الجمعة 26 ابريل 2024

سنبقى كتف في كتف

مقالات19-3-2023 | 15:09

كان مشهدا مهيبا حيث اصطف الآلاف واجتمعوا على قلب رجل واحد من أجل تحقيق هدف واحد فلم ينشغل أحدهم لتصدّر المشهد أو لعب دور البطولة، بل اصطف الجميع متجردا من الهوى تحت ظل العلم هاتفا ليحيا الوطن.

إنه التحالف الوطني للعمل التنموي الأهلي  الذي أطلق مبادرة حماية اجتماعية لمساندة الفئات الأكثر احتياجا لتخفيف أعباء وطأة أزمة اقتصادية تضرب العالم وطالت موجاتها مصر فقد وحدت أكثر من 30 منظمة مجتمع مدني جهودها في تكامل وتنسيق بديع مع جهود الدولة التي أقرت مؤخرا ما يقرب من 190 مليار جنيه كحزمة اجتماعية جديدة تسهم في تجاوز تداعيات ارتفاع الأسعار وأعباء التضخم في لوحة من التكافل المجتمعي البناء.

هذا المشهد المهيب الذي كان على رأسه رئيس الدولة يؤكد أن المجتمع المدني حين تخلص نواياه وتتجرد أجندته من أهواء غربية عمياء يمكن أن يصنع المعجزات وتتعاظم قدرته على الالتحام بالمجتمع الذي يتطلع إلى دوره كما يتطلع إلى توحيد جهود كل المخلصين في وقت الأزمات حيث أقام المشهد الحجة على هؤلاء الذين يتسترون بالعمل المدني لأهداف سياسية  فلم يعرفوا معنى لعمل منظماتهم إلا الصدام مع الدولة ونشر حالة من الاستعداء بينها وبين الناس وهي المشاهد التي بات للمصريين فيها خبرة كبيرة يستطيعون التمييز معها بين من يساندهم وبين من يستخدمهم.

ومن خلال قاعدة بيانات مدققة استهدفت المبادرة37  مليون مواطن تمكن التحالف خلال العام الماضي من توفير مجموعة من الحزم المتنوعة  سواء بتقديم الدعم النقدي  أو المساعدات الغذائية من خلال التعاون مع مبادرة حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجًا بكل محافظات الجمهورية من خلال قوافل (وصل الخير) والتي كانت خلال شهر رمضان الماضي وتكلفت ملياري جنيه.

لقد تمكنت الدولة من ترسيخ منهج الاستثمار في البشر واتخاذ تنمية الموارد البشرية وسيلة، لإعلاء المشاركة الاجتماعية فأصبحت المسئولية الاجتماعية هي إحدى السبل الرئيسية لعملية بناء الدولة من الداخل حتى بات المصريون اليوم كالجسد الواحد إذا اشتكتى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالحمى والسهر وقد ألزمت الدولة نفسها بالبحث المدقق عن الفئات التي يلزم دعمها فأسست قواعد بيانات متكاملة أعدتها هيئة الرقابة الإدارية لحصر الفئات الأكثر احتياجا والمستفيدين ضمانا للعدالة وتحقيقا للأهداف المرصودة فلم يعد هناك محتاج إلا وتتسابق الأيادي إلى مشكلاته أو أزماته دون حاجة إلى طلب أو إشارة وبالتالي استطاع كل قادر أو كل راغب في ممارسة دور اجتماعي أن يوجه فائض أمواله مطمئنا إلى أنه بات بين يد مستحقيه الحقيقيين.

لقد كان رهان الرئيس السيسي صائبا حين أعلن عام 2022 عاما للمجتمع المدني فإن التطور الذي شهده نشاط التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي منذ انطلاقه في مارس 2022 يؤكد نجاح التحالف في أن يكون ركنا مهما في عملية التنمية الشاملة بالدولة ، وداعما لمنظومة شبكات الحماية الاجتماعية بتكامل عمله مع جهود الحكومة والقطاع الخاص على امتداد محافظات مصر.

أما الرسالة الأكبر وراء مشهد احتشاد الآلاف في ستاد القاهرة فهي أن مصر ستبقى أكبر من كل التحديات مهما تعاظمت حين يبقى شعبها متماسكا على قلب رجل واحد لا يخشى مخاطر ولا يهاب تحديات بل يبقى في حالة نشاط يقظ يواجه الصعاب ويدفعها خلف ظهره لا تعوقه عن مسيرته في استكمال بناء مصر ودولته المدنية الحديثة مدركا تلك الأساليب الرخيصة التي تتاجر بآلامه وترغب في حصره في زاوية ضيقة من اليأس والشك والإحباط وهي الزاوية التي تدمرت على وقع هدر الملايين في الثلاثين من يونيو وهكذا سيكون عهد المصريين في مواجه أي تحديات سواء حالية أو مستقبلية ولا عزاء للمرجفين.

Dr.Randa
Dr.Radwa