الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

فرحة هاني شنودة


  • 11-3-2023 | 14:38

حسين عثمان

طباعة

تابعت باهتمام شديد حفل تكريم موسيقار مصر المبدع هاني شنودة مساء الأربعاء الماضي في العاصمة السعودية الرياض، ولم أر مشهد الحفل إلا تأكيدًا وتكريمًا لريادة الفن المصري في عمومه، قدمت الحفل أنغام وأحيته مع أحمد عدوية ومحمد منير وعمرو دياب ومنى عزيز ومي فاروق ومصطفى حجاج وفرقة كايروكي يتقدمها أمير عيد، وصَاحَب الجميع أوركسترا المايسترو هاني فرحات، وأخرج الاحتفالية المخرج المبدع خيري بشارة، وتصدر الحضور رموز الفن المصري بمختلف مجالاته، مصر إذًا في صدارة الاحتفالية.

على المستوى الشخصي سعدت لأبعد الحدود بهذه الاحتفالية، وكنت قد ترقبتها بمجرد الإعلان عنها، فهي أولًا تختص بتكريم أحد أهم الفنانين المبدعين المؤثرين بامتداد العمر في جيلي الخمسيني، في وجود كبار لهم مكانة خاصة في وجداني، وصغار أحببت أن أستمع لهم كلما حانت الفرصة، كما أنها على مدار ساعتين أخذتني سنوات طويلة إلى الوراء في حالة من النوستالجيا المتجددة في حياة كلٍ منا كل آن وآخر، طالما تماست مع وجدانه أو ذاكرته أحداث آنية محفزة.

تاهت قيمة الحفل وسط لغط وسجال سطحي هو حرث في الماء في واقع الأمر، لا توجد أي منافسة من أي نوع بين مصر والسعودية، مصر حضارة ضاربة في عمق التاريخ كواحدة من أقدم حضارات العالم، والحضارة تعني ريادة تاريخية متوازنة نفسيًا لا يغرها ثناء ولا يهزها هجاء، والسعودية لا يجوز نفي مكانتها أو دورها أو مواقفها من وقت توحيد المملكة عام 1932، وحقها كامل في إعادة التأسيس بما يواكب طموحات حكامها وشعبها ولغة العصر وأدواته.

تجاهلت فئات كبيرة من الجماهير قيمة الحفل الحقيقية، واندفعت نحو تفتيش نوايا القائمين على الحفل والمشاركين فيه وحضوره، فالسعودية يرونها تجتهد في سحب البساط أو شرائه بمعنى أدق مهما كان الثمن، وهاني شنودة كان الأجدر به أن يعتذر عن عدم التكريم بالرياض تحديدًا، ونجوم الاحتفالية شاركوا لأنهم تقاضوا، وصار الحكم حادًا قاطعًا إلى حد تقصير مصر في تكريم روادها، ولو قامت مصر بواجبها فكرمت فلن يحضر نجوم احتفالية الرياض مجانًا، الشخصية المصرية تهوى المجانية كمبدأ.

ما حدث لم يؤخذ بعيداً عن قيمة حفل تكريم هاني شنودة صاحب الـ80 عامًا بارك الله في عمره وصحته وإبداعه، الذي أتى من بلد هو بالفعل شقيق في وقت تتطلع فيه المملكة إلى تجديد نفسها، وحوله نجوم أدركوا التفوق الاستثنائي بعدما أخذ شنودة بأيديهم في مقتبل العمر.

قيمة الحفل أيضًا في تجديد الوعي بتاريخ هاني شنودة، المحطة الهامة في مسار تطوير الموسيقى العربية، وأحد رواد مشروع الأغنية البديلة في السبعينيات بعد رحيل أو انعزال جيل العمالقة تباعًا، وكيف أنه استطاع أخذ الموسيقى المصرية في اتجاه مخالف تفرد نحو ستة عقود الآن، وقيمة الحفل أيضًا في أن تُنصِت الأجيال الجديدة من جمهور منير ودياب الكبير لهما وهما يعودان بالفضل لـ هاني شنودة فيما وصلا إليه، القيمة التفت إليها أصحاب النفوس الطيبة والرؤى الإيجابية.

أمس على صفحته الشخصية على "فيسبوك" حسم موسيقار مصر المبدع هاني شنودة الجدل حول تكريمه في الرياض، مؤكدًا أنه طوال ستين عامًا يُكَرَم في مصر، من خلال ما قدمه من أعمال فنية مع كبار النجوم، وما صادفه من حب ونجاح جماهيري، وأن تكريمه من بلد شقيق لا يعني أبدًا أن حقه مهضوم في بلده.

"هل كان مشوارًا طويلًا أم قصيرًا؟

طويل إذا حُسِب بالسنين.. فأنا من مواليد 1943 ولكن.. مضى المشوار كسهم انطلق!!

ولم أشعر بمرور الأيام إلا عندما نظرت في المرآة ورأيت ما فعله الزمن!!

ولكنني مُصمم على أن من خلقني لإسعاد الناس بقدرته اللامحدودة سأختم حياتي بإسعاد الناس".

دُمت مبدعًا يا فنان وتأكد أنك تُسعدنا في كل وقت.

الاكثر قراءة