أكد مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أن وساطة الصين من أجل إحلال السلام في أوكرانيا من خلال المبادرة التي طرحتها الشهر الماضي تعد اختبارا حقيقيا لقدرة بكين على الحفاظ على مصالحها المتعارضة مع أطراف الصراع المتعددة.
وأوضح المقال، الذي كتبه الباحث السياسي يو جوي والحاصل على عضوية معهد تشاتام هاوس في لندن، أن المبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا تشكل اختبارا حقيقيا على قدرة بكين لتحقيق توازن في علاقاتها مع أطراف الصراع المتعددة والمتمثلة في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأخرى.
ويشير الكاتب أن العديد من وسائل الإعلام العالمية وصفت الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينج الأسبوع الماضي لروسيا والتي التقى خلالها نظيره الروسي بأنها زيارة قد تسهم في تغيير النظام العالمي الحالي، حيث أنها تأتي في وقت يواجه فيه الرئيس بوتين مساعي حثيثة من جانب الدول الغربية لعزله عن المجتمع الدولي جراء العملية العسكرية الروسية الخاصة والتي شنتها موسكو في أوكرانيا في أواخر فبراير من العام الماضي.
ويضيف الكاتب أنه في الوقت الذي تُظهر فيه الصين رغبة أكيدة في الحفاظ على علاقاتها القوية والوطيدة مع روسيا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى سوف تتمكن الصين من تقديم الدعم اللازم لروسيا في إطار تلك العلاقات المتميزة بين البلدين؟
ويسلط الكاتب الضوء على ما ورد في البيان الختامي للقمة التي جمعت بين شي وبوتين في موسكو خلال الزيارة الأخيرة والذي جددت من خلاله الصين الدعوة للتوصل لتسوية سلمية للأزمة الحادة في أوكرانيا إلا أنها لم تتناول بالتفصيل كيف يمكن لكل من موسكو وكييف التوصل لهذا الاتفاق بدون انسحاب القوات الروسية من أوكرانيا.
وتطرق الكاتب إلى الدواعي التي تدفع الصين للحفاظ على علاقاتها القوية مع روسيا موضحا أن الحدود المشتركة بين البلدين تتسع لتصل إلى 4,300 كيلومترا وهي مساحة تمثل تقريبا عرض مساحة قارة أوروبا بأكملها فضلا عن ذلك فإن الصين لايمكنها إقامة أي تعاون عسكري مع الولايات المتحدة أو أي من الدول الحليفة لواشنطن بدون إثارة مشاكل أمنية مع روسيا وبالإضافة إلى ذلك فتعزيز العلاقات مع روسيا يتسق مع موقف كل من بكين وموسكو الرافض للسياسات الأمريكية التي تسعى لبسط هيمنتها على الدول الأخرى.
ويوضح الكاتب أن حرب أوكرانيا أدت إلى توحيد صف الدول الغربية في مواجهة روسيا في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها في الآونة الأخيرة بينما تسعى القيادة الصينية إلى الحفاظ على علاقات قوية مع دول الاتحاد الأوروبي بوصفها أكبر شريك تجاري لها.
ويشير الكاتب في ختام المقال إلى أنه على الرغم من أن مبادرة السلام الصينية قد تمثل فائدة قوية بالنسبة للصين وقد تخفف من حالة العداء بين بكين والدول الغربية وهو ما يصب في مصلحة الاقتصاد الصيني إلا أن الأمر يقتضي من بكين أن تضع خطوطا حمراء واضحة فيما يخص علاقاتها بروسيا من أجل الحفاظ على مصالحها المتعارضة مع أطراف الصراع المتعددة.