كتب : جلال الغندور
المرأة كائن حساس، رقيقة المشاعر، تفيض بالحب على من حولها، وتؤثر سعادتهم على نفسها، فهى الأم المعطاءة، والأخت الحنون والزوجة المحبة، لكن هناك بعض الاضطرابات النفسية التى تصيب المرأة من آن لآخر، وعلى الرغم من أن الأبحاث الطبية لا تفرق بينها والرجل فى أسباب الإصابة بالأمراض النفسية إلا أنه يبقى السؤال الذى لم تجب عنه الدراسات العلمية لماذا تعد المرأة أكثر عرضة للأمراض النفسية من الرجل؟
فى البداية يقول د. أحمد رمزي، أخصائي الطب النفسى: عادة ما تعترى المرأة بعض الاضطرابات النفسية خاصة أثناء فترة الدورة الشهرية، كما أن معظم المشكلات الزوجية تحدث في هذه الفترة، وتظهر فى شكل اضطرابات مزاجية واختلاف في طريقة التفكير، وتتفاوت من امرأة إلى أخرى، فهناك سيدات تصل لديهن الدرجة للتأثير على الحياة ككل، وهنا يأتي دور الرجل للتخفيف من حدة تلك الاضطرابات على زوجته، بينما قد يصل الأمر إلى التشنجات ما يحتاج إلى أدوية مضادة للاكتئاب، لذا أنصح المرأة التي تعاني من تلك الأعراض أن تدرك ما ستمر به من تغيرات مزاجية خلال تلك الفترة وأن تبتعد عما يسبب لها الضغوط والانفعالات، وأن تكون أكثر وعيا في التحدث عن مشاعرها النفسية.
وتابع: هناك اعتقاد خاطئ أن المرأة أضعف نفسيا من الرجل، لكن الحقائق العلمية أثبتت عكس ذلك فنسب الإصابة بالأمراض النفسية متساوية بين النوعين لكن الأعراض المصاحبة لها تختلف بينهما، فمثلا نجد أن الاكتئاب لدى المرأة يأتي بأعراض جسمانية بشكل أكبر كتساقط الشعر وآلام الظهر وضيق التنفس وتقلصات القولون ومشكلات البشرة واضطرابات مواعيد الدورة الشهرية.
وأشار رمزي إلى أن هناك العديد من الأسباب التى تتسبب فى إصابة المرأة بحالة نفسية سيئة منها تحملها الكثير من الأعباء والمسئوليات خاصة في المجتمعات الريفية والمناطق الشعبية، بالإضافة إلى القيود التى تفرض على الفتاة فى سن المراهقة والتى تحرم على إثرها من الخروج بحرية وتفريغ الطاقة في ممارسة الرياضة والمشاركة في الحياة العامة.
وأضاف: تمثل فترة الحمل والرضاعة عاملا أساسيا فى تغير الحالة النفسية للمرأة، فالحمل فى حد ذاته ضغط نفسي لما يعنيه من مسئولية جديدة تضاف على عاتقها، كما يصاحب الولادة ضغطا أكبر لما يحدث من تغيير مفاجئ لهرمونات الجسم.
نظرة المجتمع
ويقول د. عبد الهادي عيسى، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بكلية الطب جامعة الأزهر: هناك أمراض نفسية تنتشر بكثرة لدى السيدات دون الرجال، كما أن التغيرات الهرمونية التي تحدث للمرأة تجعلها أكثر عرضة لبعض الاضطرابات النفسية، إلى جانب نظرة المجتمع للمرأة والتى تحد من حقها فى التعبير عن مشاعرها الداخلية ما يجعلها أكثر عدوانية، بالإضافة إلى التغيرات العضوية التي تمر بها كوسواس أو اكتئاب أو ذهان ما بعد الولادة، والاضطرابات النفسية المصاحبة للدورة الشهرية.
وتابع: بالرغم من أن كتب الطب والحيثيات التشخيصية لا تفرق بين الرجل والمرأة بسبب أنها تأتي من الدول الغربية المتقدمة التي ساوت بينهما، إلا أن ما نشاهده في العيادات والمستشفيات في المجتمع الشرقي يغاير ذلك تماما، فتأنيب الضمير المصاحب للاكتئاب يكون مرتفعا لدى المرأة مقارنة بالرجل نتيجة للتربية الخاصة بالفتاة في مجتمعنا الذى يحمل مسئولية الأسرة ورعاية الأبناء، لذا نجد أن الأعراض الجسدية المصاحبة للأمراض النفسية أكثر وطأة لدى المرأة نتيجة للتربية التي تمنعها من التحدث بشكل أكثر صراحة عن مشاكلها الحقيقة مثل إهمال الزوج لها وتجاهله لمتطلباتها.
ونصح د. عيسى المرأة بأن تكون على علم أنها تمتلك جزءا مختلفا عن الرجل، وأن ما يعتريها من تغيرات هرمونية ميزة حباها الله بها، وأن تحرص على التعبير عن مشاعرها النفسية بوضوح لتجنب الأعراض الجسدية المصاحبة للاضطرابات النفسية، بالإضافة إلى تفريغ طاقتها الداخلية من خلال ممارسة الرياضة.