قال الدكتور محمود الهواري الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، إننا أمام معركة تحتاج إلى قدرة فائقة لتحقيق انتصارات حقيقية فيها، ألا وهي معركة وعي، وهذا المفهوم ظُلمَ مرَّتين: مرَّةً من ناحيةِ فَهمِ معناه، ومرَّةً أخرى من ناحيةِ العملِ بمقتضاه.
أضاف «الهواري» خلال كلمته بالندوة التي تعقدها كلية الحقوق بجامعة بني سويف حول «الفكر الوسطي»، إن مصطلحُ «الوسطيَّةِ» مِن المفاهيمِ الَّتي تتباينُ فيها المواقفُ؛ فهو حقٌّ في أصلِه وجوهرِه، إلَّا أنَّ بعضَ قاصري النَّظرِ استخدموه بمعنًى يخرجُه عن المقصودِ به في دينِ اللهِ؛ وجعلوه في أيديهم سلاحًا يشهرونه في وجوه النَّاسِ؛ فإمَّا أن يكونوا وسطيِّين بفهمِهم وإمَّا أن يصبحوا متشدِّدين!
وأوضح الأمين المساعد للدعوة أن البعضُ استعمل كلمة «الوسطيَّةَ» على أنَّها مرادفٌ للتَّساهلِ والتَّفريطِ في دينِ اللهِ بدعوى «التَّيسيرِ» و«السَّماحةِ» وبالغوا في وسطيَّتِهم هذه حتَّى صارَ لها دعاةٌ وأنصارٌ، وصارَ غيرُهم من أهل العلم متشدِّدين غلاة!، لافتًا إلى أنَّ الوسطيَّةَ مِن خصائصِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ وصفاتها، وهي في الوقت نفسه مطلبٌ شرعيٌّ أصيلٌ، ومظهرٌ حضاريٌّ رفيعٌ، ولكنَّها لا تعني التَّساهل، ولا التَّشدُّد، وإنَّما هي اعتدالٌ في الاعتقاد والإيمان، والشَّريعة والفقه، والسُّلوك والمعاملة.
وأشار «الهواري» إلى أن الوسطيَّةُ تتجلّى في الإسلامِ تتجلَّى: عقيدةً، وشريعةً، وسلوكًا، ومن التَّجليَّاتِ الَّتي تتأكَّدُ حاجةُ العصرِ إليها: القبولُ الصَّادقُ للتَّعدديَّةِ، والسَّعيُ الحثيثُ لتحقيقِ التَّعايشِ وقبولِ الآخر، ورفضُ التَّعصُّبِ والجمودِ، وفتحُ آفاقِ الحوارِ المثمرِ، مؤكدًا أن الوسطية شاملة في مفهومها وتطبيقها، فليست فقط وسطية عقيدة وإنما وسطية في العبادة عمومًا، ووسطية في الأحاسيس والمشاعر.
كما اختتم اللقاء بمجموعة من التوصيات التي وجهها للشباب، ومنها: ضرورة ألا نخدع بأي فتوى تصدر من غير متخصصين في القضايا والمفاهيم اامختلفة التي نحتاج إليها في حياتنا، وألا نستمد ثقافتنا الدينية من صفحات غير معروفة، مع أهمية تحمل المسئولية والعمل الجادّ في مواجهة كل التحديات.