الخميس 16 مايو 2024

أطول مائدة رحمن في التاريخ.. كيف بدأت الفكرة قديما؟

موائد الرحمن

تحقيقات24-3-2023 | 19:11

يحل علينا شهر رمضان الكريم، ويتهافت الراغبون في أخذ ثواب إفطار صائم على عمل موائد الرحمن، فنشهد الشوارع مكتظة طوال الشهر بموائد الإفطار، وسط حالة خاصة جدًا، تتفرد بها مصر، ولا توجد رواية واضحة تقطع بتاريخ بداية هذه الموائد، إلا أن جمهور المؤرخين يجمعون أن بداية هذا الطقس على شكله الحالى كانت فى مصر.

أول مائدة في التاريخ

اختلفت الروايات التاريخية في تحديد أول مائدة إفطار شهدها شهر رمضان، وأرجع المؤرخون هذا الاختلاف لاعتبارات عدة، منها شكل المائدة، والصورة الحقيقية التي بدأت عليها، إلى أن بعض الروايات أشارت إلى أن أول مائدة رحمن في التاريخ، أقامها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، للقادمين من الطائف، الذين أعلنوا إسلامهم، لكن لم تكن بشكلها الحالي، واختلف البعض على وصفها بالمائدة، رغم أن النبي ظل يرسل لهم الإفطار والسحور مع بلال بن رباح طوال الشهر.

وتقول بعض الروايات الأخرى إن أول مائدة رحمن ظهرت، كانت فى عهد الخليفة العباسي "هارون الرشيد"، الذى كان يقيم موائد الرحمن بحديقة قصره، وكان يتنكر ليجوب بين الموائد ليسأل الصائمين، عن رأيهم في الطعام.

هريسة الليث أول مائدة رحمن في تاريخ مصر

ورغم اختلاف المؤرخين حول توقيت ظهور موائد الرحمن، إلا أنهم أجمعوا جغرافيًا أن مكان ظهورها هو مصر الإسلامية؛ وقيل في عهد "الليث بن سعد" (94- 175ه)، الفقيه والمحدث وإمام أهل مصر في زمانه، إذ أنه أقام أول مائدة رمضانية، وقدم فيها الطعام للصائمين، واهتم بجودة الطعام في المائدة، حتى أنها أطلق عليها "هريسة الليث".

ويشكك بعض المؤرخين في أسبقية الليث، معتبرين أنها كانت مجرد إطعام، وليس طقسًا بدأت منه أول مائدة، وأعادوا الجذور التاريخية لانطلاق هذا الطقس إلى عهد الدولة الطولونية، وأن أحمد بن طولون (220-270هـ) حاكم مصر، ومؤسس الدولة الطولونية، هو أول من أمر بإقامة تلك الموائد، ويرجح أصحاب هذا الرأي أنه مع حلول أول أيام الشهر الفضيل، قبل حوالى 1182 عامًا، اعتاد ابن طولون أن يستدعى العلماء ورجال الدين وأثرياء وحكام الأقاليم ليوزّعهم لتولى مهام إطعام الفقراء.

ويرى البعض الآخر إلى أن مائدة الرحمن عادة جرت في العصر الفاطمي، وهو ما رواه المقريزي في مؤلفه الشهير "خطط المقريزي"، إذ يقول أن الخليفة الفاطمي اعتاد مع حلول أول أيام رمضان أن يبعث إلى بيوت القضاة والعلماء والأمراء وكبار رجال الدولة، طبقًا به حلوى ومعه صرة من ذهب، ليعم خير رمضان على سائر البلاد، ويُقال لذلك "غُرّة رمضان"، حتى توسعت هذه العادة وأصبح الخليفة يستقبل الفقراء في قصره ليستضيفهم على مأدبة طعام خيرية طوال الشهر.

أطول مائدة رحمن في التاريخ

واختفت موائد الرحمن، بعد هذا الوقت، ثم ظهرت مرة أخرى في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، حيث أقام مائدة في شهر رمضان يفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، كان المعز لدين الله الفاطمي يُخرج من قصره 1100 قدر من جميع أنواع الطعام لتوزيعها على الفقراء، وسميت في ذلك الوقت "دار الفطرة"، ووصل طول بعضها إلى 175 متر، حتى وصفها البعض أنها أطول مائدة في التاريخ، ثم بدأ الأمر يقل مرة أخرى في عصر المماليك والعثمانيين بسبب الحروب.