الخميس 9 مايو 2024

مازال الحلم المستحيل .. العذراء علي مسرح الدولة

27-8-2017 | 11:22

كتب : محمد جمال كساب

منذ العصور الوسطي تواظب الكنيسة في جميع انحاء العالم علي تجسيد شخصيات القديسين، السيدة مريم العذراء والمسيح عليه السلام علي مسارحها وداخل جدرانها ليشاهدها الجمهور لتقديم الموعظة والقدوة.

علي العكس نجد مسرح الدولة الرسمي يمنع ذلك نهائيا خوفا من رفض الأزهر الشريف والرقابة علي المصنفات الفنية مما يمثل مفارقة غريبة!! لذا حاولنا مناقشة هذه القضية مع المتخصصين لمعرفة أسباب المنع من الأزهر والرقابة والموافقة من الكنيسة، ومدي تأثير ذلك سلباً وإيجابا علي العملية الإبداعية والفنية وهل سيظل تجسيد العذراء والمسيح حلماً يراود الجمهور العام؟!

يقول الكاتب الكبير فيصل ندا: يجب أن تتيح الدولة مزيدا من حرية الإبداع للأعمال الفنية التي تتناول حياة الأنبياء والرسل طالما التزمت بالآداب والأخلاق وعدم الإساءة لهم فحرية التعبير متاحة للجميع. مشيراً إلي أن المسرحيات التي تعرض داخل الكنيسة وتتناول العذراء مريم والسيد المسيح عليه السلام لابد أن تعرض للجمهور العام ويجب علي وزارة الثقافة أن تسمح بعرضها في مسرح الدولة بعيداً عن هذا التصنيف والمسميات العجيبة الدينية والسياسية والإسلامية والمسيحية وغيرها.

فطالما أن الكنيسة وافقت علي تجسيدهما فلا مانع من عرضهما علي الجمهور العام ولا يحق للأزهر الشريف والرقابة الاعتراض علي ذلك لأن المسيحيين أحرار في تجسيد أنبيائهم وقديسيهم كما يحلو لهم، أما الأزهر فليس له سلطان عليهم ويقتصر دوره علي كل ما يخص الدين الإسلامي فقط. مشيرا إلي أن هناك فوائد كثيرة من تجسيدهما في اعطاء ثقافة للناس ورسالة إنسانية سامية.

أيضا المؤلف والمخرج سعيد سليمان يقول: حاولت منذ بضع سنوات تقديم شخصيتي السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عيسي عليه السلام وتجسيدهما في مسرحية من إنتاج الكنيسة التى رحبت جدا بالفكرة وبالمشروع لكن للأسف المشروع توقف نظرا لعدم وجود التمويل المالي، لكن تقديم مثل هذه الأعمال علي مسرح الدولة يواجه معوقات كثيرة منها رفض المؤسسات الدينية ممثلة في الأزهر الشريف تجسيد الأنبياء والرسل والعشرة المبشرين بالجنة في أي من الأعمال الفنية وهذه القيود تؤثر سلبا علي عملية الإبداع الفني فلو تمت الموافقة علي تجسيدهما سيتم الاكتفاء بتقديمهما بصوت الراوي أو ظهور إضاءة للإيحاء بهما سواء علي المسرح أو التليفزيون والسينما إن كان له تأثير سلبي في تجسيدهما وفي مشاهدة الجمهور لعدم اقتناعه بذلك، موضحا أن هناك فوائد كثيرة من تجسيد الأنبياء والرسل والقديسين والصحابة في أعمال فنية لأن بهم ثراء فنياً كبيراً وأحداثاً تاريخية شيقة وموعظة وتظهر سماحة الأديان التي تدعو لحب وقبول الآخر ونشر قيم التسامح والدعوة للوحدة الوطنية وتوضيح المفاهيم الصحيحة والوسطية للأديان لمقاومة التشدد والتطرف والإرهاب.

ويطالب سعيد سليمان الدولة بكل أجهزتها بضرورة تغيير القوانين العقيمة والمفاهيم القديمة من أجل السماح بتجسيد الأنبياء والقديسين في الأعمال الفنية لكي يستفيد منها الناس في ظل عصر التكنولوجيا التي قضت علي كل الممنوعات.

ويري الناقد د. أسامة أبوطالب أن السيدة مريم العذراء تمثل في الثقافة الإسلامية والعقل المصري المسلم والمسيحي مكانة عالية رفيعة ومقدسة لم تصل إليها أي امرأة أخري في تاريخ الإنسانية وهذا ما منع تجسيدها في أعمال فنية سواء مسرح أم سينما أم تليفزيون تماشيا مع تحريم الأزهر الشريف لتجسيد الأنبياء والرسل والعشرة المبشرين بالجنة والقديسين في أي من الأعمال الفنية خوفا من خدش مكانتهم والإساءة للصورة الذهنية المتخيلة لهم التي تختلف عن التي قدمها الغرب عن سيدنا عيسي عليه السلام والسيدة مريم العذراء حيث نجد بعض هذه الأعمال أظهرتهما باعتبارهما بشراً عاديين يخطئون ونالت من قدسيتهما كما في فيلمي «غواية المسيح الأخيرة» «وشفرة دافنشي» وغيرهما وبالتالي هذا ينعكس سلبا علي التصور الذي يتخيله الناس عنهما.

موضحا أن الكنيسة تقدم السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عليه السلام والقديسيين في مسرحيات كثيرة داخل جدران الكنيسة تظهرهم بشكل من التقديس والتبجيل والاحترام يليق بمكانتهم ويشاهد الأخوة المسيحيون ذلك دون أن يمثل هذا خطيئة لكن خارج الكنيسة لا توجد مسرحيات أو أفلام ومسلسلات يمكن أن تقدم عنهما خاصة في مسرح الدولة لأن الأزهر الشريف يمنع ويحرم .

وأضاف أبوطالب متابعا أن الأعمال الفنية بين المسرح والسينما والمسلسلات لو أرادوا تقديم الأنبياء والقديسين فيكتفى بحديث الراوي عنهم أو إظهار هالة نور كرمز لهم وهذا اسلوب تقليدي لا يظهر الدراما بشكل حقيقي مما ينعكس علي المتلقي الذي لا يقتنع بذلك.

ويؤكد أبو طالب الاختلاف الشديد في وجهة نظر الأزهر الذي يمنع ظهور الأنبياء والرسل.. والكنيسة التي توافق علي ذلك، مطالبا بفتح باب الحرية لتقديمهم في أعمال فنية بعيداً عن هذه القيود العقيمة ضاربا المثل بالمذهب الشيعي في إيران الذي لا يمانع علماؤه تجسيد الأنبياء والرسل في المسرح والسينما والإذاعة والتليفزيون. مؤكداً أن هناك استفادة كبيرة من تقديمهم في أعمال فنية تقدم الموعظة والاخلاق الحميدة والرسالة الهادفة للناس ونشر وسطية الأديان وقبول الآخر وما أحوجنا إلي ذلك الآن لمقاومة قوي الظلام الإرهابية المتطرفة.

    Dr.Radwa
    Egypt Air