عدة وقائع كشفتها الأجهزة الرقابية والأمنية مؤخراً ثثبت أن فساد الأغذية لم يعد قاصراً علي عربات الأكل في الشوارع أو المطاعم الشعبية بل وصل الأمر إلى المطاعم الشهيرة وسلاسل المحلات الراقية ومصانع للكبار الذين يحققون المليارات من الأرباح ، بعد ما توهم أصحابها وهم للأسف بعضهم من كبار رجال الأعمال أو كما يطلق عليهم المليارديرات أنهم سيفلتون بجرائمهم من الأجهزة الرقابية والسؤال هُنا، لماذا يُقدم بعض رجال المال من مليارديرات مصر على تجارة الأغذية والمنتجات الفاسدة رغم ثرائهم الشديد وأسعارهم المبالغ فيها التى يبيعون بها سلعهم ومنتجاتهم؟، لتأتى الإجابة سريعًا وبالعامية «البحر بيحب الزيادة»، وطالما أن هناك مقولة لا زالت منتشرة وهى «أن معدة المصريين تهضم الزلط!». هؤلاء يراهنون على ذلك.
ومع الأسف انتعشت تجارة الأغذية الفاسدة فى مصر، والتى قدرتها الدراسات بنحو ٢٥ مليار جنيه سنويًا.. ففى مايو الماضى كشف تقرير رسمى للهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى عن أن حملات التفتيش والرقابة على أسواق ومحال بيع اللحوم والدواجن ومنتجاتها ضبطت نحو ٥٨ ألفًا و٦٤٧ طنًا من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمى بمختلف المحافظات.
كما أعدمت وزارة الصحة والسكان ٦ أطنان و٥٤٠ كيلو جراما أغذية متنوعة و١٤٦ لتر عصائر ومشروبات لعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى بمناطق متعددة فى القاهرة والجيزة. وفى أبريل الماضى أعلنت وزارة الصحة إعدام ما يقرب من ٤٢١ طنًا و٩٢١ كيلو جراما أغذية فاسدة و٧٦ ألفًا و٤٩٦ لتر عصائر لتغيير خواصها الطبيعية وعدم صلاحيتها للاستهلاك خلال حملة استمرت ٣ أشهر.
وأثار ما أعلنه اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك مؤخرًا عن تحرير ٤ محاضر ضد ثلاث مطاعم «قدروة ومروج وأبو طاحون» الشهيرة بالجيزة لمخالفتهم قانون حماية المستهلك وضبط أغذية فاسدة، لديهم حالة من الاستياء فى المجتمع، نظرًا لشهرة هذه المطاعم بين المصريين والعرب، والارتفاع الرهيب فى أسعار وجباتها.
فمطعم «قدورة» للأسماك الكائن بشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين تم تحرير محضرين له فى قسم شرطة العجوزة، حيث كشفت حملة لجهاز حماية المستهلك عن وجود نقص شديد فى الاشتراطات الصحية، ووجود خطر داهم على الصحة يتمثل فى وجود المطبخ الخاص بإعداد وتجهيز الطعام الخاص بالمطعم مجاورًا لممر العقار الموجود به مواسير وغرف الصرف الصحي، فضلًا عن وجود حوض غسيل للأوانى أسفل مواسير الصرف الصحي.. كما تم ضبط عدد من جراكن الكريمة داخل المطعم بها تغير فى الخواص الطبيعية، وكذا تناثر كميات من الجمبرى على الأرض، كما تم ضبط مخزن لثلاجات «الديب فريزر» بالممر يعلوها مواسير الصرف الصحي.
كما تم تحرير محضر بقسم شرطة العجوزة ضد مطعم «مروج» الشهير بشارع وادى النيل فى المهندسين، وبالتفتيش تبين لأفراد حملة جهاز حماية المستهلك أن المطعم غير مرخص، بجانب وجود مخزن تابع للمطعم بالجراج أسفل المطعم، وتم ضبط كمية من اللحوم الفاسدة وزيت سبق غليه، وعبوات مشروبات غازية معدنية غير صالحة للاستخدام.. كلها بدون بيانات أو تاريخ صلاحية أو إنتاج، كما وجد نقص شديد فى الاشتراطات الصحية، مما يمثل خطرا داهما على الصحة.
وتم تحرير محضر ضد مطعم «أبو طاحون» الشهير للأسماك، وتم سحب عينات من السردين المملح، وسمك الفسيخ، وسمك الهارينج المدخن، إلى المعامل الخاصة بوزارة الصحة للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية.
جريمة أخرى فى حق المواطن، كشفتها مباحث التموين، حيث ثبت تورط محلات مملوكةلرجل الأعمال صلاح دياب فى ٢٩ قضية أغذية فاسدة وأخرى مجهولة المصدر «مهربة»، عقب حملة أمنية مفاجأة شنتها الإدارة العامة لمباحث التموين على سلسلة محلاته الشهيرة «لابوار»، و»on the run». حيث ضبطت الأجهزة الأمنية بمصنع «لابوار» فى البساتين ١٠٥ كيلو جرام سلع غذائية غير صالحة للاستهلاك الأدمى، و١٠٤ كيلو سلع غذائية بدون بيانات «مهربة».. كما تمت مداهمة فروع «لابوار» بنطاق القاهرة والجيزة وضبط بفرع محطة التعاون بشارع صلاح سالم ٧٤ عبوة مياه غذائية غير صالحة للاستهلاك الأدمى و٤ كيلو حلويات شرقية فاسدة، وفى فرع ٤٢ شارع أمين مدينة نصر تم ضبط ٥ كيلو حلويات شرقية غير صالحة للاستهلاك.
حوادث مماثلة وقعت موخرًا لمطاعم شهيرة فى مصر، ومصانع كبيرة كانت نتيجتها وجود أطعمة فاسدة أو غير صالحة للاستهلاك الآدمى، فقد تم الحكم على ناصر البرنس صاحب مطعم «البرنس» الشهير بإمبابة ٥ أعوام وإغلاق المطعم لمدة مماثلة، وتغريمه ٧٠ ألف جنيه عقب ضبط لحوم فاسدة.. وبعد فترة من حبسه حصل على البراءة عقب إعادة محاكمته مرة أخرى.
وسبقه حبس مدير مطعم «أبو رامى» الشهير بمدينة نصر عقب ضبط طن لحوم وأغذية فاسدة...
كوارث أخرى أعلن عنها اللواء أحمد الموافى مدير الإدارة العامة لمباحث التموين، عقب الإعلان عن ضبط ٧٠ مصنعا فى القاهرة والمحافظات يعملون بدون ترخيص، ويقومون بإنتاج مواد غذائية ولحوم وأسماك ومنتجات فاسدة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى.
وتشير الدراسات إلى أن عدد مصانع المواد الغذائية غير المسجلة رسميًا، يضاعف عدد المصانع المسجلة والتى يُقدر عددها بنحو ٣٠٠ مصنع، ويبلغ حجم إنتاج المصانع المخالفة نحو ٨٠٪ من الأغذية المطروحة فى الأسواق أغلبها غير صالحة.. فى حين تنتج المصانع المرخصة نحو ٢٠٪ فقط.. ويصل حجم خسائر الدولة من منتجات «بير السلم» للصناعات الغذائية وحدها بما يقدر بنحو ١٠٠ مليون جنيه سنويًا.