تشكل "جائزة عيسى لخدمة الإنسانية" مبادرة ملهمة أطلقتها مملكة البحرين تقديرا لقيم الخير والعطاء وأصحاب المساعي الإنسانية سواء مؤسسات عالمية أو أفراد مشهود لهم بالعمل الميداني على الأرض لخدمة البشرية بغض النظر عن انتماءاتهم أو معتقداتهم.
وتأسست الجائزة التي تحتل منذ انطلاقتها مكانة مرموقة بين الجوائز العالمية، بمرسوم ملكي سام أصدره الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين في عام 2009، وتمنح كل سنتين لأفضل إنجاز في خدمة الإنسانية قدمه فرد أو مؤسسة بهدف إيجاد حلول ابداعية مبتكرة للقضايا الإنسانية والاجتماعية من أجل تحسين ظروف البشرية.
وتحمل الجائزة ، التي فاز بدورتها الخامسة 2021-2022 طبيب العيون النيبالي الدكتور سندوك رويت والذي سيتم تكريمه في احتفالية ملكية كبرى غدا ، اسم أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، تخليدا لذكراه واحتفاء بمواقفه وأعماله الإنسانية وتقديرا لمكانته وللدور التاريخي الرائد الذي اضطلع به خلال فترة حكمه التي امتدت من عام 1961وحتى عام 1999، وشهدت استكمال البحرين لاستقلالها السياسي وتحولها إلى دولة حديثة ذات اقتصاد قوي ومتنوع.
وطوال سنوات حكمه الـ 38 ، تفاني الشيخ عيسى بن سلمان في العمل على النهوض بالبحرين، وتسخير مواردها في مجالات التنمية البشرية والاقتصادية والرفاه الاجتماعي، وأعلى من شأن العلم، وعزز من مكانته، واهتم بالرعاية الصحية والاجتماعية، وترسيخ دور المرأة في الحقوق السياسية والمدنية.
وتستذكر الجائزة أيضا ما اتسم به عهده من تواضع جم وحب لعمل الخير ، وجهوده المتفانية لخدمة شعبه وبناء مجتمع متسامح ينعم فيه أهل البحرين بالأمن والأمان بروح الأسرة الواحدة واحترام حقوق الإنسان.
كما تستذكر كونه رجل الوحدة الخليجية والتضامن العربي، في أصعب الأوقات وأحلكها، ورجل السلم والتعاون الدوليين، والصداقة المخلصة بين الشعوب المحبة للسلام، حيث شهدت فترة حكمه ارتباط البحرين بعلاقات ووشائج طيبة وقوية مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية فضلا عن دول العالم الصديقة.
وولد الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في عام 1933، وبعد نحو 20 عاما ترأس المجلس البلدي، وفي عام 1953 عين عضوا في مجلس الوصاية على الحكم، وبعد ذلك بثلاثة أعوام عمل رئيساً لبلدية المنامة، وفي عام 1957 أصبح وليا لعهد البحرين، وبعد مرور 4 أعوام وتحديدا في 2 نوفمبر عام 1961 تولى مقاليد الحكم في البحرين.
وشهد عهده نقلة نوعية في مختلف المجالات ، أبرزها تأسيس مؤسسة نقد البحرين (البنك المركزي) عام 1964 ، وفي العام الذي تلاه دشن الدينار البحريني الجديد، وفي عام 1971 حصلت البحرين على استقلالها عن بريطانيا في عام 1971 وأصبحت عضواً في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وبعد ذلك بعام واحد أسس المجلس التأسيسي لصياغة الدستور ، تلاه في عام 1973 تأسيس المجلس الوطني (البرلمان) ، ثم تأسيس مجلس الشورى في ديسمبر 1992.
وتؤكد "جائزة عيسى لخدمة الانسانية" إيمان مملكة البحرين الراسخ بأهمية التسامح والعيش المشترك والحرص على إبراز وتكريم أصحاب السبق في مجالات العمل الإنساني.
كما تتفرد بين الجوائز العربية، باعتبارها أول جائزة عربية في الخدمة الإنسانية، تحظى بسمعة دولية ويتقدم إليها في كل دورة مترشحون من مختلف دول العالم، تقع مسؤولية تحكيم أعمالهم على عاتق لجنة تحكيم تضم نخبة من أصحاب الخبرة والعمل السياسي والقانوني والأكاديمي يمثلون قارات العالم.
ويتحدد موضوع الجائزة وفق معايير صارمة مع كل دورة من دوراتها، بحسب حجم الإسهام والجهود الإنسانية والخيرية للمترشحين، كما يقوم فريق عمل ميداني من ذوي الخبرة والاختصاص تشكله الأمانة العامة للجائزة بزيارة ورصد الإنجازات المرشحة واختيار الأبرز منها قبل خضوعها للتحكيم، والذي يتولى بدوره اختيار الفائز.
وتغطي الجائزة 11 مجالا في خدمة الإنسانية ، وهي برامج الإغاثة والتصدي للكوارث، خدمة المجتمع، منجزات التعليم، حوار الحضارات، تعزيز التسامح الإنساني، تعزيز السلم العالمي، التحضر المدني، العناية بالبيئة والتغير المناخي، مكافحة الفقر والعوز، المنجزات العلمية والاكتشافات الرائدة، إلى جانب أي مجال يهدف لخدمة الإنسانية.
وتمنح "جائزة عيسى لخدمة الإنسانية" في احتفالية ملكية كبرى مرة كل سنتين لفرد أو مؤسسة ، وقيمتها مليون دولار أمريكي ، وميدالية من الذهب الخالص ، وشهادة تقدير عليا من عاهل البحرين.
وفاز بالجائزة في دوراتها الخمس على التوالي كل من الدكتورة الماليزية جميلة محمود عن جهودها في الإغاثة من الكوارث، والبروفيسور الهندي آشيوتا سامانتا في الإغاثة والرعاية الاجتماعية، ومستشفى سرطان الأطفال- مصر لجهوده المتميزة في الانتصار على المرض، ومؤسسة إدهي الخيرية بباكستان لجهودها في الإغاثة من الفقر والعوز، وأخيرا طبيب العيون النيبالي الدكتور سندوك رويت.