الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

الحب

  • 9-2-2023 | 17:05
طباعة

الحب هو ذلك الطفل الذى يسكننا ويكبر دون تدخل منا للسيطرة على جموحه أو حتى نستطيع تقييده، ينمو دون إرادتنا ويتحكم في قراراتنا

بعض المؤرِّخين يرجعون المفاهيم الحديثة للحب الرومانسى إلى أوروبا خلال وبعد العصور الوسطى على الرغم من وجود مفاهيم الرومانسيَّة في الشعر الكلاسيكى القديم

عندما شرعت في كتابة هذه السطور عن الحب لم أجد ما يوصف معانى الحب في مفردات كلماتى وحتى عندما دخلت على الإنترنت لمعرفة معنى الحب، جاوبتنى "ويكيبيديا" بأن الحب هو مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابيَّة والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثير، تتراوح هذه المشاعر من أسمى الأخلاق الفاضلة إلى أبسط العادات اليوميَّة الجيدة، المثال على اختلاف وتنوُّع هذه المشاعر أنَّ حب الأم أو الأخت يختلف عن حب الزوج ويختلف عن حب الطعام، ولكن بشكل عام يشير الحب إلى شعور الانجذاب القوى والتعلُّق العاطفى بالشخص.

أحيانًا يُعبِّر الحب عن الفضائل الإنسانيَّة التي تتمثَّل بالتعامل الحَسن ومشاعر الإيثار والغيريَّة والعمل على سعادة الآخرين وتحقيق الخير العام، كما يمكن أن يصف التعامل العاطفى مع بقية البشر أو الحيوانات أو حتى النفس.

يعدّ الحب بأشكاله المختلفة أساس العلاقات الشخصية بين البشر، وبسبب أهميته النفسية يعدُّ واحدًا من أكثر الموضوعات شيوعًا في الفنون الإبداعية، ويُفترض عادةً أنَّ وظيفة الحب أو غايته الرئيسيَّة الحفاظ على النوع البشرى من خلال التعاون معًا ضدَّ الصعاب والمخاطر والمحافظة على استمرار النوع.

كما حدَّد فلاسفة الإغريق خمسة أنواع من الحب: حب العائلة، حب الصديق، الحب الرومانسى، حب الضيف، حب الإله، فيما ميَّز مؤلِّفون معاصرون أنواعًا أخرى من الحب مثل: الحب دون مقابل، الحب إلى درجة الوله والافتتان، حب الذات، حب التملُّق، نجد أيضًا فى الثقافات الآسيوية أسماء وصفات مختلف للحب كحب الكلّ، حب الإله كوسيلة للخلاص، العشق وغيرها من المعاني والصفات المستخدمة في دول الشرق وحضاراته المختلفة، للحب أيضًا معانٍ دينيَّة وروحانيَّة مختلفة وهذا التنوع الكبير فى الاستخدامات والمعانى لمصطلح الحب يجعل من الصعوبة بمكان تحديد معنى الحب بشكل ثابت ودقيق مقارنة بالحالات والمشاعر العاطفيَّة الأخرى.

قد يشير مصطلح الحب إلى مجموعة متنوعة من المعانى المتشابهة ولكن في سياقات مختلفة، تستخدم العديد من اللغات الأخرى كلمات مختلفة للتعبير عن مفاهيم أو معانى تشبه كلمة حب بالإنجليزية، وفي بعض اللغات كاليونانية كما ذكرنا سابقًا يوجد أكثر من مصطلح يؤدى هذا المعنى نفسه، وقد تكون الاختلافات الثقافية بين حضارة وأخرى ولغة وأخرى هى التى تمنع وضع تعريف عالمى موحَّد لهذه الكلمة..

يشير الحبُّ عادةً إلى تجربة أو شعور شخصى تجاه شخص آخر وغالبًا ما يرتبط الحب بمفهوم رعاية شخص أو شىء والاهتمام به، بالإضافة للاختلافات بين الثقافات فى فهم الحب أو تعريفه تغيَّرت الأفكار حول الحب أيضًا وبشكلٍ كبير مع مرور الزمن فبعض المؤرِّخين يرجعون المفاهيم الحديثة للحب الرومانسى إلى أوروبا خلال وبعد العصور الوسطى على الرغم من وجود مفاهيم الرومانسيَّة فى الشعر الكلاسيكى القديم.

وغالبًا ما تقلِّل الأمثال والحكم الفكريَّة الشائعة التي تتحدَّث عن الحب أو تصفه من طبيعته المُعقَّدة والمجرَّدة، ومن أشهرها: "الحب ينتصر" لفيرجيل، "كل ما نحتاجه هو الحب" للقديس توما الأكوينى، أو كما وصفه أرسطو "الحب هو إرادة الخير للآخر"، ويقول برتراند راسل "إنَّ الحب هو قيمة مطلقة وليست نسبيَّة"، ومن جهته يصف الفيلسوف جوتفريد لابينز الحب بأنَّه "السعادة والرضا الذي نحصل عليه بسعادة شخص آخر"، في حين يُعرِّف عالم الأحياء جيريمي جريفيث الحب بأنَّه "الإيثار غير المشروط".

لكنى وبعد كل هذا لم أجد ما يصف ما أود أن أقوله عن الحب، ذلك الطفل الذي يسكننا ويكبر دون تدخل منا للسيطرة على جموحه أو حتى نستطيع تقييده، فهو ينمو دون إرادتنا بل في مرحلة معينة يتحكم هو فى إرادتنا وفي قراراتنا، فالحب الحقيقى مشاعر تتحكم بنا ويشعر بها الكبير والصغير، وهناك من يستطيع التعبير عن حبه ومشاعره، ذلك الإحساس الجميل والمشاعر العاطفية التى يشعر بها المحب ناحية محبوبه، ويمنحه الإحساس بالمتعة والسعادة، بالرغم من أنه يصعب السيطرة على مشاعر الحب فلا يعرف المحب متى بدأت لديه مشاعر الحب وكيف بدأ يشعر بالحب ناحية محبوبه، فالحب يسبّب العديد من التقلبات المزاجية فيشعر بالسعادة والغضب والحزن والحماس والارتباك فى وقت واحد.

لكن هناك علامات للحب، فعندما يشعر المحب بالراحة النفسية تجاه من يحب ويحب التكلم معه ويقدمه على نفسه إذا تعارضت المصالح والرغبة المستمرة في لقاء محبوبه، خاصة إذا كان الشعور بالحب متبادل ويفقد رشده ليبدو كطفلٍ يشعر بالسعادة مع من يحبها بل وحتى إذا وصل لأرذل العمر يرتمى في حضن حبيبه الذي يشعره بالأمان ومهما طال فراقهما أو تسببت الظروف فى بعادهما أو تخاصما ينتهى كل شيء في لحظة حضن دافئة.

لكنى شخصيًا مؤمن بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام "الأرواح جنود مجندة ما تعرف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة