قال الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ إن وسائلَ التواصلِ الاجتماعيِّ التي استحدَثَهَا الغربُ جاءتْنا حاملةً لمبادئِهِ وأفكارِهِ، فجاءتْ مُبيحةً للحرياتِ المنفلتَةِ دونَ ضوابطَ حاكمةٍ، مُنكبَّةً على الناحيةِ المادَّيةِ حتى تَطغَى على الجانبِ الرُّوحِيِّ مُستبيحَةً الخصوصياتِ في سبيلِ ذلكَ.
وأضاف عامر، في كلمته خلال المؤتمر العلمي الدولي الرابع بعنوان وسائل التواصل الحديثة بين المكتسبات الحضارية والثوابت الاجتماعية من منظور إسلامي والذي نظمته كلية أصول الدين بجامعة الأزهر اليوم، أنه انتشرتْ ثقافةُ النفعية فصار تسجيل الإعجاب على المنشورات بغرض المصالح والنفسية فقط بصرف النظر عن مضمونِ المنشورِ.
واوضح أنه انتشرَ عبْرَ هذهِ الشبكاتِ نوعٌ جديدٌ مِن المعاملاتِ بِناءً على عُملاتٍ افتراضيَّةٍ (وهْميَّةٍ) رقْميَّةٍ كـ(بيتكوين)، وصارتْ هذه المعاملاتُ تتمُّ دونَ وجودِ بنكٍ مَركزيٍّ، وصار هذا يُهدّدُ الاقتصادَ كما أنَّها وسيلةٌ للاحتيال.
وأكد عامر على دور الدعاةِ في تجديدِ الخطابِ الدينيِّ فقهًا ودعوةً، فنجد الداعيةَ يتكلمُ لأبناءِ عصرِه بلغتهم وبما يعانون التعاملَ معه، ويوجُّهُهُم فيما يحتاجونَ التوجيهَ إليه، وهذا يحتاجُ منه أنْ يُسقط ما فَهِمَهُ مِنَ التراثِ على الواقِع، وهو قابلٌ لهذا قطعًا؛ لأنَّ دينَنا عالَميٌّ خاتَمٌ مجاوزٌ لحدودِ الزمانِ والمكانِ والأحوالِ والأشخاصِ.
كما أكد أن الحق الذي لا مريةَ فيه أنَّ هذا أمرٌ يحتاجُ إلى عمَلٍ مؤسسيٍّ، فالعملُ الفَرديُّ في أحسن حالاتِهِ ليس كافيًا لسدِّ حاجةِ المجتمعِ، إضافةً إلى ما قَد يعتريه من عدَمِ اكتمالِ الرؤيةِ، وعدمِ القيامِ على أُسسٍ ودراساتٍ مُوثّقةٍ، وعدمِ السيرِ بمَنهجيّةٍ عِلميةٍ، وهذا يُؤدّي إلى التعارضِ، وهو ما يُحدِثُ بلبلةً لها من الأثَرِ السيئِ ما لا يقلُّ عن خطَرِ ما نهضَ العملُ لمحاربتِهِ.
ولتحقيق هذا لا بدَّ من أمورٍ، منها تطويرُ المناهجِ الدراسيةِ بصورةٍ دائمةِ في ضوءِ المستجداتِ المستمرةِ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، منوّهَا بما حملَتْهُ بعضُ المناهجِ الدراسيةِ في المرحلةِ الابتدائيةِ منَ التوعيةِ بهذا الشأنِ في مادة التكنولوجيا ، و اجتماع الكليات الشرعية بجامعة الأزهرِ الشريفِ على إنتاجِ مشروعٍ سَنويٍّ في العقيدةِ، وفي التفسيرِ، وفي السُّنةِ... وهكذا، تكونُ هذه الأعمالُ جسرًا عِلميًّا رَصينًا يربطُ الماضيَ (الأصالةَ) بالمستقبلِ عن طريقِ الحاضرِ (المعاصرةِ)، فهذا هو واجبُ الوقْتِ ، والتنسيقُ بينَ المؤسساتِ الدينيةِ الكبرَى الأزهرِ الشريفِ ودارِ الإفتاءِ المصريةِ ووَزارةِ الأوقافِ والكلياتِ الشرعيةِ فيما بينها لتقديمِ عملٍ متكاملٍ يُكمّلُ بعضُه بعضًا ، و تجديدُ الخطاب الدينيُّ التوعوي على ألسنة الدعاة في خُطبِ الجُمَعِ وعَبْرَ ندواتٍ ولقاءاتٍ عامَّةِ في المدارس والجامعات والأندية يتم فيها شرحُ مقوماتِ الحضارة، وبيانُ أنَّ الحضاراتِ التي تقوم على الجانب الماديّ وحدَه مع وأْدِ الجانبِ الروحيِّ ليستْ حضاراتٍ مكتملةَ التحضر.