الخميس 2 مايو 2024

صبرت على مرض أبنائها الثلاثة ووفاتهم| "زكية".. رحلة مع المحنة تكللت بالتكريم

الرائدة الريفية وابنتها وحفيدها

تحقيقات17-3-2023 | 00:07

أماني محمد

بصبر وجلد تحملت زكية محمد صابر، الحاصلة على لقب الرائدة الريفية المتميزة الأولى على مستوى الجمهورية، محنة مرض ثلاثة من أبنائها منذ السنوات الأولى لعمرهم حتى وفاتهم جميعا في السن الشباب، فكانت ترعاهم بكل جهدها بمفردها بعد أن انفصلت عن زوجها الذي أهمل أسرته وتزوج من أخرى وتركها وحيدة في وجه تلك المحنة حتى انفصلت عنه لتكمل رحلتها لرعاية أطفالهما بعد اكتشاف إصابتهم بضمور العضلات.

 

الرائدة الريفية الأولى

حصلت زكية على دبلوم فني تجاري وبعدها تزوجت وهى في سن 18 عاما، وأقامت الأم مع زوجها في بيت عائلة الزوج ورزقها الله 3 أبناء وابنة، حيث        لاحظت بعد فترة من ولادة الابن الأكبر أنه غير طبيعي وعُرض على الكثير من الأطباء الذين اكتشفوا أنه مريض بمرض ضمور العضلات، لكن الصدمة زادت بعد أن علمت الأسرة أن المرض وراثي وأن الأبناء الذكور الثلاثة مصابون به وأن والابنة حامل للعامل الوراثي.

بالفعل أصيب الأبناء الثلاثة الذكور بضمور العضلات، وحاولت الأم دمجهم بإحدى الحضانات للأسوياء لكن الأمر أدى لسوء حالتهم النفسية لضعف بنيتهم الجسدية وتنمر الأبناء بالحضانة والمحيطين بهم، وكان ذلك دافعا لها لتعمل على التوعية والتطوع في العمل الاجتماعي لنشر الوعي بضرورة دمج الأبناء ذوى الإعاقة.

ورغم مرور 24 عاما على الزواج، إلا أن الزوج أهمل أسرته وتزوج من زوجة أخرى وانفصلت زكية عنه لتكمل رحلتها مع أبنائها الثلاثة، حتى فارقوا الحياة، حيث توفي الابن الأكبر في عمر 17 عاما، وتوفي الابن الثاني في عمر 22 عاما، أما الابن الثالث فأصيب بالسرطان بجانب إصابته بضمور العضلات وتدهور حالته وتوفي في عمر 23 عام.

ورغم تلك الصدمات وعدم تجاوزها محنة وفاة أبنائها الثلاثة، كانت مع صدمة جديدة بعد أن أكرمها الله وزوجت ابنتها حيث أنجبت طفل يعاني من نفس المصير وطلقت من زوجها وعادت الابنة لتعيش مع والدتها لترعاها وحفيدها المريض.

لحظات صعبة

وتقول زكية البيدق إن الله رزقها بأبنائها الثلاثة الذكور رحمهم الله كانوا من ذوي الإعاقة، ووالدهم لم يتحمل ذلك فانفصلت عنه وجاءت إلى بلدتها في دمياط وعاشت بها، موضحة أنها كرست عمرها لتربية أولادها وتوافهم الله واحدا تلو الآخر، ثم زوجت ابنتها كل ذلك بجهدها وعملها كرائدة ريفية بجانب عمل مشروع صغير لبيع المخبوزات والحلويات من المنزل.

وتوضح في حديثها لـ"بوابة دار الهلال"، أن "أولادي كانوا عيني، فرغم أنهم كانوا معاقين لكنهم كانوا أغلى عندي من أي شخص آخر في الدنيا"، مؤكدة أنها اكتشفت إصابة أولادها بضمور العضلات بالصدقة عندما رآهم طبيب صديق والدهم كان موجودا في بيتها لزيارتهم، وطلبنا منه أن يفحص الابن الكبير لأنه كان لا يستطيع القيام أو الجلوس بسهولة، فقال لهم إن الطفل مصاب بضمور العضلات".

وأضافت أنها اعتقدت في البداية أن المرض طبيعي وله علاج وذهبنا لأكثر من طبيب، لكنهم أكدوا أن الطفل مصاب بهذا الضمور وأنه من الممكن أن يكون إخوته مصابون به أيضا، لكنها لم تعير كلامه اهتماما واعتقدت أن الطفلين الآخرين سيكونا بصحة جيدة، لكنها فوجئت بإصابتهم بنفس المرض.

وأكدت أنها كانت ترعى الأطفال وتخدمهم وجاءت بهم إلى دمياط بعد انفصالها عن زوجها الذي لم يتحمل مرض أبنائه، ولم يكن لديها أي مصدر دخل أو وظيفة، فاقترح البعض عليها أن تقدم في برنامج الرائدة الريفية، وبالفعل تقدمت إلى مديرية التضامن في المحافظة لتعمل كرائدة ريفية لكن الدخل كان 39 جنيها، وكانت تقدم المساعدات لأهالي قريتها كرائدة.

وأوضحت أن ابنها الأكبر توفي جراء المرض وكان عمره 17 عاما تقريبا، وبعدها بسنوات توفي ابنها الثاني في عمر 22 عاما، واستمرت في رعاية ابنها الثالث وتعمل طوال اليوم، مضيفة أن والدها توفي وحصلت على ورث قيمته 8 آلاف ونصف واشتر منزلها الحالي بقيمة 60 ألف جنيه، وعملت طوال الليل والنهار لتتمكن من سداد بقية ثمنه وتستقر به مع ابنها الثالث وابنتها.

وأشارت إلى أن ابنتها تزوجت، وعاشت هي مع ابنها الثالث الذي كانت حالته أصعب من شقيقيه السابقين حيث أصيب بالسرطان ثم تدهورت صحته وتوفي قبل 12 عاما، مضيفة: "كلما أتذكرهم أبكي حتى الآن وأدعو الله ألا أكون قصرت معهم في تربيتهم وخدمتهم، فكنت لهم اليد التي تناولهم الطعام وتساعدهم على الحياة وحتى دخول الحمام".

وأضافت أن الله أراد أن تعيش ابنتها نفس المصير، حيث أصيب ابنها بنفس المرض وتخلى عنها زوجها، ليعيشا ثلاثتهم معا الآن، مضيفة أنها رغم كل ذلك لا تشعر أنها ضحت بشيء بل قامت بدورها كأم تجاه فلذات أكبداها، فعندما كان أحدا يقول لها أن تتركهم لوالدهم ليتحمل مسئوليتهم كانت ترفض بشدة أن تتخلى عنهم.

وقالت إن التكريم أسعدها وجاء نتيجة حب الناس لها وحب الله لها، موضحة :الحمد لله إن ربنا وصلني للمركز داد ا بفضل الناس وحبها لي.

Dr.Randa
Dr.Radwa