الجاسوس في المحمول
طرحت في المقال السابق العديد من الأسئلة عن الأخطار والتحديات التي أصبحت تواجهنا والعلاقات المتشابكة بين الماضي وأثره الآن وتأثيره على مستقبلنا بل مستقبل البشرية كلها و كيف تحول الهاتف الذكي إلى سلاح تأثيره يفوق تأثير القنبلة النووية و كيف يستخدم من قبل الخوارزمات تعمل بالذكاء الاصطناعي والتي تعرف عنك اكثر مما تعرفه أنت عن نفسك.
لم أتحدث باستفاضة عن هذا الجهاز الذي أصبح كالبلورة السحرية الذي يكشف ما تخفيه عن العالم؛ لذا فضلت أن ابدأ به خاصة وأن عدد الموبايلات في مصر وصل 98 مليون موبايل أي بنسبة 97% من عدد السكان و تجاوزت الخطوط في مصر 120 مليون خط تليفون.
ولكى تعرف الحكاية كاملة لابد أن نعرف أن هذا الجهاز استخدم في بداياته لأغراض استخباراتية في المقام الأول وعندما انتشر وظهر أجيال جديدة منه بها تقنيات أعلى تم تداوله على المستوى التجاري، بل وأن خدمات النت معظمها بدأت و مازالت لأغراض استخباراتية خاصة التطبيقات المجانية في زمن لا يوجد به شيء مجاني فلتعلم أن لم تدفع في أي سلعة مقابل فانك أنت السلعة وسأشرح هذا يشكل مستفيض في وقت لاحق.
ونعود لجهاز المحمول وصاحب هذا الاختراع الذي غير شكل العالم وحوله لغرفة ضيقة، حيث قام الدكتور مارتن كوبر المدير العام السابق لقسم الأنظمة في شركة موتوريلا باختراع أول هاتف يمكن حمله لأي مكان وإجراء مكالمات منه، وكانت أول مكالمة عام 1973.
صحيح هذه الفكرة لم تكن الأحدث لوجود محاولات بدأت من عام 1947 بأفكار الهاتف الخلوي لكن تجربة د مارتن كانت الأولى وتم طرحها للبيع عام 1984، وتطور الأمر إلى أن تم اختراع أول هاتف باللمس "تاتش" عام 1992 بواسطة شركة "أي بي أم"، وتم تطويره وطرحه للمستهلكين عام 1994، ولكن اختلف الكثير على تعريف مصطلح الهاتف الذكي وهناك من قال إنه الجوال الذي يعمل على أحد أنظمة التشغيل "أي أو أي، أندرويد، ويندوز فون، سيمبيان، لينوكس أو بلاك بيري".
وأيا كان سبب التسمية لكن المصطلح ظهر للمرة الأولى عام 1997 عندما كشفت أريكسون عن مفهومها للمصطلح، الغريب أن مصطلح ذكي تحول بعد ذلك إلى مصطلح سيء السمعة بعد أن تبين للجميع أنه مصطلح هدفه الأول التجسس واختراق الخصوصية للفرد وللشعوب ولم يقتصر التجسس عبر الهاتف فقط بل امتد لكل ما هو ذكي حتى التلفزيونات أو كل جهاز متصل بالنت، فهذه الأجهزة أصبحت تقوم بجمع البيانات والمعلومات ورصد السلوكيات والاهتمامات وغيرها من معلومات، وتقوم الخوارزمات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بجمع كل معلومات حتى لو بسيطة وتحليلها فلم يعد هناك سر خاص بالفرد أو الشعوب.
الأجهزة الذكية سمحت لنفسها أن تقتحم خصوصياتك وتدخل معك غرفة النوم لترصد أدق تفاصيل حياتك وهنا مكمن الخطورة.
هذا بالنسبة للجهاز فما بالك بالتطبيقات التي عليه والتي تعتبرك سلعة تروج لما يجول بعقلك بل وعلاقاتها بوكالات التجسس العالمية وخاصة الفيسبوك، والحرب الدائرة الآن بين بعض الدول الكبار على حظر هذه التطبيقات، والهجمات السيبرانية على منشآت حيوية وهو ما سأتناوله في المقال القادم، موضحًا بالأسماء التطبيقات التي تعمل لحساب استخبارات بعينها.