلك من أساس الدين الإسلامي، بل هو أساس كل الأديان السماوية، وكما قلنا فيما سبق أنه لا نهضة بلا تعليم وصحة وثقافة .

 

فأيضا لا نهضة بدون تجديد المفاهيم المغلوطة في الدين والفهم الصحيح له دون غلو أو مغالاة .

 

إن تاريخ الإنسانية منذ الألفية الثانية قد استخدم الأديان السماوية اسواء استخدام بل إن الإنسانية لم تجسد المعنى الحقيقي للدين فهي إما رافضة له لو مستغلة .

 

يقول العلمانيون في الغرب إن الدين هو سبب تأخر الشعوب بينما يقول الأصوليون المتشددون في الشرق أن البعد عن الدين هو سبب تأخرنا .

 

ولكن وإن نظرنا نظرة متأنية للعلمانية أو الأصولية لن تجد أن أياً منهما وصل بالإنسانية إلى الغاية المنشودة سواء من الدين أو من الحياة .

 

فبالرغم من أن العلمانية الأوروبية كان لها نتائج إيجابية علمية وحضارية منذ الثورة على الحكم الكنسي والتحكم البابوي في شؤون الحياة الدنيوية وتكفير العلماء والفلاسفة.

 

ولكن من قال إن العيب كان في الدين حتى يعتبره العلماء سبب تأخرهم .

 

إن العيب كان في تطبيق الدين وليس الدين .كان في استغلال الدين لتحقيق مصالح سياسية .

 

إن الهدف من تحكم الباباوات قديما في شؤون الحياة ومباركة الملوك والأباطرة وتكفير أصحاب النظريات العلمية لم يكن دينياً مطلقا بل كان دنيويا وسياسيا في المقام الأول.

 

إن الحملات الصليبية كلها لم يكن سببها تحرير بيت المقدس ورفع لواء الصليب، وإنما كان طمعا في خيرات الشرق بعد مرحلة فقر مرت بها أوروبا كلها وكان ذلك بتخطيط بابوي مائة في المائة.

 

وبهذا الاستخدام السيئ للدين أصبح الدين من وجهة نظر العلماء والساسة والمفكرين الأوروبيين معطلاً، وازدادت النزعات الإلحادية في أوروبا وظهر الفلاسفة الماديون أمثال ماركس الذي أعلن في مقولته الشهيرة أن الدين أفيون الشعوب يستغله الحكام والرأسماليون للسيطرة على طبقة العمال أو البروليتاريا ونيتشه الذي قال إن الإله قد مات في روايته الشهيرة هكذا" تكلم زرادشت" وأعلن بداية عصر الإنسان السوبرمان دليلا على أن القوة هي أساس الحياة ولا حاجة للضعفاء.

 

وكانت آراء نيتشه ملهمة للثورات والحروب وكذلك ظهور الوحدوية والعبثية وما نشرته من آراء ومسرحيات الحادية حتى النخاع سيطرت على المسرح الأوروبي وتم تصديرها حتى إلى الشرق أمثال مسرحيات سارتر وصمويل بكيت وألبير كامو وغيرها .

 

وسنجد أنه بالرغم من التطور العلمي والثقافي والحضاري بوجه عام الذي يشهده الغرب الآن، إلا أننا نجد أن الفرد الغربي أصبح آلة خالية من الروح والحياة وطغت المادية على الإنسانية الغربية لدرجة أفقدت الحياة معناها فغابت الفطرة وظهر الشذوذ وازدادت معدلات الانتحار.

 

وكان ذلك بسبب الفهم السيء للدين واستغلال الدين لأغراض دنيوية أفقدت الدين معناه وأصبح الدين دليلا على التأخر وأصبح هناك تضاد بين العلم والمدنية من ناحية والدين من ناحية أخرى مع أنه من يتمعن في الأديان يجدها تحث في المقام الأول على الحرية والعلم والبحث والتحضر.

وللحديث بقية،،

 

دكتور شريف بهجت

دكتوراه إدارة الأعمال - جامعة القاهرة

Dr.Randa
Dr.Radwa