الجمعة 17 مايو 2024

العيد مع نادية لطفى: أيام الحب.. مذكراتي لا تحمل طعم السياسة

30-8-2017 | 17:57

حوار: طاهــر البهــي

تعيش النجمة الكبيرة نادية لطفى أياماً صعبة، وان كانت مستمتعة تماما بها، وهى صفة ظلت تلازمها طوال رحلة العمر، حيث تصر على أن تعيش اللحظة بكل صعوباتها ومباهجها..نعم هى تجد فى الأزمات فرجا، وفى الدموع سعادة، أما سر سعادتها فهو سيل المكالمات الهاتفية التى تنهمر عليها كرخات المطر من معجبيها وزملائها للأطمئنان على صحتها والتهنئة بحلول عيد الأضحى المبارك.. فى مستشفى المعادى العسكرى لا تقوى على استقبال كل ضيوفها، حيث تشهد أروقة المستشفى تزاحما على غرفتها بالدور الخامس من مشاهير المجتمع ومن ضيوفها من المعجبين، تسمح لهم بالدخول والتصوير كلما سمحت حالتها الصحية بذلك وسط مخاوف أسرة التمريض وكذلك «رضا» مساعدتها المخلصة التى تنظم زياراتها وتدير شئونها الخاصة، تلقيت من نجمتى المفضلة اتصالا هاتفيا تدعونى فيه برقتها الشديدة للزيارة بعد أن تعافت من أزمة طارئة تأجلت خلالها لقاءاتنا، وفى الموعد المحدد بالساعة والدقيقة ، والالتزام سمة حياة بولا محمد شفيق الشهيرة بنادية لطفى .. كنت فى حضرتها !

استأذننى فى الدخول، تسبقنى فتاتين من أسرة التمريض غاية فى الرقة والانضباط، وما أن دلفت من باب الغرفة حتى تهلل وجه بولا، بترحاب بنات البلد، بادرتنى بابتسامتها وصوتها الذى لا يفارق الوجدان المصرى قائلة: قوللى الدنيا فيها إيه؟

برغم تلقائية السؤال وبساطته، إلا أنه كاد يبكيني، ف «بولا» تكاد تشعر أن دنيانا غير دنياها، أو أنها معزولة بين الأسرة والكابات البيضاء، وهو أمر غير صحيح، فالدنيا عند قدميها لم تفارقها متعها الله بالصحة والعافية وطول العمر، وهى تتابع بشكل مستمر نشرات الأخبار، وتدعو لمصر ولزعيم مصر الرئيس عبد الفتاح السيسى بالصحة والتوفيق فى مسئولياته الجسيمة، كما أنها لا تنسى زيارة السيدة انتصار السيسى لها فى المستشفى، ولا تنام بولا إلا بعد أن تجرى عدد من الاتصالات الهاتفية بأصدقائها المقربين تتعرف خلالها على معظم الأحداث السياسية والفنية، أما أسرة التمريض فترى أنهن بناتها، يكثرن من المرور عليها والاطمئنان على حالتها الصحية.

قلت لبولا الشهيرة بنادية لطفى : هل افتقدتى جو العيد مع الملاءات البيضاء والمواعيد الصارمة للعقاقير الطبية التى تتجرعينها ليل نهار؟

أشارت الى طاولة فى ركن من الغرفة، وجدت من فوقها عشرات «دباديب» على شكل خروف العيد، عينيا مضيئتان ويصدر عنه صوت الخراف..قائلة لي: أنا اتعودت على الاحتفال بالعيد، وهى مناسبة تبهجنى وتشعرنى بالأمل والتفاؤل، وأحرص على نقل هذا الشعور للمحيطين بي، ومع وجودى فى المستشفى، حرصت على تقديم هدية تسعد الزائرين.

هذه هى بولا أو نادية لطفى التى ينتابنى الحنين فى أوقات كثيرة للكتابة عنها، من دون مناسبة ولكن الآن توجد مناسبتان: الأولى هى خروجها سالمة من أزمة صحية طاحنة، وثانيها هو تهنئتها بحلول عيد الأضحى المبارك والتعرف على جديدها وهى فى طريقها للشفاء باذن الله، يراودنى الحنين إليها ان أردت أن أمتلىء بشحنة أمل والجلوس فى حضرتها متعة وبهجة، أو ان اردت ان أتذوق طعم الأصالة، وفى معظم الأوقات أتراجع فربما غضبت «بولا»؛ فهكذا هى حساسيتها، كنيجاتيف الفيلم الرقيق، أقل حركة تتحول على سطحه إلى ضوء أبيض مشع، وتنطبع عليه صور وذكريات، ضحكات وأحزان، وهكذا «بولا» إذا ما سمعت خبرا لا تحبه، ابتعدت حتى لا تنتقل عدواها الى أصدقائها، وإذا صادفت خبرا مبهجا قد يأتيها عبر الهاتف أو من خلال القنوات الإعلامية ـ هى لا تستخدم أدوات التواصل الاجتماعي، أقبلت فى فرحة طفولية تنقله إلى كل الأصدقاء وشرف لى أننى واحدا منهم.. كم هى جميلة.. كم هى رقيقة.. كم هى صادقة.. كم هى متسامحة حتى وهى غاضبة هذه المرة!

فى هذه الزيارة أبدت لى النجمة القديرة نادية لطفى انزعاجها الشديد من خبر تداولته بعض المواقع الإلكترونية عنها، مفاده أنها بصدد نشر مذكراتها «السياسية»، وجاء اعتراضها على هذا التصنيف حادا وساخرا فى نفس الوقت، قائلة: «لما نادية لطفى تصدر مذكرات سياسية امال عصمت عبد المجيد وعمرو موسى ـ مع حفظ الألقاب وعظيم التقدير لشخصهما ـ يكتبوا مذكرات شكلها ايه، هل نقرأ يوما خبرا يقول: المذكرات الفنية للوزير الفلاني»؟!

وأضافت: ما هذا الخلط فى الأدوار والتخصصات، يا سيدى أنا فنانة ودورى ينحصر فى هذا التخصص، وصحيح أن الأدوار تتلامس ولكنها لا تختلط ولا تتشابك، وأنا ان كنت قد اقتربت من بعض الدوائر؛ فهذا من منطلق الموهبة والوظيفة التى وهبها الله لي، وهى صلات وصداقات غير قابلة للبيع ولا المتاجرة.

قلت: ولكنك حتى الأن لم تنفى خبر اعدادك لمذكراتك أيا كان التصنيف؟

لم أقم بنفى الخبر لأنه فيه جانباً من الحقيقة.

يعنى فيه مذكرات؟

ضاحكة: أيوة صحيح!

وما عنوانها؟

العنوان المبدئى «أيام الحب» وهو إسم أحد أفلامى كما تعلم.

موضوعها؟

موضوعها هو هذه الانسانة واسمها «بولا محمد شفيق» التى أصبحت «نادية لطفي» وشاء الله أن تقترب من رموز الحياة الفنية والنسيج الاجتماعى فى مصر، وفيها ذكرياتى الحميمة مع نجوم الحياة الفنية والصحفية والأدبية.

ومنهم سياسيون؟

إفرض..ولكننى حينما أتكلم عنهم وعن أحداث عشتها مع آخرين، فاننى أتحدث من منطلق فنى واجتماعى وإنساني، مش من منطلق اننى «الوزيرة نادية لطفي».

هل أنت غاضبة من صياغة الخبر؟

لست غاضبة ولكننى مندهشة، أن من يكتب يكون دقيقا فى مفرداته.

ربما يكون فى خاطره فترة تطوعك للعمل الاجتماعى الميدانى فى حقبة ما بعد نكسة ١٩٦٧، وحتى ما بعد انتصار ١٩٧٣ المجيد ؟.

شوف.. دائما الفنانون فى المقدمة..يحركهم ضمير وطنى تجاه قضايا مصيرية، حدث هذا فى أعقاب نكسة ١٩٦٧، عندما دعمت سيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم المجهود الحربي، وقادت حملة التبرع بالذهب وبدأت بنفسها ولبت النداء نساء مصر الفضليات، ثم طافت كوكب الشرق ربوع الدنيا تقيم حفلات تخصص ايراداتها لصالح اعادة بناء جيش بلادها، وفى معركة النصر العام ١٩٧٣ التف عدد من نجوم ونجمات مصر وكنت معهم، نحتضن جرحى المعارك من أبطال مصر، ونضمد جراحهم، ونهديهم باقات الورود، وأشد ما يغضبنى هو أن يتسرب عمل خير أقوم به الى الضوء، ولكن فى هذا التوقيت كانت مصر كلها تفعل ما نفعله ولكن كل بطريقته وبحسب مقدرته واستطاعته..

ولكنك كنت (الأولى) فى أحداث كثيرة يجعلك حالة خاصة فى الفن المصرى والعربي؟

حتى فى هذه أنت تتكلم عن نادية لطفى الفنانة وليست الزعيمة السياسية، وكل ما حصلت عليه فى حياتى كان من فنى ومن حب الناس لي، فعندما قرر مهرجان القاهرة السينمائى أن يجعل من «عيناي» شعارا للدورة رقم ٣٦، وكانت هى المرة الأولى فى مهرجانات العالم التى يتخذ فيها من وجه نجمة سينمائية أفيشاً للمهرجان، وهو ما أقدم عليه بشجاعة وتفرد «بوستر» الدورة رقم ٣٦ من عمر المهرجان ـ والذى يتخذ من «عينىّ» أيقونة له ـ كان هذا تكريما لمشواري، أما أدوارى الأخرى تجاه الواجب الوطني؛ فهى تكمل ملامح شخصيتي، وأنا فخورة بكل ملامحى الشخصية والفنية والاجتماعية.

إلى هنا استأذنت فى الانصراف..وسط دعوتها الكريمة للعودة فى القريب.