بقلم – عبداللطيف حامد
دليلى احتار فى فهم عقدة د.على المصيلحى «وزير التموين» من الخبز المدعم، فالرجل لا يتوقف عن تصريحاته المستفزة، وقراراته غير المتوقعة عن رغيف العيش مما يشعل غضب الناس ضده، وآخرها ما قاله لوفد السفارة الأمريكية الأسبوع الماضى إن وزارته تصرف خبزًا مدعما لـ٩٠٪ من المواطنين، “حتى العيش الحاف مستكتره علينا، وكمان بيفضحنا عند الأمريكان”.
“هى حبكت” يا د.المصيلحى تكلم بتوع السفارة عن رغيف الغلابة، وبالأرقام للرد على استفساراتهم عن برنامج الحماية الاجتماعية للتقليل من توابع الإصلاح الاقتصادى، حتى لو على سبيل التوضيح، “بلاش تسمم اللقمة” على الناس، ولو سيادتك “مذاكر كويس” كنت افتكرت قرارات الرئيس السيسى السبعة لحماية الفقراء ودعم محدودى الدخل خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، و«لو ناسى أفكرك»، رفع المعاشات التأمينية لنحو ١٠ ملايين مواطن، وزيادة الدعم النقدى لمستحقى برنامجى تكافل وكرامة لقرابة مليون و٧٥٠ ألف مستفيد، وتطبيق علاوة دورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية مع إقرار علاوة غلاء استثنائية، إلى جانب علاوة دورية لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وعلاوة غلاء استثنائية، وزيادة حد الإعفاء وإقرار نسبة خصم ضريبى للفئات من محدودى الدخل، وكله بالأرقام، وبالمرة كنت تعمل عبقرينو الرياضيات.
الغريب أنه لا الوزير لحق ينسى ولا المواطنين طبعا «اللى كل ما بيتكلم المصيلحى» عن العيش يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من رفع سعره أو تقليل كميته، لكن الوزير بعد حديثه مع الأمريكان بيومين خرج من اجتماع مجلس الوزراء بنفس النغمة، ورشة تبكيت للغلابة حتى لو خفض المعدل، بحجة أن مصر تتيح الدعم فى الخبز لأكثر من ٨٥٪ من سكانها، وهناك ٧٩ مليون مواطن يحصلون على الخبز المدعم، يبدو أنه لا مفر من تنبيه المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء له حتى يغير «بوصلة» تصريحاته عن هذا الموضوع منعا لغضب المواطنين.
الوزير شايل الخبز المدعم على رأسه وزاعق منذ قدومه للوزارة، وكلنا «فاكرين» أزمة الكارت الذهبى لما قلص حصته ثم إلغاءه منذ عدة شهور فخرجت الاحتجاجات فى عدة محافظات منها الإسكندرية والمنيا وكفرالشيخ والجيزة، تهتف ضده بشعار«ارحل يا وزير التموين»، مع قطع شريط السكة الحديد تارة، ومحطات الترام تارة أخرى، وقتها كنت أجرى حوارا مع أستاذ علم الاجتماع السياسى د.سعيد صادق عن أسباب زيادة أو تراجع الرضاء الشعبى، وسألته عن رؤيته لهذه الاحتجاجات فقال بالحرف: الوزير المصيلحى لا يعرف مدى خطورة رغيف العيش عند المواطن البسيط، مما يجعله يتسرع فى اتخاذ قرار فى توقيت خاطئ، وعدم التمهيد له، ويكفى أن أقول له إننى شاهدت بعينى اثنين من البوابين يضعون أمامهما أكثر من ١٠ أرغفة بينما «الغموس» بجنيه طعمية، وبالتالى أى محاولة للمساس بالرغيف مخاطرة من الحكومة، كله إلا الرغيف، فعلا «عض قلبى ولا تعض رغيفى».
وما أزمة الرغيف الخامس ببعيدة، عندما استغل صناع الشائعات ما رددته الإدارة العامة للدراسات وبحوث التكاليف بوزارة التموين عن تراوح معدلات استهلاك الخبز المدعم بين ٢.٥ إلى ٣.٨ رغيف يوميا لكل مواطن، كخطوة لتخفيض حصة الفرد من العيش من ٥ إلى ٤ أرغفة، فقامت الدنيا، واضطرت الوزارة للنفى بعدما حذر الخبراء ووزراء التموين السابقين من تطبيق أى دراسة أو اقتراح أو قرار يتعلق بقوت الناس وخاصة الخبز إلا بعد عرضها على مجلس النواب ومركز معلومات مجلس الوزراء وجمعيات حماية المستهلك، مع مشاركة المواطن، واستطلاع رأيه باعتبار أن الرغيف خط أحمر، والمساس به يضر بالأمن القومى، فى حين نرى الوزير يناور من فترة لأخرى بزعم تخفيض الهدر فى العيش المدعم، ومضاعفة نقاط الخبز من ١٠ قروش إلى ٢٠ قرشا.
يا سيادة الوزير أرجوك ابتعد عن رغيف العيش، لا تتجاهل أنه كان أهم شعارات ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، عيش.. حرية عدالة اجتماعية، وركز فيما هو أهم كمراقبة انفلات الأسعار التى تكوى جيوب المصريين كل يوم، وكل محل يبيع على هواه، فى ظل غياب حملات مفتشى التموين وعدم نزولهم بصفة دورية لحماية المستهلكين من جشع التجار، إلى جانب الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية فى المحلات الكبيرة والصغيرة على السواء، مما يضرب الصحة العامة للناس فى مقتل، بينما لا حس ولا خبر لها فى أجندة تصريحات وقرارات الوزير، والتصدى لمافيا السوق السوداء، حتى لا يتاجرون فى قوت الشعب، والضرب بيد من حديد على رؤوس وأيدى الفاسدين فى منظومة التموين ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر.