حوار: سمر عيد - تصوير: خالد الخادم
عالمة مصرية أثرت خدمة وطنها رغم ما عرض عليها من مناصب فى العديد من دول العالم، وكرست حياتها وجهدها لمساعدة أطفال التوحد، فأسست قسما خاصا لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث، حصلت على العديد من الجوائز التى تكلل مشوارها منها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الطبية والتفوق، وجائزة اليونسكو عن قارة أفريقيا والشرق الأوسط، وجائزة التميز كأفضل عالمة جينات، وتقديرا لجهودها الدؤوبة فى هذا المجال كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي كواحدة من أفضل علماء مصر.
"حواء" التقت د. نجوى عبد المجيد، أستاذة الوراثة البشرية، ورئيسة قسم بحوث الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث، للتعرف منها عن آخر ما توصلت إليه من نتائج حول مرض التوحد، وكيف تلقت خبر تكريمها من الرئيس، ووضع المرأة فى خريطة البحث العلمى..
فى البداية ما آخر أبحاثك عن مرض التوحد؟
فى البداية أود أن أنوه أن التوحد ليس مرضا بل مجموعة أمراض لها نفس الصفات، لذلك يشبهها العلماء بألوان الطيف، فمثلا هناك نوع يؤثر على المخ ومركز الكلام واللغة عند الطفل، وآخر يصيب جزء التذكر فيجعله ينسى ما تعلمه، كما أن نقص فيتامين (د) في الجسم يمهد للإصابة بالتوحد وهو مرض وراثي بيئي يحتاج إلى توفر جين وهو ما تمكنت من اكتشافه مع فريق بحث أمريكى، بالإضافة إلى وجود بيئة مساعدة تتمثل فى إعطاء الطفل مضادات حيوية كثيرة وتطعيمات دفعة واحدة.
ما السن الذي يظهر فيه مرض التوحد؟
يظهر المرض من سن سنتين إلى ثلاث لكن الأم يمكن أن تكتشفه عند عمر عام أو عام ونصف وتبدو العلامات واضحة إذا كان الطفل لا يبتسم أو يتجاوب مع من حوله وتشعر منه بعدم احتياجه إلى قبلة منها بل يبتعد عنها، وأنصح عند ملاحظة هذه العلامات باستشارة مختص والاعتماد على التغذية فى العلاج والابتعاد عن الأدوية النفسية لأنها قد تؤدي إلى مشاكل صحية بالمستقبل.
وهل زواج الأقارب أحد أسباب الإصابة بالمرض؟
لا شك أن زواج الأقارب سبب فى الكثير من الأمراض كما أثبتت الأبحاث والدراسات العلمية, ومنها الصرع لكن علاجه بسيط وذلك باتباع نظام غذائي يحتوى على نسب عالية من البروتين, والذي يؤدي نقصه فى الجسم إلى الإصابة بالصرع، لكن حتى الآن لم توضح الأبحاث إذا كان هذا الزواج أحد عوامل الإصابة بالتوحد أم لا.
وهل تتحمل المرأة مسئولية الطفل ذي الاحتياجات الخاصة أم أن الرجل يشاركها تحمل مسئولية هذا الطفل؟
من خلال عملى الطويل بهذا المجال لاحظت أن المرأة مظلومة وتتحمل كافة المسئولية وحدها, ففي الزيارة الأولى تأتي بصحبة طفلها وزوجها، بعد ذلك تأتى وحدها دون زوجها ما يصيبها على المدى الطويل باليأس والإحباط, بل قد يصل الحال إلى الانفصال لعدم قدرة الأب على تحمل مسئولية هذا الطفل والاستمرار في علاجه، على الرغم من أن المرأة ليست وحدها المسئولة عن إنجاب الطفل حيث أرجعت الأبحاث الإصابة بهذا المرض إلى أسباب عديدة منها تأخر الإنجاب، وتناول بعض الأدوية أثناء فترة الحمل، وتعرض الأم لأشعة ضارة.
وما الجهود التى بذلتينها فى هذا الصدد؟
أعددت برنامجا للأمهات اليائسات بسبب فقدهن العمل لرعاية أبنائهن من ذوي الاحتياجات الخاصة، فى الوقت الذى يرفض فيه الأهل الاعتناء بهم أثناء تواجدهن فى العمل بسبب ما يحدثونه من ضجة، وقدمت لهن من خلال هذا البرنامج مواقع الإنترنت التى تساعدهن فى التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومشكلاتهم، وبعد 5 سنوات لاحظت أن كثيرا من الأمهات استطعن أن يتغلبن على كل مشاكلهن مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
ما الدور الذي يلعبه قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في المركز القومي للبحوث؟ وما الخدمات التي يقدمها لهؤلاء الأطفال؟
في قسم الوراثة نقوم بتشخيص وتحديد المرض فقط, ولم يكن باستطاعتنا تقديم أى مساعدة للأمهات اللائى تصيبهن الحيرة ولا يعرفن ماذا يفعلن, وهو ما دفعنى لإنشاء قسم ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز ليضم التشخيص والعلاج معا، حيث يضم القسم عيادة للتخاطب والعلاج الطبيعي وعيادة للتدخل المبكر وأخرى للسمع وهذا أفضل من أن تتوجه الأم إلى أكثر من مكان كي تقوم بعمل الفحوصات اللازمة لطفلها.
من وجهة نظرك ما وضع البحث العلمي في مصر؟
- نحن نحتاج المزيد من الدعم، وكان تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي لعلماء مصر بمثابة حافز للاستمرار والتقدم، كما تطرق إلى موضوع الإبداع وبراءات الاختراع وهو موضوع مهم جدا نفتقر إليه فى مصر, فمعظم الأبحاث منقولة من أبحاث أخرى بالولايات المتحدة وأوروبا، فأين ما يبتكره المصريون.
وما أثر هذا التكريم في نفوس العلماء والباحثين؟
تكريم الرئيس السيسي للمتميزين من علماء مصر أثلج صدورهم كما يعد حافزا لأي عالم أن يبقى في مصر ويفيد بأبحاثه وطنه.
هل أخذت المرأة حقها في البحث العلمي كالرجل؟
بالفعل تمكنت المرأة من الحصول على بعض حقوقها خاصة فى السنوات الأخيرة، ففي السبعينيات كانت رئاسة المشروعات حكرا على الرجال, وكانت المرأة تابعة لباحث كبير تعمل مساعدا له فقط، أما الآن فقد أصبحت المرأة رئيسا لمشروع علمي، لكن ما تزال الباحثات يحتجن إلى دعم، ففي هذا العام حصل 9 رجال على جائزة الدولة التقديرية وأنا المرأة الوحيدة التي حصلت على هذه الجائزة.